| | |
| العزَّة هي مربط الفرس وحجر الزاوية، والنقطة التي تزلُّ فيها الأقدام، ويسيل لها لعاب الحكام وأولو الأمر وأهل المال والنفوذ فيهلكون فيها،ويضيع فيها أيضاً المحكومون ويرتضون المهانة والمذلة ويرخون الحبال لحكامهم فيحكمونها حول رقابهم! هل فهمنا الأمر من الطرفين! كيف،قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف مخبراً عن الغيوب العليَّة { إِنّ لله ثَلاثَةَ أَثْوابٍ؛ اتّزَرَ الْعِزَّةَ، وَتَسَرْبَلَ الرّحْمَة، وَارْتَدَى الْكِبرياء، فَمَنْ تَعَزَّزَ بِغَيْرِ ما أَعَزَّهُ الله فَذلِكَ الّذِي يُقال لَهُ: (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزيزُ الْكَريمُ)، وَمَنْ رَحِمَ النّاسَ بِرَحْمَةِ الله فَذلِكَ الّذِي تَسَرْبَلَ بِسِر بالِهِ الّذي يَنْبَغي لَهُ، وَمَنْ نَازَعَ الله رِداءَهُ الّذِي يَنْبَغي لَهُ، فَإِنّ الله يَقولُ: لا يَنْبَغي لِمَنْ نازَعَني أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّة }(1) فالكبرياء ثوب ليس لأحد إلا لله، والرحمة ثوبٌ يحبُّ الله مِنْ خلقه جميعاً أن يتزينوا بها أما العزَّة فإن الله تعالى يذلُّ كل من تعزز بغير ما أعزَّه الله به!فبمَ أعزنا الله أعزنا الله به سبحانه وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبدينه الإسلام، واسمعوا لما جرى بين عمر وأبى عبيدة بن الجراح رضي الله عنه في موقفٍ من أندر الحوادث في التاريخ { لما قدم عمر الشام عرضت لـه مخاضه، فنزل عمر عن بعيره ونزع خفيه، ثم أخذ بخطام راحلته وخاض المخاضة، فقال لـه أبو عبيدة لقد فعلت يا أمير المؤمنين فعلاً عظيماً عند أهل الأرض؛ نزعت خفيك وقدمت راحلتك وخضت المخاضة، قال فصك عمر بيده في صدر أبي عبيدة، فقال أوه لو غيرك يقولـها يا أبا عبيدة، أنتم كنتم أقلَّ الناس، وأذلَّ الناس، فأعزَّكم اللـه بالإسلام فمهما تطلبوا العزَّة بغيره يذلُّكم اللـه تعالى }.(2) فمن أراد العزَّة وأحبَّ أن يكون عزيزاً فليس إلا سبيلٌ واحدٌ قال تعالى (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا) (65يونس) فكلها لله، وهو يهبها لمن اتبع دينه فكان على هداه، فصار متسربلاً بسر بال عزة دين الله، وليس لهواه عليه من سبيل قال تعالى،( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ )(8المنافقون)،ويعلم كل طالب للعزة والرفعة والمنعة، أنها حقٌّ أحقَّه الله بدين الله لجميع أهل الإيمان فمهما أعزَّه الله بالمال أو السلطان فلا يرى نفسه فوق الناس فهم جميعاً يلبسون نفس ثوب عزَّة الإسلام، وليس لأحد أن يكون أعزَّ ولا أكرم من إخوانه المسلمين، مهما ولاه الله تعالى من أمورهم وشئونهم ويأتي الوجه الآخر للقضية، فلو تعزَّز أحد بغير دين الله، وأراد أن يذيق الناس الذَّل والهوان ويخلع عنهم ثوب عزة دين الله الذي أعزَّهم الله به، فهل يتركونه يخلع عنهم ما كساهم الله، لو تركوه يفعل ذلك بهم لاستحقوا الذَّل والهوان لتفريطهم في حقِّهم لماذا، لأن تحذير رسول الله في الحديث للطرفين المؤمن دائماً عزيز بالله وبدين الله؛ فإن حَكَمَ عزَّ وتعزَّز بالله وبدينه لا بشيء سواه من السلطة، أو الزخرف والجاه والمال وإن حُكِمَ فهو أيضاً عزيز بالله وبدين الله، ولا يرى لحاكمه عزَّة فوق عزته، فكلهم عزتهم بالله وبدينه وهو أبداً لا يرضى بالذل ولا بالهوان، ولا بالاستكانة ولا بالضعف ولا يسمح لأحد ما كان أن يسلبه ثوب العزة (1)عن أبي هريرة رضي الله، المستدرك على الصحيحين وابن مردويه والبيهقى
(2)عن طارق بن شهاب: المستدرك على الصحيحين
منقول
طيب الله اوقاتكم | |
| | |