حائل ( صدى ) :
توالت المفاجآت في قضية الطفلة نورة الرشيدي المعنفة من والدتها، بعدما أكدت عقب وضعها في دار الحماية الاجتماعية بحائل، أنها كانت تتعرض للتعنيف يوميًّا من والدتها، لدرجة “سكب الزيت الحار على جسدها”.
وفيما تخضع “الرشيدي” لفحوص طبية وتقييم نفسي في دار الحماية بالقصيم (بعد قرار سحبها من والدتها)، تحاول إدارة الحماية في حائل ، إقناع والدتها بالخضوع للعلاج النفسي، لكنها ترفض تمامًا.
واعترفت الأم بحزنها الشديد لابتعاد ابنتها، مؤكدةً أنها “لم تعذبها، وأن كلام الناس ذبحها عقب تفجُّر القضية”، وتساءلت: “كيف لأم أن تعذب ابنتها؟!”.
وقالت: “ما حدث لابنتي قضاء وقدر”، وإنها لم تسكب الزيت الحار على طفلتها، ولم تقيدها بالسلاسل، رافضةً نص التقرير الطبي الذي يثبت تعرض نورة لحروق في مناطق من جسدها، لكن الوالدة أكدت أن الحروق كانت نتيجة إشعال الابنة النار بغرض تدفئة ماء للاستحمام، فلم تنتبه الطفلة للغاز المتسرب، فيما كانت الأم تؤدي صلاة المغرب، وانفجر الغاز في وجه الطفلة لتصاب بحروق في الوجه والأرجل والكفين.
وتحدثت والدة الطفلة عن حياتها قبل وبعد زواجها وإنجاب نورة وإخوتها؛ حيث أشارت إلى أن نورة وُلدت في جبل في بر حائل دون مساعدة، وبعدها رُزِقتْ ببقية إخوتها.
عاشت الأم -على حد وصفها- “حياة بائسة بعد وفاة والدتها”، بعدها “تولت تربيتي زوجة أبي التي كانت تذيقني أصناف العذاب”؛ حيث “كانت تعمل مستخدمة في إحدى المدارس بالعراق، وكانت ترميني بالحجارة، فضلًا عن كثير من الإهانة والضرب”.
وتضيف: “جئت مع أسرتي إلى السعودية هربًا من حرب الخليج الأولى، وتعرفت إلى زوجي أبو نورة، وتقدم لخطبتي وأتممنا مراسم الزواج، وعشنا في حفر الباطن سنتين لننتقل بعدها إلى حائل، وحينها كانت الأوراق الثبوتية لزوجي مرهونة عند صديق له في مدينة الدمام. وبعد 12 سنة، تمكنت من إضافة أولادي واستخراج أوراق لهم”.
ولا تعرف أم نورة بعد خروجها من العراق شيئًا عن عائلتها؛ هل هم أحياء أم أموات، لكنها تذكر أن شقيقيها سعد ورعد توفيا: الأول بسبب حادث والثاني بسبب هبوط في السكر، ولا تعرف شيئًا عن أبيها.
وأوضحت أنها لم تكمل دراستها: “كنت أدرس ثانوية منازل، وتركتها لأعمل في مشغل نسائي بعد أن أخذت قرضًا ماليًّا، ولم أتمكن من الاستمرار؛ لارتفاع سعر الإيجار”.
وترى والدة “نورة” أن طفلتها عنيدة: “كثيرًا ما كانت تريد ارتداء البنطلون”، و”لم أكن أحمّلها فوق طاقتها؛ فما كانت تقوم به من مساعدة لي أمر معتاد لدينا كبدو.. كانت تطبخ الغداء لإخوتها بسبب ظروفي الصحية التي تدهورت عقب وفاة أبيها بسبب خطأ طبي أثناء إجراء عمليات جراحية بعد تعرضه لحادث دهس”.
وكان والد نورة يعمل في شركة أرامكو ويتقاضى راتبًا شهريًّا قدره 4 آلاف و400 ريال، لكن رواتبه متوقفة منذ وفاته؛ لأنها لم تحصل على صك الولاية لأولادها؛ بسبب وجود المُزَكِّين والشهود خارج المنطقة، ولفتت إلى أن سحب نورة منها سيتسبب في تأخر صرف الراتب أكثر.
وعن منع إخوة نورة من الذهاب إلى المدرسة، قالت إنهم أصيبوا بالقمل، ورفضوا الانتظام في الدراسة، وأضافت أنهم لا يزالون مصابين رغم استخدام الأدوية.
وأبلغت الطفلة نورة في وقت سابق، مديرتها السابقة بالابتدائية “العشرون” بطلب حمايتها من والدتها، وكشفت أنها كانت تُعنف يوميًّا وتقوم بأعمال شاقة في المنزل خلال البرد شتاءً والحر صيفًا، كما أنها كانت تُحرَم من أبسط حقوقها في الراحة ويتم حرمانها من الأكل.
وتقدمت “نورة” بالشكر إلى مدير الشؤون الاجتماعية سالم عبدالكريم السبهان، على حمايتها مما تتعرض له على يد والدتها، طالبةً مساعدة شقيقاتها الثلاث (كفاح وبسمة وفرح) وإرجاعهن إلى المدرسة بعد انقطاعهن عن الدراسة بسبب والدتهن.
وكان مدير الحماية الاجتماعية في مدينة حائل فهد العتيبي، كشف في تصريحات سابقة، أن التقارير الطبية تؤكد أن الأم مصابة بالسيكوباتية، وقال: “لا بد من حل الأمور حلًّا وديًّا؛ لضمان عدم تفكك بقية أفراد الأسرة”.
وتقيم الطفلة في دار حماية في القصيم، وأكد مديرها محمد الثويني ، أنها بحالة جيدة، وأنها طيبة ومطيعة ومتعاونة؛ حيث خضعت للتحاليل والفحوصات الطبية، برفقة الاختصاصيات، بعد فتح ملف علاجي لها، مع العمل على تقييمها نفسيًّا، بعد تعزيز القدرات النفسية لديها؛ إذ ستخضع لجلسات علاج نفسي مكثف، وستدعم بدورات تطوير لمهاراتها وتنمية لقدراتها، وستلتحق بالدراسة العام المقبل إن أمكن.
وشكلت إمارة حائل لجنة من الشرطة ومندوب من الحماية، لتولي شأن الأسرة من الأسبوع المقبل؛ حيث ستنتقل الأسرة إلى سكن جديد؛ نظرًا إلى تهالك القديم.