صادفتنا منذ ولادتنا لغاية اليوم وتصادفنا في المستقبل مواقف واشكال و شخصيات نميل إليها ونحبها أو ننفر منها من أول نظرة .
كل واحد مر ويمر بمثل هذه الحالات عندما يشاهد شخصا مهما كان عمره سواء أكان طفلا أو صبيا أو بنتا أم سيدة أم رجلا أو شيخا نميل إليه ونحبه أو ننفره سواءا أتحدثنا معه أو لم نتحدث .
تلعب العيون وهي من أقوى عدسات الكامرات دورا هاما في حياتنا لإلتقاط الصور واستلام وإرسال ذبذبات و موجات لإلتقاط كل الأشياء و الأشخاص أمامنا . وترسل هذه الصور إلى دماغنا ومخنا لحفظها وتعديلها و عملها كما نفعل بالصور في برنامج الفوتوشوب .
و مردود هذه الصور و الأشكال يؤثر على حالتنا النفسية التي ستتقبل الأشكال أم ترفضها ، معنى ذلك تنعكس على تقاسيم وملامح وجوهنا ، حيث نبتسم لمن نرتاح ونميل إليه أو ننفر منه .
مررت شخصيا بعشرات بل وبمئات الحالات والمواقف منذ صغري و لحد الآن . يفسر علم النفس هذه الظاهرة بالميل و الإرتياح أو بالنفور و الإبتعاد وعدم الإرتياح إلى كل شخص من خلال أول نظرة تتم بيننا و بينه .
و السبب يعود إلى الذكريات السابقة لأشخاص إلتقيت بهم لأول مرة إرتحت بالأكثرية منهم ولم أرتاح إلى بعضهم ، حيث بقت ملامح الأشخاص والصفات والمعلومات مخزونة في الدماغ و المخ والذاكرة . فإذا صادفت شخصا ما من أول نظرة يحمل إحدى الصفات أو الملامح القديمة المخزونة في المخ والدماغ والذاكرة فإن الرد العكسي سيكون إما بالإرتياح أو عدم الإرتياح لهذا الشخص ، مهما كان سواء أتحدثت أو تعاملت معه أو لم أتحدث وأتعامل معه .
لأن الهواجس و المشاعر و الأحاسيس لا تعرف الكذب أو الغش ، فهي مرآة صادقة للصور القديمة و الملامح المخزونة في المخ .
وقبل أكثر من شهرين حملت كامرتي و ذهبت مع زوجتي الكريمة للنزهة في حديقة النباتات و الزهور و الأشجار خلف دارنا و القريبة منا من أجل إلتقاط الصور للبراعم و الزهور الصغيرة من نوع كروكوسه Krokusse .
كان البرد شديدا جدا إلا أن الشمس كانت مشرقة في ذلك اليوم . بدأت بالتقاط الصور لبعض الأشجار والبحيرة ثم دنوت إلى مكان الزهور كروكوسه الصغيرة الزاهية الألوان . إضطررت إلى الجلوس والإنحناء لإلتقاط هذه الزهور و تلك بالقرب من البحيرة , و بينما كنت منشغلا ومنغمسا بالتقاط الصور ، أدرت وجهي إلى اليسار للإستراحة والتنفس ، فإذا بفتاة صغيرة جميلة واقفة بجنبي مبتسمة و محياها ملائكي مضيئ مشرق . إبتسمت معها بسمات خفيفة وتبادلنا بسمات العشق الإلهي أو الملائكي دون التحدث بكلمات في الدقيقة الأولى . و بعد ذلك بادلتها بالغزل البريئ ، حيث عمت الفرحة على وجهينا و احمرت خدودنا . سألتها برفق ما هو إسمك يا عزيزتي ؟ أجابتيني : ساما أو سماء .
بدأنا نتحاور برفق وحنان ونتبادل مشاعر العشق الروحي بكلمات رومانسية هادئة . ثم نهضت حاملا كامرتي على كتفي . وبعد ذلك مددت يدي إليها و صافحتها بكل رقة وهدوء . إبتسمت سماء و أشرق وجهها نورا لإنعكاس اشعة الشمس عليه ، فتخيلتها ذلك البدر التام المضيئ .
أما أنا فتهت في عشقها و غمرتني السعادة ومسكت يدها الناعمة أي كفها بابصبعين وسرنا خطوات إلى أن جاءت كل من أمها و زوجتي . توقفنا وحييت أمها و تبادلنا أطراف الحديث ثم قلت لسماء بأننا سنغادر الحديقة إلى دارنا ، مع السلامة يا سماء .
