رياض القرآن – روضة المستغفرين
وفقنا الله للاستغفار وجعلنا من الملازمين للاستغفار فمن لزم الاستغفار فإن الله سبحانه وتعالى سوف يغفر له ولن يرده خائباً. (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ ﴿١٤﴾ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴿١٥﴾ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴿١٦﴾ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴿١٧﴾ آل عمران) الاستغفار من القضايا التي أمر الله بها سبحانه وتعالى في القرآن الكريم كثيراً ولو تتبعها متتبع لوجدها كثيرة العدد وهذا فيه إشارة إلى أن هذا الأمر مما يحبه الله سبحانه وتعالى ويحبه نبيه صلى الله عليه وسلم وفيه إشارة إلى أنه لا يكاد يخلو أحد من الذنب الذي يستحق أن يستغفر منه والله سبحانه وتعالى يحب أن يستغفر عبده فيغفر له كما ذكر الله سبحانه وتعالى عن موسى عيله السلام (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي (151) الأعراف) فغفر له وذكر الله سبحانه وتعالى عن نوح عليه السلام أنه كان يقول لقومه (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴿١٠﴾ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴿١١﴾ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴿١٢﴾ نوح) ولذلك جعل الاستغفار من أسباب الرزق ومن أسباب نزول المطر ومن أسباب الغيث ومن أسباب انفراج الأمور ولذلك من لزم الاستغفار –كما في الحديث- جعل الله له من كل همّ فرجاً. وهو مجرّب أن من لزم الاستغفار فرج الله همه وغفر له وأن الله سبحانه وتعالى لا يتعاظمه ذنب مهما كان، ما إن يطلب العبد المغفرة فيغفر الله سبحانه وتعالى له. الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستغفر في المجلس الواحد أكثر من مئة مرة وفي روياة سبعين مرة، يكثر من الاستغفار عليه الصلاة والسلام فمن باب أولى نحن أن نُكثر من الاستغفار في مجالسنا وفي سكناتنا وفي كل وقت وهنا الله عز وجل ذكر المستغفرين بالأسحار فاستغفار أهل السحر يختلف عن الاستغفار في وقت آخر. أيضاً فيه إشارة أن الاستغفار في هذا الوقت في الغالب يصاحبه صدق ويصاحبه صفاء في القلب وهدوء في الجو مما يضفي عليه مصداقية عالية فيستجيب الله سبحانه وتعالى له. أيضاً في صفات الله سبحانه وتعالى التي وصف بها نفسه في القرآن الكريم المشتقة من المغفرة فقد وصف نفسه بأنه غافر الذنب ووصف نفسه بأنه غفور ووصف نفسه بأنه غفار فاستوعب صيغ المبالغة كلها وهو عفو فدلّ هذا على أن الله سبحانه وتعالى يحب أن يُستغفر وأن يعود إليه العبد وينيب إليه. هنا مسألة ذكرها ابن القيم رحمه الله في أنواع الاستغفار فقال رحمه الله: الاستغفار نوعان: مفردٌ ومقرون بالتوبة. فالمفرد كقول نوح عليه السلام لقومه (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴿١٠﴾ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴿١١﴾ نوح) والمقرون كقوله تعالى (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ (3) هود) فالاستغفار المفرد كالتوبة بل هو التوبة بعينها مع تضمنه طلب المغفرة من الله وهو محو الذنب وإزالة أثره ووقاية شرّه، وهذا الاستغفار هو الذي يمنع العذاب في قوله (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) الأنفال) فإن الله لا يعذب مستغفراً وأما من أصر على الذنب وطلب من الله المغفرة فهذا ليس باستغفار مطلق ولهذا لا يمنع العذاب فالاستغفار يتضمن التوبة والتوبة تتضمن الاستغفار وكل منهما يدخل في مسمى الآخر عند الإطلاق وأما عند اقتران أحد اللفظتين بالأخرى فالاستغفار طلب وقاية شرّ ما مضى والتوبة الرجوع وطلب وقاية شرّ ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله فهاهنا ذنبان: ذنب قد مضى فالاستغفار منه طلب وقاية شره وذنب يخاف وقوعه فالتوبة هي العزم على أن لا يفعل والرجوع إلى الله يتناول النوعين: رجوع إليه ليقيه شر ما مضى ورجوع إليه ليقيه شرّ نفسه وسيئات أعماله. ومما وجدته في موضوع الاستغفار في القرآن الكريم وهو موضوع واسع جداً في القرآن ولو تتبعنا مفردات (غفر) في القرآن الكريم لوجدناها كثيرة جداً. تتبعت الاستغفار كصفة من الصفات فوجدت أنه صفة الأنبياء وصفة الصالحين وأنهم هم أكثر الناس استغفاراً مع أن المتبادر للذهن أنهم هم أكمل الناس عبادة وأقل الناس استغفاراً لكني وجدت أنهم أكثر الناس استغفاراً مع كمالهم (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴿٢٨٥﴾ البقرة) فأشار إلى أنهم يطلبون المغفرة. وفي قوله سبحانه وتعالى في صفة ذلك الجيش من بني إسرائيل الذين حاربوا مع نبيهم عليه الصلاة والسلام فقال (مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴿١٤٦﴾ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿١٤٧﴾ فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٤٨﴾ آل عمران) انظر إلى هؤلاء وهم صفوة الصفوة كان من دعائهم عند مواجهة العدو طلب المغفرة ولذلك قال عمر رضي الله عنه: ما أخاف عليكم إلا ذنوبكم، ما أخاف عليكم كثرة عدوكم ولكن أخاف عليكم ذنوبكم. أيضاً في قوله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴿١٩٠﴾) ثم ذكر الله سبحانه وتعالى في آخرها (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴿١٩٣﴾). أيضاً