لعل القارئ يستغرب هذا العنوان ويقول في نفسه ما وجه الشبه بين الأصدقاء والأسنان ؟
إن هذا التشبيه ذكره جد حكيم يعلم حفيده أنواع الأصدقاء ومهارات التعامل معهم
فقال له ناصحا : يا بني هذه الحياة علمتني أن أصدقاءك مثل أسنانك ،
فهم معك دائما .. يساعدونك تارة ويؤلمونك تارة أخرى ،
وعليك كذلك أن تغسلهم جيدا كل يوم مثل ما تغسل أسنانك وتحافظ عليهم لينفعوك ،
ومن يجرحك منهم أو يؤذيك فإنه مثل تسوس الأسنان فعليك إصلاحه وتقويمه ،
ومن يحبك منهم تجده ناصع البياض فتمسك به ،
والسن الذي تفقده كفقد الصديق تتألم عليه فترة من الزمن ثم يذهب ألمه ،
إلا أن الفراغ الذي يتركه السن في فمك يجعلك تتذكر وجوده ومنفعته ،
وكذلك الصديق إذا افتقدته يكون مكانه فارغا في القلب والحياة تتذكره بين حين وآخر ،
هذا التشبيه وصلني عبر الوتس أب من صديق لي فنقلته لكم لتعم الفائدة
ولا أعرف من قائله ،
ولكن المهم أن كلام الجد فيه عبرة وحكمة في مهارات التعامل مع الصديق الوفي المخلص ،
أما الصديق الأناني الذي يبحث عن مصلحته فقط ،
فهذا كالسوسة في السن لو أهملناها فإنها ستكبر ويكون ضررها وألمها كبيرا
وعلينا تقويمها وعلاجها أو إزالتها من الفم فورا.
فتشبيه الأصدقاء بالأسنان جميل جدا وأجمل منه تشبيه النبي الكريم لنوعين من الأصدقاء
وهما الأول : الصديق الصالح كحامل المسك إما أن يعطيك أو يبيعك شيئا طيبا وجميلا ،
فإن لم تأخذ منه أو تشتري منه فإنك ستشم منه رائحة طيبة ووجها بشوشا وكلمة طيبة ومحبة صادقة ، وأما الصديق السيئ (السوسة) فهذا كنافخ الكير وهو الحداد ،
فإما أن يحرق ثيابك أو تشم منه رائحة كريهة ووترى وجها مكفهرا
وكلمة عنيفة وقلبا قاسيا كقسوة ضرب الحديد وصلابته.
فأحسن الأصدقاء هم المخلصون الأوفياء وهم القلة في هذا الزمن فإن وجدناهم نحرص على التمسك بهم وتقريب المسافة بيننا وبينهم ،
وأسوأ الأصدقاء (السوسة) الذين يجرحوننا بكلامهم ويؤذوننا بتصرفاتهم ،
فهؤلاء نحرص على الابتعاد عنهم ووضع حدود بيننا وبينهم ،
وهناك أصدقاء لا من الصنف الأول ولا من الثاني فهم يسبحون بين الصنفين
فهؤلاء نلعب معهم (لعبة المسافة) ،
وهي أن نقدر مسافة بيننا وبينهم لنحمي أنفسنا ونحافظ على علاقتنا معهم بطريقة ذكية ،
فكلما كان إيذاؤهم كثيرا وشرهم كبيرا فإننا نزيد في بعد المسافة بيننا وبينهم ،
أما إن كانوا هينين لينين قريبين وسهلين فإننا نقرب المسافة بيننا وبينهم ،
ولا يوجد معيار محدد للتعامل مع الأصدقاء ولكن كل علاقة تقدر بقدرها .
ولعل أكبر مشكلة تواجهنا في الصداقة عندما يكون (السوسة) من أقربائنا ،
ففي هذه الحالة ننصح بأن نلعب معه لعبتين الأولى :
(لعبة المسافة) وقد تحدثنا عنها
، والثانية : (لعبة التحاشي) وهي أن نتحاشا القرب منه أو الصدام معه
أو حتى مخالفته بقدر الإمكان ، يعني بتعبير آخر (نشتري دماغنا)
أو (نصير أحسن منه) أو (خليك أكبر منه) ،
وتزداد المشكلة أكثر لو كان (السوسة) قريبا من الدرجة الأولى
فأفضل تكنيك في التعامل معه الصبر عليه واحتساب الأجر من الله على تحمل الأذية ،
مثل صبر آسيا على شر فرعون وإيذائه لها فدعت ربها أن يبني لها بيتا في الجنة
فلم يرضها قصر فرعون مع إيذائه وطلبت بيتا بقرب الله تعالى ،
وكما صبر النبي الكريم على شر أبي لهب عمه وزوجته وأبنائهما وإيذائه له لمدة عشر سنوات
وهو يتمنى لهم الخير ولم يقطع علاقته به ،
بل كان يتحاشاه لاتقاء شره حتى أنزل الله تعالى سورة كاملة
وهي المسد تتحدث عنه وتبشره بالنار هو وزوجته .
فالتعامل مع الناس يحتاج لمهارة وتدريب وهو جزء من الذكاء الاجتماعي
الذي يتعلمه الإنسان لكسب ودهم سواء كانوا كحامل المسك
طيبين ناصعي البياض أو كنافخ الكير المسوسين ،
والآن نهمس بأذن من يقرأ هذا المقال ونقول له إن كان لديك صديق من الصنف الأول
فاتصل به الآن وعبر عن مشاعرك تجاهه
فهو كنزك في الدنيا فاحرص عليه ،
وإن كان لديك صديق كالسوسة فادع الله أن يزيل سوسته
ويطهر قلبه ولسانه
[/QUOTE]