الأديب الأويغورى علي شير نوائى
الأديب الأويغورى علي شير نوائى
عميد الأدب التركى
الأديب الأويغورى علي شير نوائى
(1441- 1501)
الشاعر والمفكر الأويغورى علي شير نوائى من أبرز أدباء عصر الإزدهار فى تاريخ الثقافة والأدب الأويغورى بعد الدولة القاراخانية؛ وهو ممثل عصر الصحوة بعد يوسف خاص حاجب؛ ومفكر عظيم وأديب ولغوى وناشط اجتماعى وشاعر.
ولد نوائى فى مدينة هرات التابعة لخراسان فى عام 9/2/1441م فى أسرة غياث الدين كجيك باخشى. وتوفى 3/1/1501 فى مدينة هرات عن عمر يناهز الستين عاما. وكان علي شير نوائى من أولاد الخطاط-باخشى الأويغور الذين رحلوا إلى مدينة هرات الجديدة بعد الدمار الذى أحدثه جنكزخان فى قلب آسيا.
وهناك آراء متعددة فى الديار الأصلى لغياث الدين باخشى:
الأول: إن غياث الدين يمكن أن يكون من صلب أقرباء الأويغور القاراخانية الذين عاشوا فى فرغانة.
الثانى: يمكن أن يكون غياث الدين قد ارتحل إلى بستان فرغانة من كاشغر مع العلماء مثل سديد الدين الكاشغرى بسبب المصائب التى حلت من قبل الأمير تيمور وأولاده لمغولستان (تركستان).
الثالث: إن لقب «باخشى» لغياث الدين كان لقبا شائعا لدى الأويغور فى طورفان وفى مدينة كاشغر أيضا، ومن الممكن أن يكون غياث الدين من أولاد الأويغور الإديقوتية فى طورفان.
فكلمة «باخشى» بمعنى الكتّاب الذين يحررون الوثائق بالحروف الأويغورية. (انظر لمعنى كلمة«باخشى» "تاريخ الترك فى آسيا الوسطى-بارتولد، ترجمة د.أحمد السعيد سليمان، ص:233-236)
على أية حال، اعتمادا على المعلومات الواردة فى كتاب «تاريخ رشيدى» فإن علي شير نوائى كان منسوبا للأويغور على وجه اليقين.
ذكر المؤرخ الشهير ورجل الدولة السعيدية(1500م-1551م) مرزا محمد حيدر فى كتابه (تاريخ رشيدى):«إن أصل علي شير نوائى من أسرة باخشى الأويغورية، وأبوه كان يسمى كجككنه باخشى». (انظر «تاريخ رشيدى» ص:431 بالأويغورية). (وانظر كذلك إلى نسخة المخطوط من «تاريخ رشيدى» بمعهد الاستشراق لأكاديمية الفنون فى أوزبكستان، برقم: 1410).
أكد هذه المعلومات لمحمد مرزا حيدر كل من الباحث المعروف زكي وليد دوغان التتارى والباحث الروسى المعروف المتخصص فى الدراسات التركية آ.سمنوف فى مؤلفاتهم.
يقول الباحث الفروفسور عزت سلطان عن النوائى:"أنا حرصت كثيرا للدراسات النوائية، ودرست المصادر الكثيرة. وأُلفّت إنتباهكم إلى دليل وهو أن والد علي شيرنوائى غياث الدين كجك كان من أسرة باخشى الأويغورية فى مدينة كاشغر"(انظر دفتر القلوب للنوائى-للكاتب عزت سلطان، طاشكند طباعة 1973، ص: 28).
ذُكر نوائى فى الموسوعة التركية التى نشرت بالتركية أنه «شاعر أويغورى». (انظر "دراسات عن النوائى" للأديب غيرتجان عثمان) بالأويغورية.
وكذلك ذكر فى الموسوعة الإسلامية التركية «وكان كجككنه بهادر والد علي شير نوائي أحد الشخصيات الأويغورية الشهيرة".انظر: (İslam Ansiklopedisi)، المجلد 2،إسطنبول، 1989، ص 449.
وقد أكد الباحث الصينى (لى گوشانغ) فى كتابه «تاريخ الأدب الأويغورى»:«إن علي شير نوائى شاعر عظيم ومفكر كبير للأويغور».
وقد نقل الباحث الصينى فى كتابه «تاريخ الأدب الأويغورى» رأي الباحث الروسى الشهير «سمنوف» المتخصص فى الأدب التركى الذى أشار وأكد إلى أن الشاعرنوائى أديب تابع إلى شعب الأويغور. (انظر كتاب الباحث الصينى فى صفحة: 130بالأويغورية).
عاش علي شير نوائى فى طفولته مع والده فى مدينة هرات، وتعلم هناك اللغة العربية والفارسية، وحفظ القرآن الكريم، ودرس علوم القرآن والحديث والأدب والتاريخ، ودرس كذلك فى المدرسة السلطانية مع حسين مرزا. وفى هذه الفترة نشأت بين التلميذين علاقة وطيدة حتى أنهما تعاهدا على أن من يصير سلطانا منهما يهتم بحال أخيه.
