15- باب المحافظة على الأعمــال
وعن عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنَ اللَّيْلِ ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلاَةَ الفَجْرِ وَصَلاَةِ الظُّهْرِ ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ ) رواه مسلم .
صورة
الشرح
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقضاه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر ، يعني فكأنما صلاه في ليلته .
هذا فيه دليل على أن الإنسان ينبغي له إذا كان يعتاد شيئاً من العبادة أن يحافظ عليها، ولو بعد ذهاب وقتها.
والحزب معناه : هو الجزء من الشيء ، ومنه أحزاب القرآن ، ومنه أيضاً الأحزاب من الناس ، يعني الطوائف منهم ، فإذا كان الإنسان لديه عادة يصليها في الليل ؛ ولكنه نام عنها ، أو عن شيء منها فقضاه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر ؛ فكأنما صلاه في ليلته ، ولكن إذا كان يوتر في الليل ؛ فإنه إذا قضاه في النهار لا يوتر ، ولكنه يشفع الوتر ، أي يزيده ركعة ، فإذا كان من عادته أن يوتر بثلاث ركعات فليقض أربعة ، وإذا كان من عادته أن يوتر بخمس فليقض ستاً ، وإذا كان من عادته أن يوتر بسبع فليقض ثمانيا وهكذا .
ودليل ذلك حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبه نوم أو وجع من الليل ؛ صلى من النهار تنتي عشرة ركعة (194)، والقضاء فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر مقيد بأحاديث تدل على أن صلاة الفجر لا صلاة بعدها حتى تطلع الشمس ، ولا بعد طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح ، فيقيد عموم هذا الحديث الذي ذكره المؤلف بخصوص الحديث الذي ذكرناه ، وأن القضاء يكون من بعد ارتفاع الشمس قيد رمح ، وقد يقال بأنه لا يقيد ، لأن القضاء متى ذكره الإنسان قضاه ، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ، ولا كفارة له إلا ذلك )(195) .
صورة
ويؤخذ من الحديث الذي ذكره المؤلف أنه ينبغي للإنسان المداومة على فعل الخير ، وألا يدع ما نسيه إذا كان يمكن قضاؤه ، أما ما لا يمكن قضاؤه فإنه إذا نسيه سقط ، مثل سنة دخول المسجد التي تسمى تحية المسجد ، إذا دخل الإنسان المسجد ، ونسى وجلس وطالت المدة ؛ فإنه لا يقضيها ؛ لأن هذه الصلاة سنة مقيدة بسبب ، فإذا تأخرت عنه سقطت سنتها ، وهكذا كل ما قيد بسبب ؛ فإنه إذا زال سببه لا يقضى ، إلا أن يكون واجباً من الواجبات ؛ كالصلاة المفروضة ، وأما ما قيد بوقت فإنه يقضى إذا فات ؛ كالسنن الرواتب ؛ لو نسيها الإنسان حتى خرج الوقت فإنه يقضيها بعد الوقت ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وكذلك لو فات الإنسان صيام ثلاثة أيام من الشهر ـ الأيام البيض ـ فإنه يقضيها بعد ذلك ، وإن كان صيام ثلاثة أيام من الشهر واسعاً ؛ فتجوز في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره ، لكن الأفضل في الأيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر . والله الموفق .