الرجــل الشـرقـي بالمرصــاد لعيــوب زوجتــه ..
تعاني النساء من الزوج السلبي في إحدى تعاملاته الأسرية، وتتفاقم هذه المعاناة إذا كان تدقيق الزوج يتسلط على العيوب والأخطاء التي ترتكبها الزوجة بشكل دائم أو طارئ، ويتغاضي نظر الزوج عن مزاياها وجهدها وعطائها له كزوج ولأبنائه كأسرة.
وقد يكون هذا الأمر بؤرة "النكد الزوجي" في حياة الكثير من الزوجات العربيات، ويعود سبب ذلك أن الرجل الشرقي أكثر متابعة ومعايرة لعيوب الزوجة عن غيره من رجال العالم إلى طبيعة الشرق التي تنزه الرجل عن العيب، و تلحقه بالمرأة في الكثير من الأحيان.
"لها أون لاين" يحاور سيدات يصرخن "زوجي لا يري سوى عيوبي"، وأيضًا تعرض لتجارب الرجال، ومن ثم تعرج على رأي العلم الاجتماعي في هذا الأمر.
السيدة "غادة" تبلغ من العمر -37 عامًا – تزوجت من 17 عامًا، وأصبحت أم لأربع فتيات، تعاني هذه الزوجة كثيرا من تعامل زوجها معها فيما يتعلق باعتياده اللوم والتوبيخ والتدقيق على بعض تصرفاتها ومبالغته في ذلك، يعرف الجميع أن ذلك الأمر هو "عقدة" حياتها ، تقول: "منذ تزوجت أيقنت أنه يقف بالمرصاد لأي خطأ ارتكبه بقصد أو بدون قصد، لذا حاولت أن صلح من نفسي دائما، لكنه أصبح يبالغ في تتبع أخطائي ولا يري سوى عيوبي".
هي تخاف من أن تخطأ أمام ضيف فيحرجها أمامه، أو أمام أهلها فيحزنوا عليها، أو أمام امرأة لا تحبها فتشمت بها، تقول غادة: "أراقب نفسي بطريقة أصبح الآخرين يلموني عليها، فأنا أصبحت أخاف من أي تصرف أتصرفه أمامه حتى لو كان طبيعيًا وعاديًا بالنسبة للجميع، وهدفي أصبح رضاه وصمته عني"، وترجع غادة أساس المشكلة إلى حماتها فهي التي عودت ابنها على أن المرأة آلة تفعل ما يريده ويحبه زوجها.
تشاركنا الرأي الجارة ابتسام -42 عامًا- ، فتقول: "الكثير من الرجال يبالغون في متابعة عيوب الزوجة، على أساس قناعة لديهم أنهم منزهون عن الخطأ، لكن ليس كما جارتنا غادة فزوجها لا مثيل له، هي زوجة رائعة ولديها الكثير من المزايا، لكن زوجها لا يري إلا عيوبها ويبالغ جدًا في التعاطي معها"، وتضيف: "زوجي كان يفعل ذلك في بداية الزواج لكني لم أستجيب له، ومع مرور الوقت توصلنا إلى تفاهم أن لكل منا أخطاء، وعلينا أن نصلح من أنفسنا من أجل الآخر، وأن الأمر لا يقتصر على عيوب وعادات في شخصي فقط، والحمد لله تفهم هذا الأمر جيدًا، فحتى إذا رأي منى ما لا يعجبه تعامل معي بأسلوب النصيحة بيني وبينه "وتبتسم وتقول: "يرى عيوبي ومزاياي أيضًا".
رجال لهم رأي آخر :
للرجال رأي جرئ في هذا الموضوع، أبو عبد الرحمن -27 عامًا - يُقر أنه رجل يترصد لعيوب زوجته، ويضيف الرجل المزيد عن تجربته، مؤكدا أنها خاصة ولا يبتغي من ورائها التعميم لأنه أدرك خطأه لاحقًا: "ترصدي لعيوب زوجتي كان سبب المشكلات بيننا، مشاكل قربتنا من الطلاق ، لكن الأمور الحمد لله الآن أهدأ رغم وجود مشاكل خفيفة ومخفية"، و يوضح أبو عبد الرحمن أنه لا يوجد امرأة خالية من العيوب، لكن على الرجل إدراك آلية التعامل مع عيوب زوجته حتى يصل إلى مقولتي التي نتجت عن خبرة وهي أنه أحيانًا يكون العيب ميزة حلوة في المرأة في عين الرجل".
