كان الزوج يكثر الغياب عن المنزل ، والسهر خارج البيت ، ويصل متأخراً إلى المنزل كـل لـيـلـة تقريباً ، مما جعل الزوجة تستاء من تصرفاته وتأخره الدائم ، فأخذت تحادثه عن ذلك وهي تثق فيه لدرجة كافيه جداً ، وسؤالها له ليقلل من سهره كان فقط حتى لا يبتعـد عـن المـنـزل ومسئولـيـاتـه و الأولاد وحـقـوقـهـم ، وكـي لا يـتـعـب نـفـسـه وجـسـده فـي لا شـيء .
كان الزوج طموحاً للغاية ، لا يثبت في وظيفة واحدة ، فهو ما أن يشتغل في مؤسسة حتى يتركها بعد بضع شهور ليبحث عما هو أفضل منها ، ومع كل ذلك لم يصل إلى ما يشبع طـمـوحـه وأحـلامـه ، لـذلـك أصـبـح يـسـهـر مع أصـدقـائـه ليـنـسـى مـا يـعـتـبـره دون تـحـقـيـقـه .
كان الزوج في البداية يحاول إقناع زوجته بالهجرة من البلاد ، ليجد فرصة عمل أفضل في بلاد أخرى ، لكن الزوجة أبت الاغتراب والبعد عن أهلها ، فظل الرجل يبحث عن فرصة العمر الذهبية ولا يجدها ، وغير من مواقع عمله وبحث عن الأفضل فكان يكثر من السهر حتى لا يشعر بالخيبة ، كان ملتزماً من ناحية واجباته الأسرية ، وبعدما كلمته زوجته عن كثرة سهره ، وعدها بإنهاء ذلك فوراً وفعل ذلك ، فأصبح لا يخرج كثيراً ولا يسهر ليلاً 0000 ولكن لا تزال الرغبة في النجاح العظيم تحاصره وتغزو أفكاره فتجعله مـرهـق الـفـكـر كـثـير الشرود ، لكن 00 حتى بوجود الزوج معظم الوقت في المنزل ، لم تحل المشكلة فهو يقضي معظم وقته في مكتبه وراء جـهاز الكمبيوتر ، زاد بذلك تذمر الزوجة ، فهو حتى بوجوده وسطهم في المنزل لا يشعـرهم بوجوده ، فأصبح بقاؤه فـي
المنزل دون معنى ، كما لو كان ساهراً خارج المنزل ، وعندما كانت زوجته تكلمه عن ذلك كان يقنعها بحجة بحثه عن عمل ، فالإنترنت عالم واسع ، يستطيع من خلاله تعلم الكثير من الأمور والبحث عن الأفضل ، ويوماً 000 وبينما كانت الزوجة تحاول الاتصال بمدرسة الولدين لتسأل عنهما وجدت خط الهاتف مقطوع فأدركت بأن زوجها فعلاً بدأ يتناسى الكثير من واجباته ومسئولياته ، خرجت الزوجة لدفع فاتورة الهاتف وهناك تفاجأت بالمبلغ المطلوب لم تصدق الزوجة بأن فاتورة هاتفهم تستحق ذلك المبلغ ، فطلبت كشف المكالمات الـصـادرة من منزلهم ، ولم يكن هناك أي خطأ ، فالساعات الطويلة التي يقضيها زوجها من الإنترنت كانت كفيلة بذلك المبلغ 000 فدفعت الزوجة الفاتورة على مضض وعادت إلى المنزل ، كان زوجها طموحاً للغاية دائم البحث عن الفرصة الذهبية التي ستقلب وضعه الوظيفي و المادي ، وتدعم كفاءته فهو دائم الـشـعـور بأنه يستحق الأفضل ، وشاء إثبات ذلك لزوجته ، وخاصة لأنها أغنى منه ، وتعمل في وظيفة أفـضـل وتـدعـمـه دائـمـا مـاديــا ومـعـنـويـا .
لكن هذا الإنترنت فتح له مجالاً آخر للبحث ، وشعر بأنه لو تمكن منه بشكل جيد ، فسيكون ناجحاً في عمله ، وراح يبحر باحثا في كل الاتجاهات ليكتشف ويتعمق حتى تغيرت النية ، فقد دخل الآن مواقع مختلفة 000 ورسا مواقع الدردشة ، بدأ ذلك فضولاً وتسلية ، لـكـن سرعان ما تحول ذلك الفضول إلى أدمان ، فأصبحت حياتهما الزوجية غير متكافئة ، الزوجة تصحو فتوقظ الأبناء وتجهزهم وتوصلهم إلى المدرسة ، وتعود لإعداد طعام الغداء ثم ترتيب المنزل وطعام العشاء فواجبات الأبناء المدرسية وغيرها ، فلا يجيء الليل إلا وهي مرهقة تماماً ، فتذهب إلى فراشها وتبحر في أحلامها ، بينما كانت أيام الزوج تسير بالمقلوب ، فهو يصحو وقت المغرب ويجلس أمام الجهاز حتى الصباح ثم ينام مرهقاً حتى المغرب ليعيد الدورة من جديد ، كان الزوج في تلك الفترة في إجارة من عمله ولما كلمته زوجته عن وضعه الذي بدأ لا يطاق ، وفاتورة الهاتف أصبحت مستحيلة ، أخبرها بأن هذه الفترة ستمكنه من الحصول على وضع أفضل وأن ما سيحصل عليه من وراء تلك الجلسات سيكون كفيلاً بتعويض تلك الفاتورة مرات ومرات 000 غير ذلك أخبرها أيضاً بأنه مسافر بعد غد لمدة أسبوع ، لم يعجب حديث الزوج الزوجة ، بدأ ذلك الإدمان يضايقها كثيراً ، وخاصة إنها لا تعرف حتى الآن أي نوع من الإدمان هو عليه ، ولا تدري لماذا يجلس زوجها لساعات طويلة وراء الجهاز ، تأملت الزوجة فاتورة الهاتف التي دفعتها فقامت كالمجنونة ودخلت غرفة المكتب وبدأت تقلب في مجموعة المرتبة على المكتب وتـفـتــح أدراج المـكـتـب كـانـت تـتـفـقـد شـيـئـاً لا تـدري ما هـو ، فـهـي لـم تـعـد تـدري مـا عـلـيـهـا أن تـفـعـل ؟؟؟ .
