الكفارات تختلف في اليمين يجزئ، ولا يجب الصيام إلا عند العجز، ليس له أن يصوم إلا عند عجزه عن الكفارة بالإطعام، أو بالكسوة أو بالعتق، إذا عجز عن الثلاث صام،
أما في مسألة القتل فإن المقدم فيه العتق على الصيام وهكذا في الظهار، إذا قال لزوجته عليه كظهر أمه فإن عليه كفارة، أول عتق رقبة مؤمنة فإن عجز صام شهرين متتابعين،
وإن عجز أطعم ستين مسكيناً مرتبة، وهكذا القتل العتق أولاً فإن عجز صام شهرين متتابعين إذا قتل خطأً وهكذا الوطء في رمضان إذا وطئها في رمضان فالكفارة مرتبة،
عليه عتق رقبة مؤمنة فإن عجز صام شهرين متتابعين فإن فعجز أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاع لكل مسكين نصف الصاع، أما كفارة اليمين فيها ترتيب وفيها تخيير،
تخيير بين الثلاثة التي هي الإطعام والكسوة والعتق هذه مخير إذا فعل واحدة من الثلاث أجزأ أطعم أو كسا العشرة أو أعتق كفى، فإن عجز عن الثلاثة انتقل إلى الصيام صيام ثلاثة أيام. المفتي سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السؤال : ما هي كفارة اليمين بالتفصيل ؟
الرجاء التفضل بتفصيل كفارة اليمين .
الجواب :
الحمد لله
كفارة اليمين بينها الله تعالى بقوله: ( لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة / 89 .
فيخير الإنسان بين ثلاثة أمور:
1- إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله ، فيعطي كل مسكين نصف صاع من غالب طعام البلد ، كالأرز ونحو ، ومقداره كيلو ونصف تقريبا،
وإذا كان يعتاد أكل الأرز مثلاً ومعه إدام وهو ما يسمى في كثير من البلدان ( الطبيخ ) فينبغي أن يعطيهم مع الأرز إداماً أو لحماً ، ولو جمع عشرة مساكين وغداهم أو عشاهم كفى .
2- كسوة عشرة مساكين ، فيكسو كل مسكين كسوة تصلح لصلاته ، فللرجل قميص (ثوب) أو إزار ورداء ، وللمرأة ثوب سابغ وخمار .
3- تحرير رقبة مؤمنة .
فمن لم يجد شيئا من ذلك، صام ثلاثة أيام متتابعة .
وجمهور العلماء على أنه لا يجزئ إخراج الكفارة نقودا .
قال ابن قدامة رحمه الله : " لا يُجْزِئُ في الكفارة إِخراج قيمة الطعام ولا الكسوة ، لأن الله ذكر الطعام فلا يحصل التكفير بغيره ، ولأن الله خَيَّرَ بين الثلاثة أشياء
ولو جاز دفع القيمة لم يكن التَخْيِِيرُ منحصراً في هذه الثلاث ... " اهـ . المغني لابن قدامة 11/256 وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
( على أن تكون الكفارة طعاما لا نقودا، لأن ذلك هو الذي جاء به القرآن الكريم والسنة المطهرة،
والواجب في ذلك نصف صاع من قوت البلد ، من تمر أو بر أو غيرهما ، ومقداره كيلو ونصف تقريبا ، وإن غديتهم أو عشيتهم أو كسوتهم كسوة تجزئهم في الصلاة كفى ذلك ،
وهي قميص أو إزار ورداء ) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية 3/481 وقال الشيخ ابن عثيمين :
فإن لم يجد الإنسان لا رقبة ولا كسوة ولا طعاماً فإنه يصوم ثلاثة أيام ، وتكون متتابعة لا يفطر بينهما . اهـ .
فتاوى منار الإسلام ( 3/667 )
والله أعلم .
قال الإمام إبن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الماتع ( الفوائد ) :
الزهد أقسام : زهد في الحرام و هو فرض عين. و زهد في الشبهات و هو بحسب مراتب الشبهة فإن قويت التحقت بالواجب و إن ضعفت كان مستحبا. و زهد في الفضول. و زهد فيما لا يعني من الكلام و النظر و السؤال و اللقاء و غيره. و زهد في النفس بحيث تهون عليه نفسه في الله. و زهد جامع لذلك كله
هو الزهد فيما سوى الله في كل ما شغلت عنه. و أفضل الزهد إخفاء الزهد و أصعبه في الحظوظ. و الفرق بينه و بين الورع أن الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة. و الورع ترك ما يخشى ضرره في الآخرة و القلب المعلق بالشهوات لا يصح له زهد و لا ورع.
قال يحيى بن معاذ (1) : عجبت من ثلاث : رجل يرائي بعلمه مخلوقا مثله و يترك أن يعمله لله. و رجل يبخل بماله و ربه بستقرضه منه فلا يقرضه منه شيئا. و رجل يرغب في صحبة المخلوقين و مودتهم و الله يدعوه إلى صحبته و مودته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ( 1 ) : يحيى بن معاذ بن جعفر الرازي يكنى أبا زكريا. نزيل الري. سكن نيسابور و بها مات سنة ( 258 هـ ) هو أوسط ثلاثة إخوة كلهم زهاد...
عن شعيب بن حرب قال قلت لسفيان الثوري حدث بحديث في السنة ينفعني الله به فإذا وقفت بين يديه [ وسألني عنه ] قلت يا رب حدثني بهذا سفيان فأنجو أنا وتؤخذ، فقال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدا واليه يعود من قال غير هذا فهو كافر، والايمان قول وعمل ونية يزيد وينقص وتقدمه الشيخين. إلى ان قال: يا شعيب لا ينفعك ما كتبت حتى ترى المسح على الخفين، وحتى ترى ان اخفاء بسم الله الرحمن الرحيم افضل من الجهر بها، وحتى تؤمن بالقدر، وحتى ترى الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد ماض إلى يوم القيامة، والصبر تحت لواء السلطان جار أو عدل، فقلت يا ابا عبد الله الصلاة كلها قال: لا ولكن صلاة الجمعة والعيدين صل خلف من ادركت، واما سائر ذلك فانت مخير لا تصلى الا خلف من تثق به وتعلم انه من اهل السنة، إذا وقفت بين يدى الله فسألك عن هذا فقل يا رب حدثني بهذا سفيان بن سعيد ثم خل بينى وبين ربي عز وجل.
ذكره الإمام الذهبي
فهذه كلمة نفيسة ذكرها ابن القيم في كتابه ( الروح ) في الأسباب المنجية من عذاب القبر.
قال رحمه الله :
.... ومن انفعها ان يجلس الرجل عندما يريد النوم لله ساعة
يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه ثم يجدد له توبة
نصوحا بينه وبين الله فينام على تلك التوبة ويعزم على أن لا يعاود
الذنب إذا استيقظ ويفعل هذا كل ليلة فإن مات من ليلته مات على
توبة وإن استيقظ استيقظ مستقبلا للعمل مسرورا بتأخير أجله حتى
يستقبل ربه ويستدرك ما فاته وليس للعبد انفع من هذه النومة ولا
سيما إذا عقب ذلك بذكر الله واستعمال السنن التي وردت عن
رسول الله عند النوم حتى يغله النوم فمن أراد الله به خيرا وفقه
لذلك ولا قوة إلا بالله
من كتاب الروح لابن القيم - رحمه الله - .
( المسألة العاشرة/الأسباب المنجية من عذاب القبر )