تولى السلطان عز الدين أيبك حكم مصر في الفترة (1250 - 1257) حيث توفي في تلك السنة في القاهرة.
أصله من مماليك السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب اشتراه في حياة والده الملك الكامل محمد وتنقلت به الأحوال عنده ولازم أستاذه الملك الصالح في الشرق حتى جعله جاشنكيره. واستمر على ذلك إلى أن قتل المعظمتوران شاه وملكت شجرة الدر بعده. ورفض الأيوبيين في سوريا والخليفة العباسي المستعصم بالله في بغداد تولي المماليك السلطة ورفضوا الإعتراف بشجرة الدر كسلطانة. [5] واتفق الأمراء على سلطنة الملك المعز أيبك هذا وسلطنوه بعد أن بقيت الديار المصرية بلا سلطان مدة وتشوف إلى السلطنة عدة أمراء فخيف من شرهم ومال الناس إلى أيبك المذكور وهو من أوسط الأمراء ولم يكن من أعيانهم غير أنه كان معروفا بالسداد وملازمة الصلاة ولا يشرب الخمر وعنده كرم وسعة صدر ولين جانب. وقالوا أيضا: هذا متى أردنا صرفه أمكننا ذلك لعدم شوكته وكونه من أوسط الأمراء. فبايعوه وسلطنوه وأجلسوه في دست الملك في أواخر شهر ربيع الآخر سنة 864 هـ. إرتقاء السلط
بعد ما تبدى من شعور الأمراء في سوريا ورفضهم لأحقية شجرة الدر في العرش ، فقد تزوجت شجرة الدر من عز الدين أيبك ليتسلم مقاليد الحكم وذلك بعدما حكمت مصر لمدة 80 يوما فقط.[6]
وقد أخد عز الدين أيبك بصفته سلطان جديد لمصر ، اللقب الملكي الملك المعز. وبعد ذلك إعتمد السطان أيبك في حكمه على ثلاثة مماليك هم: الظاهر بيبرس ، و فارس الدين أقطاى و بيلبان الرشيدي.[7][8] الصراع مع الأيوبيي
الناصر يوسف الأيوبى ملك دمشق والذي أصبح الشام كله بيده [9] بعث بجيش إلى غزة للاستيلاء على مصر والاطاحة بأيبك لكن سيف الدين أقطاي تصدى له [10]. ثم قام الناصر بمحاولة جديدة قاد فيها جيشا كبيرا إلى مصر وتمكن من كسر ميسرة جيش أيبك في معركة جرت بالقرب من الصالحية وفر عسكر أيبك إلى القاهرة وتبعهم عدد من عسكر الناصر واتضح للناس أن الناصر قد انتصر فخطب له بالقاهرة ومناطق آخرى من مصر, في غضون ذلك أرض المعركة ما تزال المعارك دائرة بين جيش الناصر وأيبك, وأستولت البحرية بقيادة أقطاي على سناجقه ونهبت أمواله ووقع في الأسر عدد كبير من عسكر وأمراء جيشه كان من بينهمتورانشاه وأخاه نصرة الدين محمد والملك الأشرف. بعدها بقليل استولى فارس الدين أقطاى على الساحل ونابلس إلى نهر الأردن [11].
في عام 1252 وردت الأنباء بأن الجيش المغولي بقيادة هولاكو قد اقتحم الحدود الشرقية للعالم الإسلامي وانه ينوى الاستيلاء على بغداد فقام أيبك بازاحة الملك الأشرف موسى من تخت السلطنة وسجنه ونصب الأميرسيف الدين قطز نائبا له ثم نفى الأشرف في وقت لاحق إلى الأراضى البيزنطيه وكان الأشرف موسى آخر من خطب له من بيت أيوب بالسلطنة بمصر [12][13][14]. بسبب الوضع دعم مركزه داخل مصر وقد تمكن في عام 1253 من خلال التفاوض الذي أشرف عليه الخليفة العباسي من عقد صلح مع الناصر[15] تم له بمقتضاه الاتفاق على المناطق التابعة لكلا الجانبين [16]. تمرد الأعراب
في عام 1253 نشب تمرد خطير في مصر الوسطى والصعيد قامت به القبائل العربية المقيمة بمصر بزعامة حصن الدين ثعلب الذي تصدى له الأمير فارس الدين أقطاى وانتصر عليه بالقرب من ديروط وأخمد ثورته. بعد أن منح أيبك الأمان لثعلب استدعاه وسجنه بالأسكندرية[17][18]. نجاح فارس الدين أقطاى في سحق تمرد ثعلب ومن قبل في الانتصار على جيش الناصر يوسف منحاه ومعه مماليكه البحرية مكانة ونفوذا جعلت أيبك يتوجس منهم ويعتبرهم مصدرا للتهديد على سلطنته [19][20]. عندما طلب أقطاى من أيبك سكنى القلعة مع عروسه التي سيعقد عليها وكانت أختا للملك المظفر صاحب حماة لاح لأيبك أن أقطاي ومماليكه البحرية قد تجاوزوا كافة الاعتبارات فقرر القضاء على أقطاي[21][22].
