لقد بني في وسط المحراب للهيكل الأكبر برجا ضخما طويلا وعريضا وذو قاعدة تبلغ 92 مترا، ويرتفع فوق هذا البرج برج آخر ويرتفع على هذا الأخير من جديد برج آخر حتى يصل العدد إلى ثمانية أبراج وقد بني الدرج الذي يرقى إليه من الخارج بشكل لولبي يحيط بكل الأبراج، ونجد في وسطه محطة ومقاعد للاستراحة يجلس عليها الذين يرتقونه ليستريحوا. لم تكن فكرة العمارة العمودية.. غريبة على انظمة العمارة في بلاد الرافدين، فجذرها التاريخي يعود القهقري الى العصر السومري المبكر (3500-2800ق.م)، إذ شيدت المعابد في الوركاء عاصمة البطل (كَلكَامش): فوق دكاك منحدرة الارتفاع.. كانت تُبنى من اللبن او الحجر الكلسي.. ويرقى اليها عادة بمنحدرات ترابية او سلالم من اللِبن.. بلغ ارتفاع بعضها زهاء خمسة عشر متراً. وكان السبب لرفع معبد الإله الى مثل هذا الارتفاع في حينهِ: هو للتسامي به عن بيوت الناس.. إذ ترمز فكرة الارتفاع الى قدسية المكان في بنية الفكر الديني الرافديني .
ثم طور السومريون في عصر نهضتهم الجديدة (2112-2004ق.م) فكرة البناء المدرج.. ليعرف بالزقورة.. اذ اكتسبت هذه الابنية العالية المكونة من ثلاثة طوابق..صفة الانتظام الهندسي.. لتتدرج في ارتفاعها بشكل ايقاعي جميل.. من اكبر الطوابق في الاسفل نحو اصغرها في الاعلى، وقد شُيد هيكلها الداخلي من اللبن.. فيما غلفت من الخارج بالطابوق.. ويرتقى اليها عادة بثلاثة سلالم: احدها محوري يتعامد مع الضلع الامامي ويصل الى الطابق العلوي، أما الآخران فجانبيان ويلتقيان بالسلم المحوري في الطبقة الاولى من البناء، وتطورت فكرة الزقورة لتصبح: بمثابة واسطة للاتصال بين السماء والارض.. فقد صُممت لتسهيل هبوط الزائر السماوي الى الارض: لحل اشكالات الناس المتنوعة او ربما المستعصية.
ويصف لنا ملك بابل القوي (نبوخذ نصر) عملية بناء البرج: "اتمنانكي، البرج المدرج لمدينة بابل، الذي قام بتنظيف موقعه ابي (نبوبلاصر)، ملك بابل والذي،.. وضع حجر اساسه، وجدرانه الخارجية الاربعة. القير والطابوق بارتفاع 30 ذراع، لكنه لم يقم بتعلية قمته،.. لكني جعلت قمته تتنافس وعلو السماء، الأقوام الساكنة في اقاصي البلاد، التي بسط حكمي عليها (مردوخ)، سيدي المنتصر إله السماء، جميع الاقطار وجميع الشعوب من البحر الأعلى الى البحر الاسفل، والاقطار البعيدة، والافراد الساكنين في الأقاصي، وملوك الجبال النائية، والجزر البعيدة في وسط البحر الاعلى والبحر الاسفل، التي جعل مردوخ، سيدي، لجامها بيدي، قد دعوتها للمساهمة ببنائه، وجعلت سلة الطابوق فوق الرأس عند بناء (ايتمنانكي)..." (محمد، 1983، ص108).
تشير مقولة الملك (نبوخذ نصر): ان أبيه لم ينجز من البرج سوى ثلاثين ذراعٍ أي ما يعادل خمسة عشر متراً من علو البرج الكلي.. واستخدم (نبوخذ نصر) رجالاً من البحر الاعلى أي البحر المتوسط.. والبحر الاسفل أي الخليج العربي.. وجلب الخامات كخشب الأرز والذهب والاحجار الكريمة المتنوعة الالوان من اماكن شتى من العالم.
نستدل من المعلومات الواردة في نتائج الاكتشافات، ان برج بابل كان من الابراج المربعة القاعدة، التي كان قياسها 91.55م × 91.55م.. وبذلك يكون ارتفاعه بنفس طول قاعدته أي 91.55م.. ويعادل ارتفاعه علو عمارة معاصرة مشيدة من ثلاثين طابقاً، وبنى هيكله الداخلي باللِبن، وغُلف من الخارج بالآجر بغلاف لا يقل سمكه عن 15م. وكان يتألف من سبع طبقات اكبرها في الاسفل.. واصغرها بالاعلى.. ويتوجها معبد صغير ازرق اللون في القمة: وذلك فعل جمالي.. يُعد بمثابة (التشفير) عن محتوى رسالة.. حاملة لفكرة (اهمية) الشارة القدسية.. المرسلة نحو القوى الماورائية.
يتم الصعود الى البرج بثلاثة سلالم.. احدها محوري يتعامد مع الضلع الامامي للبرج.. ويبلغ طوله 62م وعرضه تسعة امتار، وسلمين جانبيين يتصلان به عند الطبقتين الثانية او الثالثة.. شيدا كحل (معماري) للقضاء على أزمة ازدحام الزائرين عند السلم المحوري.. في المناسبات الدينية المختلفة .
عزيزي الزائر أتمنى انك استفدت من الموضوع ولكن من
اجل منتديات شبكة همس الشوق يرجاء ذكر المصدرعند نقلك لموضوع ويمكنك التسجيل معنا والمشاركة معنا والنقاش في كافه المواضيع الجاده اذا رغبت في ذالك فانا لا ادعوك للتسجيل بل ادعوك للإبداع معنا . للتسجيل اضغظ هنا .