جلست أمام الجهاز ، وبدأت تحلق في فضاء الإنترنت لكن لم تكن على درجة واسعة من العلم فيه ، تركت الجهاز وبدأت تفحص بعض الرسائل التي وجدتها في الدرج ، في البداية لم ترد قراءتها لكنها الآن تريد ، بدأت بقراءة الرسائل الواحـدة تـلـه الأخرى ، حتى لفتت انـتـبـاهـهـا رسـالـة حـديـثـة كتب فيها (( استلمت رسالتك شكراً 000 ولقد حصلت على إجازة لمدة أسبوع إلى اللقاء ؟ )) أعادت الزوجة قراءة الرسالة أكثر من مرة فأحدهم يخبر زوجها بأنه أخذ إجازة لمدة أسبوع ، وزوجها يخبرها اليوم بأنه مسافر لمدة أسبوع ، (( لا بد من وجود رابط معين )) 000 بدأ الشك يغزو قلب الزوجة ، ومع مزيد من التفتيش الجيد ، حصلت الزوجة على صورة امرأة مطبوعة في الكمبيوتر ، فأصبح الشك يقيناً ، لابد من أن الزوج على علاقة بواحدة ، وفي اليوم التالي وهو اليوم الأخير قبل السفر وبينما كان الزوج أمام الجهاز كعادته خرجت الزوجة من المنزل وتوجهت إلى منزل صديقتها التي تملك نفس الجهاز وعلى دراية كافية باستخدام الإنترنت ، ودخلت مع صديقتها إلى مواقع الدردشة وبالتحديد ذلك الموقع الذي أدمن عليه زوجها ، ومع أن الأمر مستحيل إلا ان قدرة الله تجعل اصعب الأمور أيسرها ، ففي تلك اللحظة تفاجأت الزوجة ، فزوجها يتحادث مع فتاة ، والأغرب في الأمر أن يكون الحديث عنها ، واضحاً فهما متفقان على اللقاء في فندق لمدة أسبوع ، عادت إلى المنزل ولم تحرك ساكناً ولم تقل لزوجها شيئاً ، أرادت حل الموضوع بحكمة وروية ، لكنها لم تعرف كيف ، فسافر زوجها في اليوم التالي وغاب أسبوعا ، وعندما عاد وبدأ بالإجابات الكاذبة ، والتبريرات الحقيرة ، أعلنت الزوجة الحرب عليه ، فأخبرته بكل ما تعرف ثم طلبت الطلاق من الزوج ، طلب الزوج منها أن تفكر ، وأعترف الزوج مبرراً بـأن تـلك الـعـلاقـة لا تستحق الغضب ، ولكن الزوجة لم ترض بغير ذلك، كان الزوج يخطط للسفر إلى الخارج إلى بلاد صديقته من الدردشة ، حيث وعدته بأن تساعده ، فوالدها صاحب شركات في الخارج ، ويستطيع أن يعطيه الوضع الوظيفي الذي يحلم به ، فاتفقـا على اللقاء في الفندق ، وعلى الخطوات القادمة ، لكنه لم يملك ثمن التذاكر والإقامة في ذلك الفندق وكان قد أختلس المال من الشركة التي يعمل بها بقصد إعادته إذا حصل على القرض الذي طلبه من البنك للسفر ، لكن الشركة اكتشفت الأمر قبل حصوله على القرض ، وطالبته بتسديده فوراً ، وكان قد أنفق منه على الـتـذاكـر و الفندق ، فلم يتمكن من إعـادتـه فـرفـع أمـره إلـى المحـكـمـة الـتي حـكـمـة عـلـيـه بـإعـادة المبلـغ كـامـلاً والـسـجـن لمـدة عـام .
علمت صديقته من الدردشة بما فعله ، فتخلت عنه وسافرت إلى بلادها وبذلك كان قد خسرها وخسر زوجته وعمله وسمعته 000 فكانت تلك نتيجة إبحاره في بحر مظـلم لتحقيق طـمـوح أعـمـى ، ولـم يبـق غير سـؤال الأولاد عنه ، ولـم يـكـن لـزوجـتـه الـسـابـقـة غـيـر الإجـابـة التقليدية التي لا تجـد غيـرها (( أنـه مـسـافـر ولـربـمـا سـيـطـول سـفـره ؟؟؟ )) .