انتي التاريخ
هنـــاك ..
حيث انكسارات الصور على وجه المرايا ...
حيث سقوط أوراق الشجر فوق أنامل الخريف ..
بمئات الألوف من الحكايا ...
هناك قبل الميلاد ..
وما قبل قبل الميلاد ..
خليط من أجساد البشر تحت القبور ..
تذكر الإنجاز حيناً..
وحيناً ..
تبكي الخطايا ...
ما همني ذلك .. ما همني
ما همني أن أبحث في صفحات الأرض ..
ما همني أن يضيع الوقت في البحث ..
ما همني أي ملوك قد مجدت الأرض ..
أو أين تشابكت في وجوههم ..
خيوط اللوم والتوبيخ ...
ما همني كم عدد جرائمهم ..
كم قتيل كان وكم جريح ...
ما همني ذلك .. ما همني
ما همني أن يسكن التاريخ شواطئ إسبانيا ..
أو اليونان القديمة ...
أو أنه ينعش الجيوش نصراً ..
عل ضفاف نهر الدارين ..
أو أنه يرتجف برداً ..
فوق جبال الألب ..
ما همني كم انتصار جمع في حقائبه وكم هزيمة ...
ما همني إن ارتفع انتشاءاً وهو يراقص آلهة روما ..
أو عزفه الناي الحزين حين موت نفس الآلهة ..
في فلورنسا الرحيمة ...
ما همني كم سلب من الأحلام ..
وكم ارتكب من جريمة ...
ما همني إن شرب ملامحكِ من قنينة قيسِ أو متنبئ ..
أو أخطل أو شوقي أو حافظ ..
أو فرنسسكو
أو حتى قصائد نيرون العظيمة ...
ما همني ذلك ... ما همني
ما همني إن امتطى التاريخ خيول فرنسا ..
يخترق الشوارع ليقرأ على جدران أزقتها ..
عبث الفنون في دهاليز الجنون ...
ما همني إن سقط منتحراً من فوق أسوار الصين ..
أو كيف حملته سحب الهند لمزارعها وحقولها ..
أو كم جمع العشاق من حروف نصائح بوذا ..
أو كيف استعبد اليهود ..
ذاك الرمسيس الفرعون ...
ما همني ما فعل المقدوني ..
أو لويس ..
أو حتى القائد نابليون ...
ما همني إن بات يتغنى بالأطلال ..
من تونس حتى فلسطين ..
فيشجيه رائحة الشجر ..
ويبكيه شجون الزيتون ...
ما همني ذلك .. ما همني
المهم عندي يا سيدتي أن تسجل الأوراق ..
أن خلاصة عصارات التاريخ هي الإنسان ...
وأن خلاصة الإنسان هو العطاء والحب والإيمان ...
وأن الخير باق مهما تعاظمت حيل والاعيب الشيطان ...
وأن الحب هو أنتِ ..
وأنكِ ما بين أطياف الفرح ومخطوطات الأحزان ...
فالحقيقة باتت وأضحة يا سيدتي ..