للوقت وللزمن قيمة حضارية وأهمية كبرى في حياتنا المعاصرة حيث لا يستطيع أيّ إنسان عاقل مدرك ومنصف أن ينكر أهميته وأثره في حياتنا اليومية.
ونجد أنّ الإسلام والقرآن الكريم قد أولاه أهمية كبرى في عصر الرسالة وإلى يومنا هذا وحتى إلى يوم القيامة، وذلك في جميع الأعمال والممارسات والواجبات الشرعية التي يقوم بها الإنسان، فأوقات الصلوات الخمسة، والأهمية في إقامتها بأوقاتها
بتحديد طلوع الشمس وزوالها وغروبها
(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) (الإسراء/ 78)،
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ) (هود/ 114)،
بل (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) (النساء/ 103)
إنّ أوقات استجابة الدعاء محدّدة في أوقات معينة
كلَيْلةٍ القدر أو أوقات الليل أو غيرها،
كذلك الحال في توقيت الحج ومواعيده والأشهر الحرم،
وتحديد الأشهر والأيام،
وتحديد وقت الصيام من الفجر وحتى ساعة الغروب
وفي أوقات محددة وأيام معدودة.
الساعة.. والأجل إنّ كل فرد منا وكل موجود في هذا الكون له أجله المحدود لا يستأخر عنه ساعة ولا يستقدم (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (النحل/ 61)،
وإنّ الكون كلمة موقوت إلى أجل مسمى (مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى...) (الروم/ 8)،
بل إنّ يوم القيامة كان ميقاتاً (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) (الدخان/ 40)، وإنّ الله عنده علم الساعة التي إن حلت لا يستأخر هذا الكون بما فيه من مخلوقات من الرجوع إليه
(إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) (لقمان/ 34)،
(فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف/ 34، والنحل/ 61)
والآية الكريمة رقم 40 في سورة الدخان تلخص أنّ كلّ ما في الكون هذا موقوت، وأنّ الوقت له أهميته البالغة في كل شيء مخلوق في هذا الكون، والباري عزّ وجلّ قد أقسم بالوقت والزمن حيث يقول (وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (العصر/ 1-2)،
ومعلوم أنّ الباري عزّ وجلّ عندما يريد أن يقسم،
وإنما يقسم بأشياء لها أهميتها البالغة في هذا الكون وفي مخلوقاته،
يريد بذلك أن يثير انتباهنا إلى أشياء مهمة في هذا الكون،
وإلى عظم خلقه وروعته لكي نفكر ملياً في ذلك،
ولكي نزداد إيماناً ويقيناً به
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران/ 191).
هل توجد أزمنة وأمكنة وأبعاد
توجد أزمنة وأوقات نسبية في أبعاد الكون "المرئي" لحد الآن،
فماذا يكون الحال إذا ازدادت الأبعاد الأربعة أكثر من ذلك،
وتغير الوقت والزمن إلى وقت آخر، وهو عالم "ما بعد الموت"، و"عالم البرزخ"، في أيام الآخرة وبعد قيام الساعة، حيث قطعاً سوف تكون الأوقات والأزمنة والأبعاد كلها مختلفة، وعلى الأقل فإنّ يوماً كيوم القيامة يشير إليه القرآن الكريم حيث يقول:
(تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (المعارج/ 4)، وإنّ بعض أيام ربك تبلغ ألف سنة مما نعد نحن هنا أبناء الدنيا على هذه الأرض (.. وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (الحج/ 47)،
وإنّ الأبعاد التي سوف يعيشها الإنسان المؤمن تفوق المعروفة لديه،
وتزيد عن استيعابه وإدراكه (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ) (الحديد/ 21)، أو أنها تستوعب كل السماوات والأرض أي كل هذا الكون المنظور لحد الآن من قبل العلم الحديث (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ) (آل عمران/ 133)،
إذاً إنّ هناك أبعاداً أخرى أكثر من هذه الأبعاد الأربعة لم يتمكن الإنسان لحد الآن من استيعابها لأنها تعود إلى عوالم أخرى خارجة عن نطاق عالمه الآن.
وكذلك هناك أزمنة أخرى في هذه العوالم تختلف عن الأزمنة التي نتعامل بها نحن الآن، وهذه الأزمنة قد تكون بمقدار خمسين ألف سنة مما نعدّ، وقد تكون نوعاً آخر بمقدار ألف سنة مما نعد هنا على وجه الأرض، هناك أخرى لا نعلمها يعلمها خالق السماوات والأرض، وكما يتضح من الآية الكريمة (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ) (آل عمران/ 133)، إنّ هناك عوالم أخرى تسع كل هذا الكون الرحب الواسع، الذي يصل بعده بلايين السنين الضوئية، وتفوقها سعة ورحابة، وقد اتضح لعلماء الفلك والفيزيائيين الآن أنّ الكون الفسيح المرئي والمقدّر بالأجهزة والتلسكوبات وأجهزة قياس الأشعة الضوئية والصوتية كافة يسبح في عالم فسيح آخر أو بما يسمونه فراغاً فضائياً أكبريفوق قدرات الانسان في تقديره.