بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنا أنت و أنت أنا وجهان لعملة واحدة هي الإنسان، ذلك الكائن الذي إن أردتُ أن أصفه بكلماتٍ لقلتُ: هو أيقونة الخالق بين خلقه، أودع فيه من أسرار الجمال و بديع الخلق ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا يمكن أن يخطر على قلب بشر.
و من آيات جمال خلقه ما و هبه من فيض المشاعر و الأحاسيس لتكون دليلاً على رحمته التي آثر سبحانه و تعالى أن يؤخرها ليوم لا ينفع فيه مال و لا بنون إلا من أتاه بقلب سليم.
لذا أجدني و أجدك و أجدها و أجده و أجدكم و أجدهم و أجدهن و عن غير قصد منا و إرادة و لا سابق تدبير نميل طبعاً و عفواً إلى رقيق القول و جميل العبارة و عذب الكلام، أتعرف لم؟!
لأنك إنسان أولاً و آخراً آية الله بين خلقه.
فمهما أبدع المبدعون، و سحروا بسحرهم العيون، و أسر قلوبَنا ما يصنعون، و جاؤوا ببدعة ليس لها مثيل كما يظنون يظل ذاك كله ضمن دائرة الإبداع الإلهي، و إن أنكره المنكرون، قال تعالى: ( و لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ).
و المرء منا يتعب من كل شيء يصيبه أو يفعله سواء أ كان حسناً أم سيئاً إلا طيب المشاعر و رقيق الأحاسيس، فنحن لا نملها أو نشبع منها أو نسأمها.
و لذا أجد بعض الناس ـ و هم محقون في ذلك ـ يستجذون المشاعر و الأحاسيس، و يتسولونها لشدة حاجتهم لها.
و في المقابل أن تجد أناساً آخرين يضنون عليهم بما يعود عليهم بالنفع أولاً قبلهم، و كأنه لا يعلم أن المستفيد الأول و الآخر هم أنفسهم لأن فعل الخير يعود لصاحبه.
فما أبخلهم عندما يكنزون بحراً من المشاعر و الأحاسيس، فما هم في ظني إلا أكبر الخاسرين.
فمن منا لا يريد أن يسمع كلمة جميلة تجدد نشاط شعوره و تنشط دورة الإحساس في قلبه و توقظها من غفوتها، بالله عليكم قولوا لي من لا يرغب في ذاك ؟!!.
و لعادة الإنسان منذ القدم أن يحفظ الأشياء و يعلبها، كذلك فعل مع المشاعر و الأحاسيس و كأني به يدرك أن يوماً سيأتي عليه يبحث فيه عن كلمة جميلة يسمعها من أحدهم، فلا يجد من يقولها له إلا بمقابل.
و من الأِشياء التي حفظ بها الإنسان مشاعره و أحاسيسه هي الكلمة الموزونة المقفاة و التي نسج من حرير مشاعره اسماً لها فقال له ( الشعر )، فكان اسماً على مسمىً ، لذا نجد من العارفين ببواطن الأمور يعدون ما خرج منه عن هذا المسمى ليس شعراً و إن كان فيه كل شيء.
و حتى المبتدئ منا في قوله يشعر متى ما كتب كلماتٍ اختلطت بها مشاعره يتعبر ما كتب شعراً و إن كان غير موزون و مقفى و لذا أطلق عليه بعضهم ( الشعر المنثور ).
و حتى يكون لكلماتي صدى يوافقها قلباً و قالباً أترككم و أبياتاً من عذب الكلام أشبع حاجتي و ربما حاجتكم من رقيق المشاعر:
يقول المجنون:
و قد خبروني أن تيماء منزل لليلى ×× إذا ما الليل ألقى المراســـــــــــــيا
فهدي شهور الصيف عنا ستنقضي ×× فما للنوى يرمي بليلى المرامــــيا
أعـــــــــــــــــد الليالي ليلة بعد ليلة ×× و قد عشـــــت دهراً لا أعد اللياليا
و أخــــــــرج من بين البيوت لعلني ×× أحـــــدث عنك النفس بالليل خاليا
ألا أيها الركب اليمانون عــــــرجوا ×× علينا فقد أمســــــــى هوانا يمانيا
يميناً إذا كانت يميناً فإن تكــــــــــن ×× شمالاً ينازعني الهوى عن شماليا
أصــــــــلى فما أدري إذا ما ذكرتها ×× اثنتين صـــــليت الضحى أم ثمانيا
و يقول شمس الدين بن البديري:
يا ربة الحسن من بالصد أوصاكِ ×× حتى قتلت بفــرط الهجر مضناكِ
لقد جننتُ غــراماً مذ رأى نظري ×× في المنام طيف خيالٍ من محياكِ
مذ رآه جفا طـــــــيب المنام و قد ×× أضحى عليلاً حزيناً لم يزل باكي
عذبتني بالتجني و هو يعـذب لي ×× فهل ترى تســمحي يوماً برؤياكِ
إن كنتِ لا تذكرينا بعــــــد فرقتنا ×× فالله يعلم أنَّا ما نســــــــــــــيناكِ
ما آن أن تعطفي جواداً عليَّ فقد ×× أضحى فؤادي أسيراً لحظ عيناكِ
و يقول بهاء الدين زهير:
فيا من غاب عني و هو روحي ×× وكيف أطيق من روحي انفكاكا
يعز عليَّ حـــــــــين أدير عيني ×× أفتش في المــــــــكان فلا أراكا
ختمتُ على ودادك في ضميري ×× و ليس يزال مخــــــتوماً هناكا
· فلا تكن أخي الكريم أختي الكريمة بخيلاً في التعبير عن مشاعرك نحو الآخرين فإن زدت فاتركْ أثراً و لو حتى شكراً.
· فرب كلمة قلتها بصفاء نية زرعت لك جميلاً أبد الدهر.
و طبتم بأطيب المشاعر و أرق الأحاسيس