- هديل باسهل: من الجرم أن نشرك أطفالاً أبرياء بجريمة لم يقترفوها - سارة القحطاني: إهمال أطفال السجناء يؤدي نحو الانحراف والجريمة - فاطمة القحطاني: يشكلون قنبلة قاتلة تفتك بمجتمعها انتقامًا نتيجة نكرانهم - آسيا مايت: محتاجون إلى دعم معنوي كبير، وتوعية المجتمع عن هذه الفئة خلود غنام- سبق- الرياض: يقضي أطفال عدة حياة بائسة يحرمون فيها من طفولة سرقها لهم أب أو أم نتيجة لجرم اقترفوه أودى بهم خلف القضبان، وجلب الدمار لباقي أفراد الأسرة وخصوصًا أطفالهم الصغار الذين لم ترحمهم نظرة مجتمع أصدرت هي الأخرى حكمها عليهم بالإقصاء. "سبق" سلطت الضوء على هذه الفئة للوقوف على معالجتها.
لا ذنب لهم قالت هديل محمد باسهل مشرفة ومتحدثة مبادرة "رِفقًا" التطوعية لـ"سبق": لا أرى أن أطفال السجناء ظاهرة ولا تصنف من الظواهر، لكن أصبح من المعتاد تهميش المجتمع لهم، لذلك أنشئ فريق رِفقًا التطوعي لتوعية المجتمع من هذا النوع من العنصرية، وهو ادعاء المثالية وكأننا معصومون من الخطأ قال الرسول صلى الله عليه وسلم (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)، وأضافت كيف لنا أن نشرك أطفالاً أبرياء بجريمة لم يقترفوها.
وتابعت: يسعى رِفقًا لبناء وتطوير أطفال السجناء وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وغرس القيم الأخلاقية السليمة وذلك بتدريبهم نفسيًا وفكريًا، وبينت أنه يجب على المجتمع تقديم العون لهم مثل أي فئة أخرى من أصحاب الظروف الخاصة، لأن هؤلاء الأطفال أشبه بالقنبلة إن لم تحل عقدتها بأسرع وقتٍ قد تنفجر.
وأردفت: لا أضع جميع اللوم عليهم بل أشرك المجتمع لأن هو من وجه لهم أصبع الاتهام، هو من يجبرهم على الجريمة بقمعه لهم، والأولى أن يسُد حاجتهم ويعاونهم ويبني مستقبلهم لكي نحميهم ونحمي أنفسنا، فالعنف اللفظي والجسدي لا يبني سوى مجرم حاقد على نفسه وعلى المجتمع.
وواصلت: أطلب من المجتمع الرِفق بهم وإعتاقهم من جريمة لا ذنب لهم فيها، وأطلب من أصحاب المؤسسات الاجتماعية تقديم الدعم من تدريب وتطوير مهاراتهم، كما أطلب من الجمعيات الخيرية تكثيف الدعم العيني لهم، كما نتمنى أن يكون هناك دعم لفريقنا وتخصيص مكان لنا، وأهم طلب ونداء أوجهه لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بإنشاء جمعية خيرية تعنى بهم.
إهمال وتهميش من جهة أخرى قالت سارة حسين القحطاني نائبة رِفقًا التطوعية لـ"سبق": أطفال السجناء حالة مقلقة حقًا تتزايد بوتيرة متسارعة نتيجة عدة عوامل، ولها نتائج وخيمة على استقرار المجتمع لأنها تؤدي نحو الانحراف والجريمة، بسبب ما يعانيه الأطفال نتيجة الإهمال والتهميش، فالواجب إيجاد الحلول المستعجلة من طرف الباحثين والمهتمين والحكومات، وأرى أن هذا الموضوع لا يمكن أن ينتهي لأن هناك حقوق ملايين الأطفال على المحك معرضة لشتى أنواع الإقصاء أو الإهمال.
