بعثة "سبق"; طليطلة : بمجرد أن تدخل طليطلة مدينة التاريخ تشعر فعلاً بأنك تعود بالزمن إلى الوراء. الدروب والطرقات والأزقة، والتعرجات والمنحدرات والحصون التاريخية تشرح صدرك بالبهجة، ونفسك بالدهشة. بل وقد تظن نفسك في واقع لعبة إلكترونية مليئة بالخيال.
تقع هذه المدينة الصغيرة على بعد 75 كم من العاصمة مدريد هي بحق مدينة آسرة، نظيفة وأنيقة على الرغم من كل التاريخ الكبير الذي تحمله.
طليطلة أو (توليدو) كما تنطق بالإسبانية تتوشح بنهر تاجة من جهات ثلاث. وهي بحق كما وصفت بالقاعدة الحصينة التي لا تسقط إلا بصعوبة بالغة في يد الأعداء.
هذه المدينة الفارهة والشامخة مليئة بالآثار الإسلامية مثل الحصون والقلاع والقنطرة وغيرها وملامح الأحياء وحتى في بعض الأبنية الحديثة تجد النمط المعماري الأندلسي واضحًا.
سرنا في الطرقات قليلاً قبل أن يتوقف (يوسف) وهو معلم جزائري الجنسية يعمل بالمدرسة السعودية في مدريد تكرم بمرافقتنا في الجولة. توقف ليسأل سيدة كبيرة في السن ما أفضل الأماكن التي ممكن البدء بها لترد عليه بهدوء "كل شيء في طليطلة مميز، لا تترك شيئًا".
من أبرز معالم طليطلة الأبواب الأندلسية وأهمها (باب الشمس)، والقنطرة، ومسجد باب المردوم الذي يعد الوحيد الباقي من آثار المساجد في طليطلة إذ تم تحويلها كلها إلى كنائس. وهناك أيضًا المتحف الحربي، والكازار (القصر). والكاتدرائية التي تقع مكان المسجد الجامع القديم.
طليطلة في التاريخ بناها الإغريق، ثم طوروها وحصنها الرومان. حتى جاء الفتح الإسلامي بانتصار المسلمين على القوط في معركة وادي لكة. وبقيت طوال ذلك تتمتع بميزة مختلفة عن بقية مدن الأندلس من حيث الحصانة. وفي قمة ازدهار الخلافة الأموية في الأندلس كان لها حظ وافر من المكانة عمرانيًا وثقافيًا وعلميًا.
الأهمية الكبرى لهذه المدينة ربما هي التي جعلتها أول المعاقل الإسلامية سقوطًا عام 487هـ لتكون بداية انهيار الحلم. وعلى الرغم من محاولات "المرابطين" و"الموحدين" إلا أنها لم تستعد.
السير في طرقات طليطلة له نكهة خاصة حيث تعج متاجرها بالتذكارات والأسلحة التي اشتهرت بها ومنها الأسلحة العربية. وكذلك العديد من التحف بنقوش وأسماء عربية وآيات قرآنية.
وهناك أيضًا معالم مثل (سوق الدواب) التي تحولت ساحتها لسوق عامة ومازالت تحتفظ باسمها العربي. كما تشتهر حلوياتها ومنها حلوى (المرثبان) التي يذكر أن المسلمين كانوا يفضلونها على موائد الإفطار في رمضان المبارك.
[