من احاديث رسولنا الكريم عن الصلاة
هل ستضيعهم بعدما اوصانا بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم ..؟؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
"لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا
لاستهموا عليه ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في
العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا".
*المعنى العام *
طلب صلى الله عليه وسلم من أصحابه أن يتقدم إلى الصف الأول أولوا العقول
والفهم والعلم، ولكن كيف يستجيبون لذلك؟ وهم المتواضعون الذين يحسنون الظن
بغيرهم؟ قبل أن يحسنوه بأنفسهم؟ من منهم الذي يدعي لنفسه أنه خير القوم
عقلا وعلما حتى يتقدم؟ لقد دفعهم تواضعهم وهضمهم لأنفسهم إلى أن يتأخروا عن
الصف الأول، حتى كاد يختل توازنه وتراصه، بل حتى خلا الصف الأول، وأصبح بين
الإمام وبين المأمومين ما يسع صفا أو أكثر، لقد رغب صلى الله عليه وسلم في
الصف الأول كثيرا، قال: تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم"
وقال "خيرصفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها"
ولم يتغلب الترغيب على هضم النفس والتواضع فظلوا يتأخرون عن الصف الأول، حتى
قال صلى الله عليه وسلم "لا يزال قوم يتأخرون [عن الصف الأول]
حتى يؤخرهم الله"
وربط فضل الصف الأول بميزة يؤمن بها الصحابة، ربطه بالأذان وفضل
المؤذنين وقد علم عندهم أن المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة، فقال:
لو يعلم المسلمون فضيلة المؤذن وفضيلة الصلاة في الصف الأول لاستبقوا
إليهما ولتنافسوا وتباروا في الوصول إليهما حتى يضطروا إلى القرعة تفصل
بينهم، وتقدم بعضهم، ولما كان المقام بيان التسابق في الخيرات اقتضى أن
يقرن بذلك الدعوة إلى التسابق إلى الصلاة والتبكير إليها، وبخاصة صلاة
العشاء وصلاة الفجر، وهما أثقل صلاة على المنافقين
فقال: لو يعلم المسلمون
ما في التبكير إلى الصلاة من الأجر لتسابقوا بشأنه ولو يعلمون ما في صلاة
العشاء والفجر من الأجر لأتوهما سراعا ولو كانوا مرضى لا يستطيعون المشي،
لأتوهما حبوا على أيديهم وأرجلهم.
*فقه الحديث *
قال النووي: في هذا الحديث تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام، لأنه أولى
بالإكرام ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف، فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن
لتنبيه الإمام على السهو، لما لا يتفطن له غيره، وليضبطوا صفة الصلاة
ويحفظوها وينقلوها ويعلموها الناس، وليقتدي بأفعالهم من وراءهم.
ولا يختص هذا التقديم بالصلاة، بل السنة أن يقدم أهل الفضل في كل مجمع إلى
الإمام وكبير المجلس، كمجالس العلم، والقضاء، والذكر والمشاورة، ومواقف
القتال، وإمامة الصلاة، والتدريس، والإفتاء، وإسماع الحديث ونحوها،
والأحاديث الصحيحة متعاضدة على ذلك.
*ويؤخذ من الحديث فوق ذلك: *
1- فضيلة الأذان والمؤذن.
2- فضيلة الصف الأول فالأول.
3- مشروعية القرعة عند التنازع وعدم المرجح.
4- فضيلة التهجير والتبكير إلى الصلاة.
5- جواز تسمية العشاء عتمة، وقد ثبت النهي عنه، قال النووي: وجوابه من
وجهين. أحدهما أن هذه التسمية بيان للجواز، وأن ذلك النهي ليس للتحريم،
والثاني وهو الأظهر أن استعمال العتمة هنا لمصلحة، ولنفي مفسدة، لأن العرب
كانت تستعمل لفظ العشاء في المغرب، فلو قال: لو يعلمون ما في العشاء والصبح
لحملت على المغرب، وفسد المعنى، وفات المطلوب، فاستعمل العتمة التي
يعرفونها ولا يشكون فيها، وقواعد الشرع متظاهرة على احتمال أخف المفسدتين
لدفع أعظمهما.
6- فيه الحث على حضور جماعة العشاء والفجر، والفضل الكثير في ذلك لما فيهما
من المشقة على النفس، من تنغيصهما أول النوم وآخره، ولهذا كانتا أثقل
الصلاة على المنافقين. |
|
|
|