بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها المريض على السرير العريض..
طهور ما أصابك وكفارة ما نابك والله قد أجابك..
مع كل ونّة نسيم من الجنة.. ومع كل رنة بشرى من السنة..
بشر المريض بعافية.. أو رحمة وافية.. أو كفّارة كافية.. أو نفحة من الله شافية..
أيها المرضى لا تكونوا يائسين أو أَسِفين.. وردّدوا : ((وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)).
بقي أيوب في البلايا والخطوب.. ماله مسلوب.. وجسمه منكوب..
فنادى علام الغيوب ((أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)) فعاد من السالمين الغانمين..
بشر من أصابه الوصب والنصب.. بقصور في الجنة من قصب.. وفضة وذهب.. ((إذا صبر واحتسب))
لا تقل : آه ولكن قل : يا الله .
إذا أصابك جرح فلا تقل أح.. لأن الصبر يقول هذا ما يصح.. ولا يستحق من شكا المدح,,
سبحان من أحبك فابتلاك.. ليسمع نجواك.. وليصعد إليه بكاك.. وترتفع إليه شكواك..
هنيئاً لك أنت على سرير التطهير.. وعلى كرسي التكفير.. ترعاك عناية اللطيف الخبير..
الرحمة عليك تهبط.. والخطايا تسقط..
أدخلك الكير لتخرج ذهبا.. إذا سلب ما أعطى فطالما وهبا..
واعلم أنه يدخر لك أجراً عجيبا.. وثواباً طيبا..
ما دام أنك منكسر القلب.. ملقىً على جنب.. فأنت قريب من الرب..
لا يغرنك المنافق فهو عير على شعير.. وبعير على شفا بير..
تأتي ضربته قاصدة.. ونفسه جامدة.. وروحه جاحدة..
فهو كشجرة الأَرْزة منتصبة متصلبة.. وفي لحظة وإذا هي متقلبة..
أما أنت يا مؤمن فأنت كالخامة مع ريح الشمال.. مرة من يمين ومرة من شمال.. لأنك شجرة جمال وجلال..
يا أيها المسلم المبتلى: حظك اعتلى.. وثمنك غلا.. وغبار المعصية عنك انجلى..
والله إنك أحب إلى ربك من المنافق السمين.. والفاجر البطين.. والعاصي الثخين.. كما أخبر الصادق الأمين..
المنافق كالخروف.. يسمن للضيوف.. ثم يذبح بسكين الحتوف..
والمؤمن جواد يضمّر.. ليقطع السير المقدّر.. ويصل إلى المحل الموقّـر..
دع الشحم يذوب.. وتذهب الذنوب.. وتخشع النفس وتتوب..
ويعود القلب عودة حميدة.. وترجع الروح رجعة مجيدة..
يا أهل الأسِرّة البيضاء: هنيئاً لكم هذا البلاء.. وأبشروا بالشفاء.. أو بمغفرة تغسل الأخطاء.. ورحمة أعظم من الدواء..
المرض يذهب الكبر والبطر.. والعجب والأشر..
لأن الرزايا إلى الجنة مطايا.. والبلايا من الرحمن عطايا.. وإلى رضوانه مطايا..
ابتلاك بالأسقام.. ليغسل عنك الآثام..
فافرح لأنه رشحك للعبوديّة.. لأن البلاء طريقة محمديّة..
يبتلى الناس الأمثل فالأمثل.. والأفضل فالأفضل.. والأكمل فالأكمل..
إذا أحب الله قوماً ابتلاهم.. وطهّرهم وجلاّهم
كان رسولنا يوعك كما يوعك رجلان.. لأنه حبيب للرحمن.. كامل الإيمان تام الإحسان..
مرض عمران بن الحصين.. الصحابي الأمين.. ثلاثين عاما حمل فيها أسقاما.. وذاق آلاما..
فقال له أصحابه وطلب منه أحبابه.. أن يدعو ربَّه ليكشف كربه..
قال : كلا أحبه إليّ أحبه إلى ربي.. ولعله يغفر ذنبي..
وكانوا يفرحون بالبلية ويعدونها عطية..؟!!! ونفوسهم بمواقع القدر رضيـة..
ويرون المحنة منحة.. والترحة فرحة..
لأنهم تعرفوا على الخالق.. فعرفهم الحقائق..
اصبر على مرارة دواء المصيبة.. لترى أحوالاً عجيبة.. فعافيتك قريبة..
والرِّضا بمُرِّ القضا.. ولو على جمر الغضى.. وحرّ اللّظى..
بوّابةُ البلاء لا يدخلها إلاّ الأولياء.. ويرد عنها الأدعياء.. واسأل عن ذلك تاريخ الأنبياء..
البلاء أعظم لأجرك.. ((إذا قوي أيوب صبرك))
تريد الجنة بلا ثمن.. وأنت ما مرضت من زمن.. وفي غفلة العافية مرتهن..
المرض صيحة.. تفتح الأسماع والأبصار.. وتذكر الأبرار.. وتنفض عن الصالحين الغبار.. ليكونوا من الأطهار الأخيار..
إذا ابتلى الله العبد بالسقم.. وسلّط عليه الألم.. ثم شافاه مَنَّ عليه بلحم ودم.. وما شاء من نعم..
وإن توفاه غفر له ما تأخر وما تقدم.. من الذنب واللمم..
إذا مرضت ذهب الظمأ بالغفران.. وابتلت العروق بالرضوان..
وثبت الأجر عند الديّان.. وهذّب القلب من الكبر والطغيان..
(كلا إن الإنسان ليطغى.. أن رآه استغنى).. وإلى زينة الدنيا يصغى..
فعلم الله أن تهذيبه في تعذيبه.. وتقريبه في تأديبه..
كلما ضرب العبد سوطا.. عاد إلى الله شوطا..
هذا المرض حماك.. من فعلة شنعاء ووقاك..
من داهية دهياء.. وكَفّر عنك آثار الفحشاء.. ورفرفت به روحك من الأرض إلى السماء..
بالمرض يجول القلب في سماء التوحيد.. وتطير الروح في فضاء التجريد..
ويغسل البدن بماء الإنابة.. ويفتح الله للمريض بابه.. ويسارع إليه بالإجابة..
عند المريض رسالة من ربه.. كتبت حروفها في قلبه..
فحواها : أحببناك فأدبناك.. وبالمرض قربناك.. وبالبلاء هذبناك..
إبل الهدي تتقدم شوقاً للرسول وبيده الحربة.. تنتظر منه الضربة..
لتذوق حلاوة الألم.. من كف سيد الأمم..!
وأنت تتبرم بالبلاء..!! وهو عتاب من رب الأرض والسماء..!!!!!!!!!!
أيها المريض : ((أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك))
اقتطفت لكم هذه المقتطفات من المقامة الشفائية للشيخ عائض بن عبدالله القرني