الاطاحة بالمماليك البحري
تآمر أيبك مع قطز والمماليك المعزية على اغتيال فارس الدين أقطاي والقضاء على مماليكه فقام أيبك بدعوة أقطاى إلى قلعة الجبل لأخذ مشورته في أمر ما واغتاله[23][24]. في بادئ الأمر ظنت مماليك أقطاى أن أيبك قد حجز زعيمهم في القلعة فلما تجمعوا عندها للمطالبة بالافراج عنه ألقيت اليهم رأسه فأصيبوا بالفزع وأيقنوا أن أيبك قد عزم على القضاء عليهم ففروا من مصر أثناء الليل[25]. وهربت جماعة منهم إلى سلطنة الروم السلاجقة وآخرى إلى الكرك وثالثة إلى سوريا [26]. وكان من بين تلك الجماعة الأخيرة بيبرس البندقدارى وقلاوون الألفى وسنقر الأشقر [23][27]. ولاحق أيبك البحرية الفارين فصادر أموالهم وممتلكاتهم واسترد مدينةالإسكندرية التي كان أقطاى قد اقتطعها لنفسه من خاص السلطنه في عام 1252 وأعاد للناصر البلاد التي كان قد اقتطعها للبحرية بالساحل من قبل[28]. وأرسل إلى حكام المناطق التي فروا إليها يحذرهم منهم ويحرضهم عليهم [26]. أما البحرية الذين لم يتمكنوا من الفرار من مصر فقد قام أيبك بالقبض عليهم وأعدم بعضهم ونودى في مصر بتهديد من أخفى أحد من البحرية [27].
أما المماليك البحرية فقد اعلنوا ولائهم للملك الناصر يوسف في دمشق بسوريا بأنهم قد وصلوا إلى خدمته فسمح لهم بدخول مملكته وخرج إلى لقائهم وأكرمهم وأنعم عليهم [23][27].
الصراع مع البحرية والأيوبيين
كان لاغتيال فارس الدين أقطاى وفرار البحرية نتائج داخلية هامة منها بزوغ نجم الأمير سيف الدين قطز الذي أصبح أقرب المماليك إلى أيبك وأحبهم اليه, ومنها انقسام المماليك منذ ذلك الحين إلى فريقين هما المماليك البحرية والمماليك المعزية [29][30][31].
في عام 1255 تمرد شبيه اسمه عز الدين أيبك الأفرم وهو من المماليك الصالحية [32] على السلطان أيبك وسار إلى الصعيد وقام بجمع الأعراب فسير اليه أيبك العسكر بقيادة وزيره الأسعد شرف الدين الفائزى [33] الذي تمكن من
اخماد التمرد[34].