أخذت دقات قلبي تتصاعد وكانها تعزف احلى ألحان العشق والهيام ، حيث انتعشت روحي و شعرت بالإرتياح اللامثيل له . سرت مع زوجتي يمكن عشر خطوات ، و إذا بحبيبتي سماء تركض خلفي وتناديني بضحكاتها و بسماتها البريئة . وفجأة توقفت مع زوجتي وبدأت ألتقط لها و لحركاتها صورا بديعة جدا وخلفها الزهور اليانعة .
ثم مددت ذراعي وكفي إلى سماء فلمست كفها الناعم الصغير والتقطت لها أجمل الصور في تلك اللحظات . علقت الكامرة على كتفي ومددت ذراعي الثانية لها ثم حملتها و قبلتها قبلتين . وعندما راقبت زوجتي الكريمة هذا الموقف طلبت مني أن أعطيها كامرتي لكي تلتقط لنا صورتين . و ضعت سماء على صدري و شعرت بدقات قلبها وقلبي فكأنهما عصفوران يغردان أنشودة العشق والهيام الروحي. ثم وضعتها برفق على الأرض وكلمت أمها و سألتها عن إسمها و أين تسكن و طلبت منها أن تزورنا مع سماء عصر غد لشرب القهوة و الشاي و لكي أعطيها صور سماء .
للأسف الشديد ومن شدة فرحي العظيم نسيت أن أكتب رقم هاتفها ، لأني توقعت أن رقم هاتفها وعنوانها موجودان في دليل الهواتف . ثم ذهبنا إلى البيت وحدثتني زوجتى عني وقالت : أن الفرحة كانت طافحة على وجهك .
وعند وصولنا البيت فتحت دليل الهواتف لم أجد إسم الأخت فيه ، ثم اتصلت بالإستعلامات ، فأخبرتني موظفة الإستعلامات بأن السيدة فلانة غير مسجلة في دليل الهواتف .
و نمت تلك الليلة أجمل وأهنأ نوم ، حيث شعرت بالبهجة و الحبور بالتعرف على سماء . ذهبت في اليوم التالي إلى المدينة و طبعت صور سماء واشتريت لها لعبتين صغيرتين . إنتظرناهما في الساعة الثالثة عصرا لنشرب القهوة فلم تأتي أمها.
خطرت على بالي فكرة بأن نتصل هاتفيا بدائرة تسجيل و سكنى المواطنين في مدينتنا ، حيث حكيت للموظفة القصة من البداية إلى النهاية وطلبت منها إعطائي عنوان سكن أم سماء و عائلتها . أجابتني الموظفة المسؤولة عليك أن تحضر هنا وتدفع رسما قدره 8 يوروات ونعطيك عنوانها . قلت لها سأحضر مع زوجتي غدا .
ذهبنا في اليوم التالي إلى دائرة تسجيل وسكنى المواطنين وجلسنا أمام الموظفة وحكيت لها القصة الكاملة و أعطيتها إسم السيدة الكامل . بحثت الموظفة في الكومبيوتر ، إلا أنها للأسف الشديد لم تجد إسم أم سماء في سجلات الدائرة .
ثم عدنا خائبين إلى البيت ، إلا أني لم أقطع الأمل برؤية الطفلة حبيبتي سماء ، لأن طبعي التفاؤل . وددت من الأعماق أن أنشر صور سماء ، إلا أني لا أنشر اية صورة لسماء إلا بعد أخذ موافقة أمها لأن موضوع الصور خاص يخص سماء و أمها ، لكني أعدكم بأن أنشر كافة صورها عندما ألتقي بسماء وأمها وآخذ موافقتها على ذلك ، لأني أيضا حريص على خصوصياتها . كم تسعدني رؤية الحبيبة سماء و متابعة نموها وتطورها في حياتها .
إنها بحق هبة ونعمة جليلة من الله سبحانه وتعالى لي بأني تمتعت بأعذب اللحظات مع أطهر طفلة ببرائتها و إشراقتها . شعور فياض في غاية السعادة و الإبتهاج لأننا سرنا سوية يدا بيد عدة خطوات وكأننا نعرف بعضنا الآخر لفترة طويلة ، وهكذا نشأت صداقة حب أصيلة نزيهة :
آه منك يا سماء آه من عاديات الزمن وبعدك عني يا سماء إلى اللقاء يا حبيبتي سماء
عزيزي الزائر أتمنى انك استفدت من الموضوع ولكن من
اجل منتديات شبكة همس الشوق يرجاء ذكر المصدرعند نقلك لموضوع ويمكنك التسجيل معنا والمشاركة معنا والنقاش في كافه المواضيع الجاده اذا رغبت في ذالك فانا لا ادعوك للتسجيل بل ادعوك للإبداع معنا . للتسجيل اضغظ هنا .