7- باب اليقين والتوكل
عن عُمَررضي الله عنه، قَالَ : سمعتُ رَسُول الله صلى الله عليه و سلم ، يقول : (( لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ ، تَغْدُو خِمَاصاً وَتَرُوحُ بِطَاناً )) رواه الترمذي ، وَقالَ : (( حديث حسن )) .
معناه : تَذْهبُ أَوَّلَ النَّهَارِ خِمَاصاً : أي ضَامِرَةَ البُطُونِ مِنَ الجُوعِ ، وَتَرجعُ آخِرَ النَّهَارِ بِطَاناً . أَي مُمْتَلِئَةَ البُطُونِ
صورة
الشرح
-اليَقِينُ : العِلْمُ الذي لا شكَّ معه .
-التوكل : من توكل ، الاعتماد الواثق على الغير./مصطلحات فقهية/
اليقين هو قوة الإيمان والثبات , والتوكل من ثمراته وهو اعتماد الإنسان على ربع عزوجل في ظاهره وباطنه , في جلب المنافع وذفع المضار* ومن يتوكّل على الله فهو حسبه"
عن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم
يقول: (( لو إنكم تتوكلون علي الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدوا خماصا وتروح
بطانا))رواه الترمذي، وقال: (( حديث حسن)). معناه: تذهب أول النهار خماصا: أي:
ضامرة البطون من الجوع وترجع آخر النهار بطانا: أي: ممتلئة البطون. الشرح يقول النبي عليه
الصلاة والسلام حاثا أمته علي التوكل(( لو إنكم تتوكلون علي الله حق توكله)) أي: توكلا حقيقيا،
تعتمدون علي الله _ عز وجل _ اعتمادا تاما في طلب رزقكم وفي غيره (( لرزقكم كما يرزق
الطير)) الطير رزقها علي الله عز وجل، لانها طيور ليس لها مالك، فتطير في الجو، وتغدوا إلى
أوكارها، وتستجلب رزق الله عز وجل. (( تغدوا خماصا)) تغدوا: أي تذهب أول النهار، لان
الغدوة هي أول النهار. وخماصا يعني: جائعة كما قال الله تعالى: ( فَمنِ ا ضطر فِي مخمصةٍ غَير
متجانِفٍ لإِْثمٍ فَإِ ن اللَّه غَفُور رحِيم)(المائدة: من الآية 3)، مخمصة: يعني مجاعة. (( تغدوا
خماصا)) يعني جائعة: ليس في بطونها شئ، لكنها متوكلة علي ربها عز وجل. (( وتروح)) أي
ترجع في آخر النهار، لان الرواح هو آخر النهار. (( بطانا)) أي ممتلئة البطون، من رزق الله
عز وجل. ففي هذا دليل علي مسائل: أولا: انه ينبغي للإنسان إن يعتمد علي الله_ تعالى_ حق
الاعتماد. ثانيا: انه ما من دابة في الأرض إلا علي الله رزقها، حتى الطير في جو السماء، لا
يمسكه في جو السماء إلا الله، ولا يرزقه إلا الله عز وجل. كل دابة في الأرض، من اصغر ما
يكون كالذر، أو اكبر ما يكون، كالفيلة وأشباهها، فان علي الله رزقها، كما قال الله: (وما مِن دابةٍ
فِي اْلأَ رضِ إِلَّا على اللَّهِ ر زقُها ويعَلم مسَتَقرها ومسَتودعها )(هود: من الآية 6)، ولقد ضل ضلالا
مبينا من أساء الظن بربه، فقال لا تكثروا الأولاد، تضيق عليكم الأرزاق! كذبوا ورب العرش،
فإذا اكثروا من الأولاد اكثر الله في رزقهم، لأنه ما من دابة علي الأرض إلا علي الله رزقها،
فرزق أولادك وأطفالك علي الله عز وجل، هو الذي يفتح لك أبواب الرزق من اجل إن تنفق
عليهم، لكن كثير من الناس عندهم سوء ظن بالله، ويعتمدون علي الأمور المادية المنظورة، ولا
ينظرون إلى المدى البعيد، والي قدرة الله عز وجل، وانه هو الذي يرزق ولو كثر الأولاد. اكثر
من الأولاد تكثر لك الأرزاق، هذا هو الصحيح.
صورة
وفي هذا دليل_ أيضا_ علي إن الإنسان إذا توكل
علي الله حق التوكل فليفعل الأسباب. ولقد ضل من قال لا افعل السبب، وأنا متوكل، فهذا غير
صحيح، المتوكل: هو الذي يفعل الأسباب متوكلا علي الله عز وجل، ولهذا قال عليه الصلاة
والسلام: (( كما يرزق الطير تغدوا خماصا)) تذهب لتطلب الرزق، ليست الطيور تبقي في
أوكارها، لكنها تغدوا وتطلب الرزق. فأنت إذا توكلت علي الله حق التوكل، فلا بد إن تفعل
الأسباب التي شرعها الله لك من طلب الرزق من وجه حلال بالزراعة، أو التجارة، بأي شئ من
أسباب الرزق، اطلب الرزق معتمدا علي الله، ييسر الله لك الرزق.
صورة
ومن فوائد هذا الحديث: إن
الطيور وغيرها من مخلوقات الله تعرف الله، كما قال الله تعالى: )تُسبح لَه السماواتُ السبع
واْلأَ رض ومن فِيهِن وإِ ن مِن شَيءٍ إِلَّا يسبح بِحمدِهِ)(الإسراء: من الآية 44 )، يعني: ما من شئ إلا
يسبح بحمد الله )( ولكِن لاتَفَقهون تَسبِيحهم ). (أََلم تَر أَ ن اللَّه يسجد لَه من فِي السمااتِ ومن فِي
اْلأَ رضِ والشَّمس واْلَقمر والنُّجوم واْلجِبالُ والشَّجروالدوا ب و كثِير مِن النَّاسِ و َ كثِيرحقَّ عليهِ
اْلعذاب ومن يهِنِ اللَّه فَما لَه مِن مكرِمٍ إِ ن اللَّه يفعلُ ما يشاء)(الحج: من الآية 18 ). فالطيور تعرف
خالقا عز وجل، وتطير تطلب الرزق بما جلبها الله عليه من الفطرة التي تهتدي بها إلى
مصالحها، وتغدو إلى أوكارها في آخر النهار بطونها ملا، وهكذا دواليك في كل يوم، والله عز
وجل يرزقها وييسر لها الرزق. وانظر إلى حكمة الله، كيف تغدو هذه الطيور إلى محلات بعيدة،
وتهتدي بالرجوع إلى أماكنها، لا تخطئها، لان الله_ عز وجل_ أعطي كل شئ خلقه ثم هدي.
والله الموفق.