تدمر السورية.. التباكي على الطير والحجر دون البشر
روبرت فيسك يقارن بين المساحات التى أفردتها وسائل الإعلام لاستيلاء التنظيم على تدمر والخوف من تحطيم هذا الموقع التراثي، بتلك المساحات التى أفردتها لقتل عشرات الأشخاص في المدينة.
لندن ـ تقول صحيفة الإندبندنت إن من الغريب أن يهتم الجميع بالدمار في تدمر ويتجاهل القتلى، رغم أنه من المقنع أن يشعر البعض بذلك خوفا من وقوع المدينة في أيدي مسلحي داعش الذين دمروا الآثار في طريقهم لدى اجتياح المناطق في سوريا والعراق.
ويقارن روبرت فيسك في مقاله بالصحيفة المذكورة بين المساحات التى أفردتها الصحف لاستيلاء التنظيم على تدمر، الموقع التراثي من العصر الروماني، بتلك المساحات التى أفردتها لقتل ما بين 200 و400 شخص في المدينة فيجد الميزان مائلا.
ويقول فيسك إن حياة إنسان واحد أو طفل أو سيدة تساوي أكثر من كوكب الأرض بأسره.
وينتقد فيسك خدمة بي بي سي العالمية على تغطيتها “الفقيرة للقتلى في تدمر عبر تقرير قصير ثم لحق به سريعا تقريرا أطول وأعمق عن الخطر الذي يهدد أحد طيور المدينة المعرضة للانقراض”.
ويتسائل فيسك “هل كنا سنقوم بنفس التغطية إذا كان القتلى من البريطانيين؟”.
وكان تقرير للبي بي سي حذر من أن طائر أبو منجل الأصلع الشمالي في سوريا قد يتعرض للانقراض بسبب سيطرة تنظيم داعش على مدينة تدمر.
وجاءت السيطرة على مدينة تدمر التاريخية بعد أيام من إحكام تنظيم الدولة الإسلامية قبضته على مدينة الرمادي الرئيسية في العراق.
ودق الاستيلاء على موقع الآثار العالمي القريب من مدينة تدمر الحديثة جرس إنذار في أنحاء العالم.
ودمر مسلحو تنظيم “الدولة” العديد من المواقع في العراق، كان آخرها مدينة نمرود، أحد أعظم كنوز العراق الأثرية.
ويستعرض فيسك تاريخ المدينة منذ عهد الملكة زنوبيا مكرورا بالتاريخ الإسلامي حيث فتحها “القائد الإسلامي العظيم وأحد أبرز جنود الخلافة وأحد صحابة النبي”.
ويوضح أن المعبد الروماني الذي كان قائما في المدينة أنذاك تم تحويله إلى مسجد بينما تحولت أغلب الأنقاض الرومانية إلى مصدر للحجارة الخاصة بالبناء.
ويختم فيسك مقاله بوع من السخرية “هناك بالفعل إعدامات يقوم بها مقاتلو التنظيم في المسرح الروماني في تدمر، إذاً دعونا نحرص على أن تكون طيور المدينة النادرة بعيدة عن هذه الإعدامات”.