وينفي أبو عبد الرحمن أن يكون قد أخطأ بأسلوبه في معالجة عيوب زوجته ويقول: "اتبعت كل الأساليب وطرقت كل الأبواب ولكن الطبع غلب التطبع، لم أستطع التغيير في الطرف الثاني للأفضل، كنت أتمنى أن أصلح ولو القليل على أكثر، وهذا ما تسبب لي بحالة من اليأس، ومن ثم بتحجر القلب، ومن ثم أصبحت الحياة سوداوية، ومن ثم كان الطلاق الحل الوحيد وما حال دونه ابنتي" ، ولأبي عبد الرحمن وجهة نظر وهي: أنه إذا كان الزوجان متفاهمين ومنسجمين ومتحابين لن يبحث أحدهما عن عيب الأخر، بحيث إن وجد عيب سيغض الطرف عنه، ويؤمن أبو عبد الرحمن بأنه من الممكن أن تكون المرأة مليئة بالعيوب في نظر كثير من الناس، لكن في نظر زوجها أجمل وأفضل ما في الكون.
الرجل الشرقي أكثر نقداً :
الأخصائية في مركز الصحة النفسية المجتمعية بالخليل د. نائلة الحرباوي تؤكد أن الرجل الشرقي أكثر ترصداً لعيوب زوجته ومجاهرته بها، وتضيف في حديث خاص لـ"لها أون لاين"، أن سبب ذلك طبيعة التربية والتنشئة الاجتماعية والثقافية التي يتلقها الرجل في البيت والمدرسة والمحيط الاجتماعي، قائلة:"يتربي الرجل على أنه أعلى مرتبة وأفضل من المرأة، وبالتالي دائماً هو المسيطر والمنتقد والقاضي والجلاد".
ولا يعني ذلك وفق د. الحرباوي أنه خالٍ من العيوب، بل حجته وذريعته التي يسوقها للمرأة وبخاصة الزوجة أنه الرجل، وما عليها إلا احتماله لتبقى الحياة بينهما، وتبّين أنه لا يتقبل النقد ولا يخطو باتجاه الآخر خطوة للوصول إلى حل بل يريد من الجميع تقبله.وتطرح د. الحرباوي حلولاً للمرأة التي تعاني من ترصد زوجها لعيوبها، أن تكون عارفة بحقوقها وتدافع عنها ولا تعمد إلى التغاضي بشكل مطلق عن كل زلاته، وتقول: "لا يعني ذلك أن تترصد له وتعامله نداً وإنما تشرح ما لها وتؤديه على أكمل وجه كزوجة وأم وربة منزل، وتطالب بحقوقها التي يتنكر لها الزوج تحت راية الرجولة"، مؤكدة أن الاستسلام المطلق يؤدي بها إلى معاناة كبيرة قد لا تحتملها إذا ما تراكمت، وأضافت أن المرأة يقع عليها عبء ومسؤولية في تصرفات الرجل تجاهها، لافتة إلى أن من يربي الرجل هي المرأة، لذلك تنصح د. الحرباوي بضرورة الانتباه لتربية الابن وتعريفه بدوره وحقوقه وواجباته المنوطة به، وأن تعمد إلى غرس ثقافة التكافؤ في نفسه، وأضافت: إن كان الرجل محقاً في بعض انتقاداته، فعلى المرأة أن تتوخى الحذر، وأن تجتهد في التخلص من عيوبها، سواء في سلوكها أو في طباعها، موضحة أن ذلك يؤدي بالفريقين إلى بر الأمان.
آخر تعديل جروح الم يوم
13 - 1 - 2015 في 05:06 PM.