ذكر الله تعالى عن آدم عليه الصلاة والسلام أنه كان يطلب المغفرة ويستغفر في قوله (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) الأعراف) (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) الأعراف) والله سبحانه وتعالى لا يطلب فقط أن يستغفر الإنسان بل يكون هناك مسارعة فقال (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ (133) آل عمران) (سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ (21) الحديد) (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) الأنبياء) فعلى الإنسان لا أن يستغفر ويتوب فقط بل أن يسارع وأن يبادر وأن يسابق حتى يصل إلى مغفرة الله. وسبب المسارعة في الاستغفار والتوبة هو أننا لا نعلم متى نموت فالواحد منا قد يموت قبل ـأن يقوم من مقامه وقد يخرج من البيت ولا يعود، قد يسافر ولا يعود، قد يذهب إلى عمله ولا يعود ولذلك ملازمة الاستغفار تجعل الإنسان دائماً في حفظ الله وفي ذمته. وقد تتبعت هذا في القرآن فوجد أكثر من ثلاثين آية منها قول الله سبحانه وتعالى عن سليمان عليه الصلاة والسلام (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ﴿٣٤﴾ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴿٣٥﴾ ص). ومن الملاحظ أن الاستغفار يكون للنفس ويكون للغير كما في قوله سبحانه وتعالى (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴿١٥٧﴾ وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ ﴿١٥٨﴾ آل عمران) وأيضاً في قوله (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (64) النساء) وأيضاً قال (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي (151) الأعراف) (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ﴿١٥٢﴾ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿١٥٣﴾ الأعراف). أيضاً في قصة يوسف عليه السلام عندما جاءه إخوته قال (قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) يوسف) وهذه دلالة على أن الإنسان لا بد أن يعفو ويتجاوز فيوسف عليه السلام قد لاقى من إخوانه، أصبح عبداً مملوكاً بسببهم، رُمي في البئر بسببهم، وأصبح تائهاً بسببهم وتغير مسار حياته في هذه السنوات ثم بعد ذلك يقول (قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فالمسألة تحتاج أن الإنسان يعفو ويصفح ويتجاوز عن الغير ثم يقول يا الله يا كريم أنت أمرانا بالعفو فأنا عفوت يا رب عن فلان اللهم فاعف عنه كما حدث لأحد السلف أبو عبيد الله الخواص عندما كان يقف وق شابت لحيته وكان يقف في يوم عرفة ويعتق من الرقاب الكثير ويقول يا رب هاقد أعتقت فأعتقنا يا رب. ومما يقال في مسألة الاستغفار في سورة النصر الله سبحانه وتعالى عندما أنزل هذه السورة فهم منها النبي صلى الله عليه وسلم شيئين (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴿١﴾ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴿٣﴾)) استغفره هنا لماذا أُمر بالاستغفار في هذه السورة وفي هذا الموطن؟ ثم ابن عباس رضي الله عنه وأبو بكر فهموا من هذه السورة أنها نعي وأن أجل النبي صلى الله عليه وسلم قد انتهى فلما سألوه عبد الله بن عباس كيف فهمت هذا الفهم؟ قال إن الله سبحانه وتعالى يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم دائماً في ختام كل طاعة بالاستغفار. ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله: وأرباب العزائم والبصائر أشد ما يكونون استغفاراً عقيب الطاعات لشهودهم تقصيرهم فيها وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه وأنه لولا الأمر لما أقدم أحدهم على مثل هذه العبودية ولا رضيها لسيده ففي نهاية الحج أمر الله تعالى وفده وحجاج بيته أن يستغفروه عقيب إفاضتهم من عرفات وهو أجلّ المواقف وأفضلها فقال (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴿١٩٨﴾ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿١٩٩﴾ البقرة) وفي نهاية صلاة الليل قال تعالى (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴿١٧﴾ آل عمران) قال الحسن: مدّوا الصلاة إلى السحر ثم جلسوا يستغفرون الله عز وجل. وفي نهاية الصلاة أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلّم استغفر ثلاثاً ثم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. وبعد أداء الرسالة أمره الله تعالى بالاستغفار فقال في آخر سورة أنزلت عليه (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴿١﴾ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴿٣﴾) هي آخر سورة تامة نزلت عليه وإلا خر آيات نزلت في سورة البقرة. قال ابن القيم: وخاتمة الوضوء أن يقول بعد فراغه (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) وهذا دلالة أن الاستغفار فيه تطهير وتنظيف للإنسان كلما يُذنب يستغفر يذهب عنه هذا الذنب وهذا الشيء الذي لا يريده الشيطان. هذه الكمية الهائلة من الآيات التي تحث على الاستغفار والأحاديث التي تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ملازماً للاستغفار نسأل الله أن يجعلنا من الملازمين للاستغفار وأن يغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا وما تأخر.