بسم الله الرحمن الرحيم
* قبس من نور النبوة *
ساحة تعنى بالأحادث النبوية، وتفتح مجالا لفهم معانيها واستنباط الفوائد والعبر منها.
والسنة الشريفة باب من دخله كان إلى الله عزوجل من الواصلين، وهي الحصن الحصين الذي من دخله كان من
الآمنين، فالسنة تقوم بأهلها وإن قعدت بهم أعمالهم، والسنة تُنير لأهلها إذا انطفأت على أهل البدع والنفاق
أنوارهم، قال الله عز وجل: {يَومَ تَبَيضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106].
(الشيخ محمد حسان)
قال الشافعي رحمه الله: "كل ما حكم به رسول الله فهو مما فهمه من القرآن، قال تعالى: {إنّا أَنَْزلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ
بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ} [النساء: 105]".
الفاصل2.png
السنة في اللغة: الطريقة محمودة كانت أو مذمومة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ سَنَّ سُنّة سيّئة فَعليه ِوزرها
ووزرُ مَن عمِل بها إلى يَوم القيامة» (أخرجه مسلم)، ومن حديث: «لتتّبعن سَنَنَ مَن قبلكم شِبرا بشبر وذِراعا
بذراع» (أخرجه البخاري ومسلم).
وأما في الشرع: فتُطلق على ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنه وندب إليه قولاً وفعلاً.
الفاصل2.
وقد جاء في فضلها وعِظمها نصوص كثيرة، نذكر منها لا على سبيل الحصر:
قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}
[الأحزاب: 21].
وقال: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80].
وقال: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3-4].
وقال: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا
عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: 54].
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل أمتي يدخلون الجنة إلَّا من أبى، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى».
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنِّي قد تركت فيكم شيئين لَن تَضلُّوا بعدهما كتاب اللهِ وسُنَّتي ولن يتفرقا حتَّى يَردا عليَّ الحوض».
الفاصل2.
وأهمية السنة في كونها مبيِّنةً لكتاب الله وشارحةً له أوَّلًا، ثم من كونها تزيد على ما في كتاب الله بعض الأحكام.
يقول الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].
يقول ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2/190):
"البيان منه صلى الله عليه وسلم على ضربين:
الأول: بيان المُجمل في الكتاب العزيز، كالصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر الأحكام.
الثاني: زيادة حكم على حكم الكتاب، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها" انتهى.
::
ولما كانت السنة القسمَ الثانيَ من أقسام الوحي، كان لا بد من حفظ الله تعالى لها، ليحفظَ بها الدين من التحريف أو النقص أو الضياع.
يقول ابن حزم رحمه الله "الإحكام" (1/95):
"قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ} [الأنبياء: 45].
فأخبر تعالى أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم كله وحي، والوحي بلا خلاف ذِكْرٌ، والذكر محفوظ بنصِّ القرآن، فصحّ بذلك أن كلامه صلى الله عليه وسلم كله محفوظ بحفظ الله عز وجل، مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء، إذ ما حَفِظَ الله تعالى فهو باليقين لا سبيل إلى أن يضيع منه شيء، فهو منقول إلينا كله، فلله الحجة علينا أبدا" انتهى.
(موقع الإسلام سؤال وجواب)
الفاصل2
قراءة الأحاديث فيها أجر
وردت الأدلة على الأجر في قراءة القرآن الكريم فهل هناك أجر في قراءة الأحاديث النبوية؟
نعم قراءة العلم كله فيها أجر، تعلم العلم وطلب العلم من طريق القرآن الكريم، ومن طريق السنة فيه أجر عظيم، فالعلم يُؤخذ من الكتاب، ويؤخذ من السنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم العلم وعلمه» [1]، وجاء في قراءة القرآن الكريم أحاديث كثيرة، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا القرآن، فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة» [2] (رواه مسلم).
وقال ذات يوم عليه الصلاة والسلام: «أيحب أحدكم أن يذهب إلى بطحان -وادٍ في المدينة- فيأتي بناقتين عظيمتين في غير إثم ولا قطيعة رحم؟ فقالوا: كلنا يحب ذلك يا رسول الله، فقال: لأن يذهب أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتابا لله خير له من ناقتين عظيمتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع، ومن أعدادهن من الإبل» [3] أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فها يدل على فضل تعلم القرآن الكريم، وقراءة القرآن الكريم.
وفي حديث ابن مسعود: «من قرأ حرفاً من القرآن فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها» [4].
هكذا السنة إذا تعلمها المؤمن، فقرأ الأحاديث ودرسها يكون له أجر عظيم؛ لأن هذا من تعلم العلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة» [5]، وهذا يدل على أن دراسة العلم، وحفظ الأحاديث، والمذاكرة فيها من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، وهكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيراً يفقه في الدين» [6] (متفق عليه)، والتفقه في الدين يكون من طريق الكتاب، ويكون من طريق السنة، والتفقه في السنة من الدلائل على أن الله أراد بالعبد خيراً، كما أن التفقه في القرآن الكريم دليل على ذلك، والأدلة في هذا كثيرة ولله الحمد.
ـــــــ
[1] أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، برقم 4639.
[2] أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة، برقم 1337.
[3] أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وتعلمه، برقم 1336.
[4] أخرجه الترمذي في كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء فيمن قرأ حرفاً من القرآن ما له من الأجر، برقم 2835.
[5] أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم 4867.
[6] أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يُرد الله به خيراً يفقه في الدين، برقم 69، ومسلم في كتاب الزكاة باب النهي عن المسألة، برقم 1719.
http://www.binbaz.org.sa/mat/3321
آخر تعديل نسائم خير يوم
4 - 12 - 2015 في 02:29 AM.