( سورة الممتحنة )
المسلم يعيش للناس
الحقيقة أن ابن
باديس اسمه في
الجزائر رائد النهضة الإسلامية الوطنية.
أيها الإخوة الكرام، المسلم وطني أيضاً، يعيش للناس، يحمل همّ المسلمين، يتألم لآلامهم، يسعد لسعادتهم، فاسمه رائد النهضة الإسلامية الوطنية، تجربة علماء المسلمين في
الجزائر لم تأت عفوية، نحن دائماً مشاكلنا أننا نتلقى فعلا، نقوم على هذا الفعل بردّ فعل، رد فعل مرتجل انفعالي، وقد يكون عنيفا، فنخسر كثيراً، نستخدم أيدينا قبل عقولنا، لكن أعداءنا يستخدمون عقولهم قبل أيديهم، وما لم نستخدم عقلنا قبل أدينا فلن نفلح، هذا رباطة علماء المسلمين، كان مخططا له بخطة بالغة جداً، لما كان بمكة المكرمة يصلي مع أحد زملائه الكبار اجتمعوا وخططوا لإنشاء رابطة تجمع العلماء.
شئ من حياة ابن باديس
أولاً: هو من قسنطينة، وهو المكان الذي كنت فيه، والآن هناك جامع من ثاني جامع في إفريقيا، و جامعة إسلامية فيها اثنا عشر كلية إسلامية تعج بالطلاب طبعاً، لأن هذه المدينة مدينة الإسلام، والإنسان لا يأخذ فكرة من أخبار عن بلد إطلاقاً، هذه نصيحة، أحيانا الأخبار مضللة، شعب مسلم يقدر الدين، يحترم العلماء، وفيه انضباط شديد جداً، طبعاً لن يلتحق بالمدارس الفرنسية، أحيانا ترى أبا مسلما ملتزما متمسكا، أين ابنك ؟ بمدرسة غير إسلامية، يقول لك: راقية، والعقيدة والعادات والتقاليد والسلوك مشكلة كبيرة جداً.
شيخه اسمه حمدان الونيسي، أوصاه بأن يقرأ العلم للعلم، لا للوظيفة ولا للرغيف، وأخذ عليه عهداً ألا يقرب الوظائف الحكومية عند فرنسا.
هناك عالم كبير لا يقل عنه مستوى ابن باديس، اسمه البشير الإبراهيمي، كان صديقه وعلامة، المخلص يتعاون، فإما أن تتعاون وإما أن تنافس، فتعاون معه تعاونا شديدا جداً.
لما عاد إلى
الجزائر بدأ بتطبيق برنامجه وخططه لتعليم النشء في المسجد، والدروس تبدأ بعد الفجر، وتستمر طيلة النهار، تأتي وجبات، يقولون: أحد أسباب وفاته إرهاقه الشديد، كان وزنه أربعين كيلوا، ينام ساعتين فقط، مات بسن مبكرة جداً، في سن الخمسين، والإنسان يعيش للسبعين أحياناً، توفي ابنه بحياته، بلغه نبأ وفاته في أثناء الدرس، فكمل الدرس، قال: رحمة الله عليه، وأكمل الدرس.
أنا ما تصورت إنسانا أن يصل إلى مستويات يواجه دولة عظمى، يواجه دولة تريد
الجزائر مستعمرة لها أبدية، بحسب تفاصيل ما فعلته في
الجزائر من أجل أن تبقى شيئا لا يصدق، من قتل، وقهر، أقاموا جدارا كما تقيم إسرائيل جدارا، جدارا كهربائيا بخمسمئة فولط، جدار ألغام، حتى لا تأتي مساعدات من تونس ومن المغرب، هذا الجدار قضية قديمة جداً، بالمتحف رسموا الجدار، وألقت فرنسا قنبلة ذرية، وإلى الآن آثارها في الجزائر، أنا كل ذهني فقط في هيروشيما ونكازاكي، وفي
الجزائر ألقت قنبلة ذرية، وإلى الآن مشوهون من تلك القنبلة،
العالم الغربي ينبغي أن تعرف من هو، لكن الله عز وجل أكرمنا أنه أعاننا على أن نكفر به.
من أقواله الرائعة
القول الأول:
من أقواله الرائعة: ابدأ، والنهاية في ذهنك.
أحيانا يبدأ الإنسان ويضيع، ابدأ واجعل الهدف واضحا أمامك، ابدأ والنهاية في ذهنك.