نظرة دونية وأكدت نورا أسامة شحاتة منظمة ومسؤولة العلاقات العامة لـ"سبق" أن أطفال السجناء ليست ظاهرة وإنما فئة مهمشة، ولم يسبق أن رأيت نشاطات مخصصة لأسر السجناء والمفرج عنهم وخصوصًا الأطفال، ومن خلال لقائي بأسر السجناء وأطفالهم تأكدت أنه واجب علينا تقديم المساعدة لهم وتوعية أفراد المجتمع، فهم لا ذنب لهم بما اقترفه غيرهم من أخطاء، ولذلك يجب أن نكون على وتيرة واحدة لتقديم يد العون وتوفير حياة كريمة ومستقرة لهم.
وأردفت: لا بد أن نوضح أن غياب الأب وهو أساس وعامود المنزل له آثار سلبية كثيرة في سلوك بعض أفراد الأسرة، وقد تسبب مشاكل نفسية لهم نتيجة تجنب تعامل الآخرين معهم أو النظر لهم بشكل دوني، وهذا ما يسعى له فريق رفقًا التطوعي أن يكون هناك تأهيل شامل لجميع الأسرة وخصوصًا الأطفال لأن بناء الأطفال بشكل سليم سيؤدي إلى تكوين مجتمع ناضج وواعٍ، وفي النهاية لا ننسى أهمية دور الأسرة في تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم، وأتمنى من الجميع أن يساند هذه الفئة ومعاملتهم بشكل سليم لأنهم جزء منا.
قنابل موقوتة أما الناشطة الاجتماعية ومدرب معتمد في مجال التطوير التربوي لفئة المراهقين فاطمة القحطاني قالت لـ"سبق": يعاني أطفال السجناء والمفرج عنهم نظرة المجتمع وحكمه عليهم ونكرانه لهم، الأمر الذي يؤثر سلبًا على الجوانب النفسية والاجتماعية والمستقبلية لهم، والذي قد يبني بداخلهم الحقد والكره لأقرانهم من الأطفال بل من المجتمع بأكمله أفراد ومؤسسات، ومن هنا أناشد الجميع بالتعاون في خلق أجواء دافئة لطفل السجين أو السجينة، والتعامل معه بكل رقي والتأدب معه في النظرة والحديث والتصرف لتعزيز ثقته بنفسه وإعطائه الفرصة ليكون إنسانًا فاعلاً ومساهمًا في نهضة بلده وليكبر على حب مجتمعه.
وأشارت إلى أن طفل السجين ينظر للمجتمع بخجل وخوف، وحين يلتمس الحب والحنان فقد تتحوّل تلك النظرة لتصبح نظرة حب وثقة بالنفس واحترام، وإن لم تكن كذلك فقد تتطور تلك النظرة لتصبح نظرة استنكار لذنب لم يقترفه مما يربي بداخله الحقد والضغينة، بل ويتطور الأمر إلى نكران الذات والإحباط والإحساس بالفشل فتتكون بذلك شخصية سلبية لا فائدة منها، إن لم تتشكل كقنبلة قاتلة تفتك بمجتمعها انتقامًا.
وأشارت القحطاني إلى أنه يتعين على المجتمع المدني والمؤسسي الاهتمام بطفل السجين أو السجينة، والمساهمة في بناء وصقل شخصيته، فهناك الكثير يحرضون أبناءهم بعدم مصاحبتهم أو التخاطب معهم أو الاقتراب منهم، وهناك من يؤذيهم بالألفاظ والعبارات ويستهزئ به ويسبه ويرجمه بالألقاب والنظرات والإشارات، لذا فإني أرى أنه من الواجب علينا كأفراد ومؤسسات واختصاصيين وناشطين وأكاديميين وسياسيين وجمعيات خيرية، أن نتحد لنشر الوعي فيما بيننا والتركيز على غرس القيم الدينية في أطفال السجناء، وأن نحترم إنسانيتهم ونعوّضهم حرمان أحد والديهم أو كلاهما، ولنعي قوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} ولندرك أننا نساهم في تربيتهم، وأن تلك التربية ستعود على المجتمع إن صلحت أو فسدت.
