وداعاً.. حياء البنات!! د. أميرة علي الزهراني - مجلة اليمامة في حفلات الزفاف والمناسبات والمطاعم، والاستراحات، وأروقة الجامعات، والأسواق، وفي كل مكان.. تعثر على عشرات المراهقات منهمكات في حالة التقاط صورة «سيلفي» في وضع شبقي غير لائق؛ زم الشفاه كمن ضبطت متلبسة وهي تهم بمنح قبلة، وجفون ناعسة مغرقة في الإغواء... في الأسواق تعثر على المراهقة بمكياج عروس، وشعر مسرَّح نصفه سافر، وعباءة مزركشة كالفستان ملقاة بشكل عبثي على الكتفين، وجسم مكشوف من الأمام، محددة تفاصيله بعناية... تمشي المراهقة بمنطق «يا أرض اتهدي ما عليك قدّي» وهي تتلفت للوراء، تطمئن على عدد المراهقين الذين أغرموا بشكلها الفاتن فانساقوا كالقطعان وراءها... ليعاقب بعدها الشاب وحده بتهمة التحرش، وينتفض المثقفون والمتمدنون وأصحاب الحريات بإدانة الشاب المراهق والمطالبة بإيقاع أشرس العقوبات، وهم أعلم الناس بأن وراء كل رذيلة وانتهاك، باب موارب لم يوصده صاحبه بإحكام!!! في المناسبات وحفلات الزواج والتخرج تحضر المراهقة «لابسة من غير هدوم» فستان شفاف وقصير لنصف الفخذ، معلّق بخيط رفيع على الكتفين، تدفع للأمام صدرها النابت حديثاً، والمنتفخ بشدة بفضل حمالة الصدر المحشوة بإسفنجات، وفي الخلف أرداف مستعارة متورمة تبرهن على كفاءة الحشوات... في المطاعم الرائقة والصاخبة، تندلع ضحكات المراهقات بصراخ هستيري مفتعل كي تمنح الآخرين إشعاراً بأن الفرح والانبساط بالجوار...وفي قروبات الواتس والإنستجرام والسناب شات لقطات وصور لشفرات حلاقة عالية الجودة، وملابس داخلية «كيووووت» وكريمات تبييض مناطق خاصة، وصور شباب موديل غاية في الوسامة «وآآآآآآو.. يخقق».... تتميلح المراهقة في العلن مع الشباب في مواقع الدردشة، وتكتب خواطر أو تستعير قصائد غاية في الغزل والإباحية دون حساب لأب وأخ أو قريب... وتعلن بصرامة وتبجح وجرأة وسط مجلس العائلة وبحضرة والدها وإخوتها أن أهم شرط في عريس المستقبل هو الرومانسية!!! رغم يقينها بأن ما من أحد في مقدرته اختبار رومانسية عريس الغفلة.. تُنصح الأم «الكومبارس» بأن من غير المناسب أخلاقياً ولا دينياً ولا ذوقياً ظهور ابنتها على هذا النحو، وهي البالغة والمكلَّفة شرعاً والفاتنة في الجسم.. فتجيب بكل غباوة وثقة بعبارة معدّة مسبقاً: «يا قِدمكم!!!.. ترى بنات ألحين غير!!!»... تظن المسكينة أن هذا هو التطور والتمدن .. وهي التي، كل مرة، تدعو الله في سرها أن تمر المناسبة على خير، فلا تحرجها بنتها المراهقة أمام الحاضرات بحديث جريء أو رد سليط أو تعليق يعبّر عن سوء أدب... تتأمل بحسرة طفلتها الوديعة الهادئة كبرت وراهقت فتحولت إلى عملاق كبير متغطرس، لا يمكن ردعه ولا السيطرة عليه، ولا محاسبته، أو عدم الإذعان لحاجاته... غاب عنها أن المراهقة، وسط موجة الفشخرة الكذَّابة ، أحوج ما تكون إلى العناية والحماية من نفسها قبل الآخرين، وألا شيء يدوَّخ المراهقة ويقلب المعايير والقيم في رأسها، مثل منحها استقلالاً وحرية أكثر من اللازم، أو الثناء المبالغ على جمالها والتغزل بها... نسيت الأم أن الحياء للبنت زينة وجمال وجاذبية ورزانة، كما قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَا كَانَ الْحَيَاء فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ، وَمَا كَانَ الْفَخْرُ فِي شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ». وأن التربية مسؤولية عظمى: «إن الله سائل كل راع عما استرعاه، حفظَ أم ضيَّع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته». ---------------- "وداعا..حياء البنات" د. أميرة علي الزهراني