أصبح أيبك - مع زوجته شجر الدر ونائب السلطنة قطز - الحاكم الأوحد لمصر. إلا أن وجود البحرية الفارين وعلى رأسهم بيبرس البندقدارى وقلاوون الألفى وبعض الأمراء الكبار عند غريمه الايوبى الملك الناصر ودخولهم في خدمته كان يقلقه. فالمماليك في الشام راحوا يحرضون الملوك الأيوبيين على غزو مصر والإطاحة بأيبك [29][35][36] قام الناصر يوسف بارسال قوات من الشام إلى مصر للقضاء على أيبك كانت تضم المماليك البحرية مع عسكره. نهاية السلطان أيبك
بحلول عام 1257 كان سوء العلاقات بين أيبك وزوجته شجر الدر قد وصل إلى ذروته وتزايدت الوحشة بينهما بسبب تسلط شجر الدر على الحكم بل وعلى حياته الشخصية حيث كانت تمنعه من زيارة زوجته الآخرى أم ابنه نور الدين علي وتصر على أن يقوم بتطليقها. أيبك الذي كان يبحث عن استقلالية وتحالفات تساعده على التصدى للأيوبيين والبحرية الفارين قرر الزواج من ابنة صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ. وقد أخبره بدر الدين لؤلؤ أن شجر الدر قد كاتبت الملك الناصر يوسف وحذره منها. عزم أيبك على الزواج من امرأة آخرى بالإضافة إلى خلافاتها معه في أمور الحكم وهي التي جعلته يبلغ السلطنة واحساسها بمخاطر على حياتها أساء شجر الدر وأثار رغبتها في التخلص من أيبك فما كان منها إلا أن دبرت خطة لاغتياله مع بعض الخدم والمماليك [37][38]. في العاشر من أبريل عام 1257 تم اغتيال السلطان عز الدين أيبك أثناء استحمامه داخل قلعة الجبل على أيدي عدد من الخدم فمات بعد أن حكم البلاد سبع سنوات. أعلنت شجر الدر في الصباح التالى انه قد توفي فجأة أثناء الليل إلا أن المماليك المعزية بقيادة نائب السلطنة قطز لم يصدقوها وأعترف الخدم تحت وطأة التعذيب بالمؤامرة فحاول المعزية قتلها إلا أن المماليك الصالحية قامت بحمايتها ونقلت إلى البرج الأحمر بالقلعة[39]. قام المعزية بتنصيب نور الدين بن أيبك سلطانا على البلاد وكان صبيا في الخامسة عشرة من العمر. بعد بضعة أيام عثر على جثة شجر الدر ملقاة خارج القلعة بعد أن قتلتها ضربا جواري أم المنصور نور الدين علي. تم اعدام الخدم الذين قاموا باغتيال عز الدين أيبك[40][41].
مات عز الدين أيبك وشجرة الدر بعد أن أسسا دولة المماليك. تلك الدولة التي سيطرت على جنوب وشرق حوض البحر المتوسط لبضعة عقود من الزمان قضت خلالها على القوى المغولية والصليبية التي تأزرت ضد المسلمين وحاولت اقتلاع العالم الإسلامي.
وبعد مقتله تعصب المماليك المعزية لابن سيدهم المدعو "نور الدين علي" بن أيبك ، وكان في الخامسة عشرة من عمره ، وأقاموه سلطانا على البلاد، ولمّا تعرض الشرق الإسلامي لخطر المنغول الذي اجتاح الشام وأصبحت مصر على مقربة من هذا الخطر، قام قطز نائب السلطنة بعزل السلطان الصغير ، وتولى الحكم لمواجهة الخطر المغولى الداهم ، وخرج إلى ملاقاة المغول في "عين جالوت" وحقق نصار تاريخيا في 3 سبتمبر1260 ، وطرد المنغول من المنطقة ، وضمَّ الشام إلى سلطان المماليك الذين أصبحوا سادة الموقف ، ومن بيدهم مقاليد الأمور في مصر والشام. نقود عز الدين أيبك
نقش على نقوده اسمه "أيبك" فقط بدون ألقاب أو كنايات. أيضا نقش اسم السلطان الأيوبي الصالح أيوب على هذا النحو: "أيوب ابن الملك الكامل". وعلى الجانب الآخر من نقود أيبك نقش اسم الخليفة العباسي كالتالي: "المستنصر بالله أبو أحمد المنصور بالله أمير المؤمنين "[42]. نقودالأشرف موسى
نقود الأشرف موسى التي عثر عليها نقش عليها اسمه وحده مع اسم الخليفة العباسي على جانبها الآخر على النحو الأتى: "الملك الأشرف", "الملك أشرف أبو الفتح موسى ابن الملك الصالح أيوب" - "الامام المستعصم" "الامام المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله أمير المؤمنين".[43].