أراد هذا
العالم الجليل أن يربي النشء، لكن بطريقة ألا نتوسع له في العلم، وإنما نربيه على فكرة صحيحة، ولو مع علم قليل، ترى كتابا من ثمانمئة صفحة، يجب أن تحفظه بصمًا، يعطل لك الإبداع، يعطل الفهم العميق، أعطه علما معقولا، واجعله يفهم فهمًا عميقا.
القول الثاني:
الداء شخّصه، كما يلي، قال: " إن البلاء المنصب على هذا الشعب آتي من جهتين متعاونتين عليه، يفسدان عليه دينه ودنياه، استعمار مادي، عسكر قوي، وهو فرنسا، واستعمار روحاني من موجِّهين توجيهم غلطٌ ".
أحيانا تتلقى توجيها غلط تتشوه أفكارك، ويشوّه سلوكك، نريد توجيها صحيحًا.
أحيانا الداعية دون أن يشعر يبني بناء خاطئا، يبني إنسانًا متواكلا، لا يعمل، ألغى السعي كله، يقول: ما دخلك بالأمور العامة، يجعله يعيش لذاتك، كان الشيخ إنسانًا حاملا لهموم الأمة، ما كان يقبل إنسانا يعيش لنفسه يعيش لذاته.
القول الثالث:
كان يقول: " هدف هؤلاء تجهيل الأمة لئلا تفيق بالعلم، وتفقيرها لئلا تستعين بالمال على الثورة ".
كان من سداد الرأي أن تبدأ الجمعية بمحاربة الاستعمار الثاني، استعمار العقول هذا أخطر.
بصراحة أقول لكم: إن بلادا فيها جيش محتل شيء خطير، وهناك بلاد ليس فيها جيش محتل، لكن فيها غزو ثقافي، فيها فضائيات، تعطيك الدنيا، هي كل شيء، و الشهوة كل شيء، و المرأة كل شيء، مثلاً، هذا الاستعمار أخطر، لأن قواك شلت جميعها بهذا التلقي المستمر.
تدريسه في المساجد
دروسه في الجامع: النهار كله للأطفال، عقد الأمل على الصغار، لأنهم مستقبل الأمة، وأنا قلت لهم هناك: نواجه القنبلة الذرية بقنبلة الذُّرية، لا يوجد حل ثان، يوجد أسلحة فتاكة الآن مع أعدائنا، لكن هذه يجب أن تواجه بجيل مؤمن، الآن أقول لكم: لم يبقَ في أيدينا من ورقة رابحة إلا أولادنا، فقدنا كل شيء، كان منصفاً عندما يُقيم الجماعات الإنسانية يقول لك: هؤلاء أنقياء، وهؤلاء تاجروا بالدين، لقد كان واعيًا جداً للدعوات المنحرفة، وناهضها، ورفضها رفضاً قاطعاً.
القصة من ألف وثمانمائة، كان يطالب فرنسا بتطبيق دستورها، وألا تكيل بمكيالين، سبحان الله التاريخ يعيد نفسه، الأقوياء يكيلون بألف مكيال ومكيال، تجد دولة آسرة عشرين ألف أسير لا أحد يتكلم بكلمة، ولا تعليق، ولا استنكار، ولا شجب أبداً، نأسر أسيرا واحدا أو أسيرين تقوم الدنيا ولا تقعد، ويهدمون بلداً بأكمله، ويدمرون البنية التحتية التي كلفت أربعين مليارا، لأنه أسير، والعالم ساكت، هذا شأن الطغاة والأقوياء، طبعاً عَلَمهم فيه نجمة بخمس فروع، رمز للصلوات الخمس، وأركان الإسلام، واللون الأحمر لون الثورة، والأبيض لون العلم، والأخضر رمز السلام، الدين قوي جداً هناك، والحمد لله، انظر إلى المنهج السليم.
جمعية العلماء من تعاليمها المشددة ألا تخوض في أي قضية سياسية أبداً، لكن كانت تخوض في محاربة الآفات الاجتماعية والخمر والميسر، وكل ما يحرمه الإسلام، عندما يستقيم الإنسان يصبح قوياً، أما إذا غرق بالشهوات والخمور والنساء والزنا يضعف.
القول الرابع:
كان يقول: " ما أصيب المسلمون في أعظم ما أصيبوا به إلا بإهمالهم أمر الاجتماع و نظامه فعلى أهل العلم و هم المسئولون عن المسلمين بما لهم من إرث النبوة فيهم أن يقوموا بما أرشدت إليه الآية الكريمة ":