بيئة محتاجة وقالت مدربة في التنمية البشرية آسيا إبراهيم داود مايت لـ"سبق": كنت متحمسة لعمل إنساني يخدم أطفال السجناء، ومساعدتهم فتطوعت أنا وابنتي للعمل لرعاية الأطفال والاهتمام بهم، ومن خلال لقائي بهم اتضح أنهم يحتاجون إلى مكان ترفيه لهم وممارسة نشاطات مختلفة على مدار السنة، ونشاطات عقلية وذهنية لأنهم في بيئة فقيرة علميًا وثقافيًا، وتوفير الكتب المختلفة للقراءة، كما أنهم محتاجون إلى دورات في تطوير الذات ورفع الثقة في النفس لأن أغلبيتهم ثقتهم مهزوزة، ولابد أن نعرفهم بحقوقهم وواجباتهم فهم محتاجون إلى الشعور بالأمن والرعاية.
وأضافت: كما يجب أن نركز على الأمهات فهن محتاجات إلى وظائف ليصرفن على أولادهن، ودورات تأهيلية في كيفية التعامل مع الأزمات والتعامل مع الأبناء.
وأثناء لقائي لاحظت أن بعض الأمهات تتعامل مع الأبناء بقسوة إما خوفًا عليهم، أو لعدم معرفة الأمهات بأساليب التربية، وعدم شعورهن بالأمن لظروفهن الخاصة، وأغلب مشاكلهن وحديثهن معي كان على المادة وعدم إمكانية توفير أبسط الأمور لأبنائهن، وشعورهن بالخوف المستمر من كل ما حولهن، فهن محتاجات إلى دعم معنوي كبير، وتوعية المجتمع عن هذه الفئة، ويفضل أن يكون هناك جهات مختلفة للعناية بهؤلاء الأبناء.
قصص واقعية وروت المشرفة هديل قصص صادفتها خلال عملها حيث قالت: إن طفلاً عمره 11 سنة تعرض للعنف اللفظي من قِبل طلاب المدرسة، بسبب أن والده بالسجن ومجرم تسبب في غيابه يومين عن المدرسة، بعد ذلك اضطرت الأم نقله إلى مدرسة أخرى على الرغم من اعتذار الطلاب له، كما أنه يصعب عليه زيارة والده بالسجن لأنه لا يحتمل أن يرى والدهم من خلف الزجاج، ذلك يسبب له حالة انهيار من البكاء المتواصل، كما أنه يتمنى احتضان والده فهو يحتاج إليه كونه الولد الوحيد بين 3 فتيات، كما تخبرنا والدته بأن شخصيته جدًا ضعيفة مقارنة بأخواته البنات فهو يحتاج إلى أب يكون معه.
أما الطفلة "س" عمرها 8 سنوات تشعر بأن هناك أمرًا تخفيه عنها والدتها فقد كانوا يعيشون في منزل كبير، وكان لديها آيباد لكن والدتها اضطرت إلي بيعه لأنهم لا يملكون المال للطعام ومستلزماتهم المدرسية، ومما زاد شكوكها أكثر أخبرتها ابنة عمتها بأنها قامت بزيارة والدها بالسجن، وأنه ليس مسافرًا كما أخبرتها والدتها.
من جهة أخرى تعرضت الطفلة ذات الأعوام التسعة صعوبات للالتحاق بالمدرسة عندما كانت في السابعة من عمرها، مما أخرها سنة ونصف السنة وذلك بسبب رفض المدرسة لها، وقد تواصلت والدتها مع لجنة تراحم وتم رفع خطاب لوزارة التربية والتعليم حينذاك، وتم حل المشكلة وإلزام المدرسة على قبولها، والتزمت صديقة والدتها المقربة بكل مستلزماتها المدرسية.
زوجة سجين متكفلة بـ 3 أبناء تبحث عن منزل يتم رفض تأجير المنزل لها بسبب أنها زوجة سجين، كما أنها امرأة وحيدة لا يوجد من يعيلها ويرعاها وبأن ولدها الوحيد يبلغ من العمر 4 سنوات، وأيضًا تحاول جاهدةً البحث عن عمل يسد حاجتهم مهتمة جداً بالمطبخ والتجميل.