الجميع يعرف المعنى العربي للبطالة.. بشر بدون عمل.. وهذا يعني أن مساحة فراغهم بدون حدود..
البطالة شعور بالتهميش.. نستطيع احتواءها بقولنا.. مشاعر سلبية.. هي أشواك قد تكون سامة..
وعندما نقول.. بدون عمل.. علينا استثناء الذين يعملون.. لكنهم لا يعملون.. يعملون بالواسطة..
يُبجّلون بمساحة ليس لها عمل.. تُصبح مهنتهم النّوم.. واستلام الرواتب مع الترقيات..
وقد شاهدت أحدهم نائما.. وهو جالس على كرسي العمل.. كان رأسه مطروحا على (مخدّة) مرتفعة..
فوق سطح مكتبه.. تحدّ للجميع.. من يجرؤ على إيقاظه؟!.. من يجرؤ على تكليفه بعمل؟!..
وكما أرجو.. قد يكون استثناء نادرا.
*أمّا موضوع (الخرف).. فيعني أشياء كثيرة عند العرب.. منها أن تقول ما لا يمكن تطبيقه..
أو التعامل معه.. لا يعتمد على منطق.. ليس له سند رشيد.. (الخرف) كلام مفهوم..
نعرف أبعاده ومعانيه.. لكن لا نستطيع تحويله إلى منفعة؟!.. لأنه في غير محلّه..
ولـ(الخرف) أنواع وأشكال.. يمكن رؤيتها واستنتاجها.. وأيضا التعايش معها..
من أنواع (الخرف) أن يحمل الإنسان مؤهلا.. ثم يجد نفسه في طوابير البطالة..
هذا يعني أن الخرف يمكن أن يطال الدول.. والأنظمة الاقتصادية والاجتماعية..
وحتى نضوب المياه الجوفية.. هو نتيجة خرف عظيم وقاس.
التعريفات ضرورية في زمن طرح اصطلاحات الجودة على عقول.. لا تعي ولا تستوعب
تلك المصطلحات.. عقول محرومة من متعة قيم الجودة.. وبدلا من التعلّم تجدهم يدعون العلم..
وهم في جهلهم يكابدون*أمّا (الكبار).. فتعني عند العرب (البروز) غير الطبيعي.. فنقول سمعة كبيرة..
وكرش كبيرة.. وغلطة كبيرة.. وفضيحة كبيرة.. إلى أن نصل إلى فشل كبير.. ولأن العرب مغرمة
بهذا الأكبر.. وعن طريق أكبر شيء.. استطاعوا دخول برنامج الأرقام القياسية بسهولة..
وعندهم أكبر صحن كبسة.. وأكبر مسبحة.. إلى أن وصلنا إلى أكبر طبق مصنوع من سعف النخل..
وأكبر نافورة في الصحراء.. ثم أنجزنا أكبر (علبة) أو (قوطي) كما يقول أهل الشرقية..
على أحد خزانات المياه في إحدى المدن الكبيرة أيضا.. وبها أكبر درّاجة.. واكبر فرجار هندسي..
هكذا تكون عظمة البروز والتعاظم.
*الحديث عن البشر (الكبار) يقودنا إلى حقائق.. يجب فهمها قبل النوم وبعده.. وفي كتاب كاتبكم
(زمان الصمت).. في قصة (السؤال) قلت: [تجمع الكبار ليتفرج الصغار.. تساءل الصغار:
من جعلهم كبارا؟!.. تساءل الكبار: من حرك فيهم السؤال؟!].. ولم تكن هناك إجابات في القصة..
لكن البطالة أتت لتعطي بعض الجواب الخاص.. المجتمع جعلهم كبارا.. وأيضا المال والمناصب..
وليس من حقنا السؤال كيف ولماذا؟!.. لا نتحدث هنا عن (الكبار).. أهل الجدارة والكفاءة والإمكانيات
المؤثرة إيجابا.. نتحدث عن (الكبار) الذين لا يستحقون ذلك الحجم من الهالة حولهم وعليهم..
ليسوا أهلا لهذا البروز والانتفاخ.. يتم صنعهم في مراحل مختلفة.. ثم يأتي جيل آخر..
ليجدهم في طريقة حجر عثرة.. نتحدث عن هذا النوع من (الكبار).. يصبحون حجر عثرة حتى في طريق
الشباب.. يتشدقون بالنضال في ماضيهم.. والذي أوصلهم.. كما يدعون.. إلى مكانتهم التي
يرون أنفسهم فيها.. يعتقدون أن البقية أغبياء.. لا نريد أن يكون السؤال: كيف وصلتم أنتم؟!..
ولماذا لم يصل الآخرون؟!
*التعريفات ضرورية في زمن طرح اصطلاحات الجودة على عقول.. لا تعي ولا تستوعب تلك
المصطلحات.. عقول محرومة من متعة قيم الجودة.. وبدلا من التعلّم تجدهم يدعون العلم..
وهم في جهلهم يكابدون.. ويا ليتهم يعطون الخبز لخبازه.. لكنهم يتشدقون بترديد المصطلحات دون
علم بفلسفتها ومدلولها.. وفلسفة تطبيقها.. والمصيبة أنهم (ينظّرون) للمستقبل.. يعتقدون بتميزهم
بعقل يملك حل لكل المشاكل.. لا ندري لماذا لا تستعين بهم الهيئات العلمية العالمية؟!..
تجدهم في الاجتماعات.. والمنتديات.. والندوات.. والمؤتمرات.. صوتهم مسموع من خلال
جميع القنوات الاعلامية.. حولهم رهط جاهل يطبّل.. يصنع لهم ألقاب تمجيد لا يستحقونها..
يحبون سماعها.. ونشرها بين الناس.. ومنهم الشباب العاطل.
*وبالعودة إلى الكلمات: (بطالة.. خرف.. كبار).. ليس أمامنا إلا الإبحار
في مجالات التعجب والتساؤلات.. والفهم والتحليل والاستنتاج.. لنقف على (خيبة) التعامل
مع مرض البطالة.. عندما تتقاطع هذه الكلمات.. تعطي مهاترات وتوترات وقلق..
وعندما يصبح (الخرف) جزءا من منهج (الكبار) يتحول الأمر إلى تخبط..
لكن إذا أخذنا الكلمتين (بطالة) و (كبار) نجد أنفسنا أمام جدار الفشل.. وعند خلط الجميع..
وفرمها في خلاطة محلية.. تنتج خلطة من القهر والاستعباد.. تتصلب وتصبح كيانا قائما..
ليس له وجه يعطي تعريفا بمعالم.. لكنه يتحول إلى حجر عثرة في طريق الشباب..
أجيال تُمنّي نفسها ببعض الأماني المتفائلة.. مثل أماني العاطلين.. يتطلعون إلى المستقبل فلا يجدونه..
يبحثون عنه فيجدون هؤلاء (الكبار) وقد التهموه كاملا.. ويستمر بعنوان آخر.
مما قرأته
للدكتور محمد الغامدي ..