من بين خيوط النور التي لا أكاد أراها قادتني قدماي لأجتاح
الطريق وسط الضباب الكثيف ...
ضباب...تلك القطرات الدقيقة من الماء التي تتشكل وتتجمع
وكأنها غيوم السماء...تلك التي لا تلامس سطح الأرض ...
يحملها الهواء لامست وجهي ...وأنا أمشي في الطريق
قبل الضباب....وقبل خطى الطريق
أطلت عيناي من نافذتي الصغيرة التي بدت لي وكأن خيوط
الشمس تجمعت حولها شاققةً طريقها لها لتصل دون عناء ..
رأيت الضباب يتخلله شعاع النور ...هنا لبست وشاح الأمل
وأخذت معي قنديل الحياة
معتقداً أن شعاع النور ذاك ....لابد أن يبدد الضباب
وأن القنديل سينير دربي ...
وها أنا أنزل بخطى ثابته على سلم الظلام ..لكي أصل للطريق
(إجتياح ضباب)
وسط ذاك الطريق ..رأيت أناساً !!!
لم أميز ملامحهم ...فقد غطى الضباب ملامح الوجوه
لم أكترث وواصلت المسير...
أسمع ضحكاتهم ...وهمسات ألسنتهم لا همسات قلوبهم ...
وألوذ بالصمت
فمازلت أريد أن أكمل الطريق ..
مثابراً كما كنت ...قوي وعزمي لا يرام ..هكذا كنت
قبل أن يجتاحني الضباب...
(ملامح ضباب)
بدت خطاي في التسارع ...
اعتقدت بأني إن أسرعت سأصل لنهاية الطريق
وأترك الضباب ورائي ...وأرى النور الذي حلمت به يوماً
ثقلت قدماي ...ولم أعد قادراً على المشي بنفس السرعه...
سقط الوشاح ...وشاح الأمل...سقط دون أن أدري أين أسقطه؟؟
هل أعود من أين أتيت لأبحث عنه ...أم أكمل الطريق!!!
آثرت أن أكمل الطريق ...فما بقى إلا القليل ..وسأصل للنهاية
فأنا لا أحب أن أضيع الوقت في العودة والبحث عن الوشاح ...
فلم يبقى لي من زمن عمري إلا ساعات ...
ومازال القنديل بيدي ...آه حمداً لله ..مازال بين يدي
(خارطة الطريق)
جلست على ناصية الطريق ...فقد أتعبني طول المسير
جلست وقنديلي بجانبي ...وأخذت أردد ليت عندي خارطة الطريق..
فكثافة الضباب في ازدياد... وشعاع النور لا يرى...
ووشاح الأمل قد فقد !!
ولكن الناس يمرون ...من نفس الطريق..لا أرى ملامحهم
لكن أستطيع ان أميز بأنهم مختلفون ...لا يتشابهون ..
فكل من مر عليّ وأنا في طريق الضباب ...كان مختلفاً
لم يجمعهم سوى الضباب الذي غطى ملامحهم ...
يا الله ...متى سأخرج من هذا الطريق ...هكذا خرجت تلك الكلمات
مني بعفوية و بصوتٍ خافت
بعد مرور ساعه من زمن عمري ...
وأنا أراجع ملامح الطريق ..وأتذكر بعضاً منها ...
أدركت بأني سرت على نفس الطريق مراتٍ عدة ..
فقد إحتجزني الضباب ...وأضعت وجهتي ..
نعم ..إحتجزني الضباب ..
أشحت بعيناي لعلى أرى شيئاً
لم أرى سوى قنديل الحياة.. الذي وضعته بجانبي ...
وقد بدأ نوره يخفت
فقد إحتجزني الضباب...ضباب ..ضباب
م.ن