شرع نوائى فى كتابة الشعر فى سن الخامسة عشر من عمره بالعربية والفارسية، واشتهر بالشاعر "ذواللسانين"، كتب الشعر التركى بلقب "نوائى" والشعر الفارسى بلقب "فانى".
عين السلطان حسين بايقارا زميله علي شير نوائى لرئاسة الديوان الملكى فى عام 1472م، واستقال من منصبه فى عام 1476م نتيجة الفتنة والوشاية فى القصر. ومن ثم اشتغل بالإبداع الأدبى والعلمي، وكتب أكثر أعماله الأدبية فى هذه الفترة.
اشتغل نوائى بالعربية والفارسية وترك لنا أكثر من ثلاثين كتابا من عمره البالغ الستين عاما. ولكن العالم الخوتنى الملقب بالمعجزى ذكر فى كتابه (تواريخ الموسيقيين) أن نوائى ألف 63 كتابا.
يصل عدد أبيات الشاعر نوائى حوالى 500.000 ألف مصراعا. ولم يكتب أحد مثله فى الشرق الاسلامى بل فى العالم بأجمعه.
وقد سطر زهر الدين بابور فى عصره عن نوائى السطور الآتية:«علي شير لم يكن له مثيل. وقد كتب الأشعار باللغة التركية بدرجة لم يستطيع أحد أن يكتب كثيرا أو جيدا مثله...».
وقد كتب المؤرخ محمد مرزا حيدر الذى عاش بعد نصف قرن من وفاة نوائى فى كتابه (تاريخ رشيدى) عنه فقال:«علي شير كان مخلصه نوائى، لم يكن هناك أحد ألف شعرا أكثر ولا أحسن باللغة التركية منه. نوائى كان متخصصا فى هذا المجال، وأشعاره التركية لاتقل شهرة عن أشعار الشاعر الفارسى عبدالرحمن جامى».
من أشهر مؤلفاته: خزائن المعانى، خمسه نوائى، مجالس النفائس، محاكمة اللغتين (بين اللغة التركية والفارسية)...
من المعلوم للجميع أن الأويغور أول شعوب الأتراك الذين عرفوا الكتابة بين الشعوب التركية، واستخدموا الأويغورية القديمة والأويغورية القارخانية والأويغورية الجغتائية وجعلوها لغة موحدة بين الشعوب التركية. فى عصر نوائىكان الكتب الأدبية مثل (قوتادغوبيليك وعتبة الحقائق) تنسخ بالأويغورية، وكانت اللغة الأويغورية تستخدم كلغة حية بين العلماء والأدباء فى هرات وسمرقند. لذا الكتب الذى كتبه نوائى بالتركية مكتوب بالأويغورية الجغتائية.
وكان نوائى قد استفاد من أساتذة الأويغور فى سمرقند وهرات مثل سديد الدين الكاشغرى والشاعر سهيل والشاعر لطفى ومولانا السكاكى وعطائى. لذلك لم ينسنوائى فى إبداعاته الأدبية أن يعبر عن ثقافة وحضارة شعبه الأويغور خاصة فى كتابه (خمسة).
الشاعر نوائى قمة عالية فى الأدب والشعر للشعوب التركية بعد يوسف خاص حاجب، وهو فيلسوف احتل مملكة الشعر كما ذكره السلطان حسين بايقارا. وكانت آثاره قد انتشرت بشكل رهيب فى كل مدن الأويغور تقريبا نسخا وتحقيقا وتعليقا. على سبيل المثال نُسخ كتابه (جهار درويش) كاملا بعد شهرين من وفاة علي شيرنوائى فى مدرسة كوجا. أكثر من نَسَخَ مؤلفات على شير نوائى استخدموا لقب الكاشغرى. نسخت مجموعة كتب نوائى (كليات) فى سنة 1824من قِبل عالم كاشغرى. واكتشف فى القرن الماضى فى مدينة ياركند فقط 700 قطعة مخطوطة من مؤلفات نوائى. والذى يحفظ فى المدن الأخرى غير محصور. يوجد من كتابه القيم (خسمة) 21 نسخة مخطوطة فى متحف كاشغر فقط...
والمقامات الأويغورية 12 قد اختارت فى 39 من نصوصها نصوصا من شعر وغزل نوائى... والشعب الأويغورى يلقب الشاعر نوائى بالأستاذ والشيخ ومولانا. وهذا يدل على أن مؤلفات نوائى معروفة أكثر لدى الأويغور بالنسبة للشعوب التركية الأخرى.
وأحس هذ الأمر الأدباء والشعراء من البلاد الأخرى مثل الشاعر القازاقى جوقان وليخانوف والعالم الروسى س. مالوفمو اللذان زارا ديار الأويغور فى أواسط القرن الماضى ووصلا إلى نتيجة أن الأويغور يعتبرون الشاعر نوائى شاعرا موهوبا ومحترما جدا، ويقرأون أشعاره فى مراسم الزفاف والكوميديا (المسرحية) وغيره أولا بأول.
الخلاصة، حتى بعد 500 سنة من وفاة نوائى مازال نوائى حيا فى قلوب الشعراء والأدباء الأويغور.. |
|
|
|