اجعل بينك وبين الله سرا
الحمدلله وحده وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد :
ما أجمل أن يكون لك أخي الكريم عملا صالحا بينك وبين الله لا يعلمه إلا الله ، ولا يعلمه أقرب الأقربين إليك ...
كالدعاء مثلا :
قال الله تبارك وتعالى : {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (55) سورة الأعراف أي ادعوا أيها الناس ربكم وحده فأخلصوا له الدعاء دون ما تدعون من دونه من الآلهة والأصنام أو السادة والأولياء
تضرعا أي تذللا واستكانة لطاعته ...
وخفية أي بخشوع قلوبكم وصحة اليقين منكم بوحدانيته فيما بينكم وبينه لا جهارا مراءاة وقلوبكم غير موقنة بوحدانيته وربوبيته فعل أهل النفاق والخداع لله ولرسوله ...
روى ابن جرير الطبري بسنده ج8/ص206 عن الحسن قال :
(( إن كان الرجل لقد جمع القرآن –أي حفظه - وما يشعر جاره وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزوار وما يشعرون به
ولقد أدركنا أقواما ما كان على الأرض من عمل يقدرون على أن يعملوه في السر فيكون علانية أبدا
ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم وذلك أن الله يقول
ادعوا ربكم تضرعا وخفية وذلك أن الله ذكر عبدا صالحا فرضي فعله فقال إذ نادى ربه نداء خفيا ))
وفي صحيح البخاري ومسلم :
عن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قال كنا مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكُنَّا إذا أَشْرَفْنَا على وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( يا أَيُّهَا الناس أربعوا على أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ ولا غَائِبًا إنه مَعَكُمْ إنه سَمِيعٌ قَرِيبٌ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ )) .
وكالصدقة مثلا تأمل معي قوله تعالى في خيرية الصدقة الخفية قال تعالى :
{إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ } (271) سورة البقرة قال ابن جرير في تفسيره ج3/ص92
وإن تستروها فلم تعلنوها وتؤتوها الفقراء يعني وتعطوها الفقراء في السر فهو خير لكم يقول فإخفاؤكم إياها خير لكم من إعلانها .
وقد كان بعض السلف يبكي من خشية الله في مضجعه حتى تبتل وسادته وزوجه نائمة جنبه ولا تشعر به .
وفق الله الجيع لما يحبه ويرضاه ,
ك\د\نايف العتيبي