أحِنُّ إلى
طفولتي
لا أريدُ أن أفهمَ ألغازَ الكبار وَ لا أن أسمعَ تمتماتِ المغتابين
لا أريدُ أن أفسِّرَ المواقفَ وَلا أنْ أحلّلها
أريدُ
طفولتي بـ كلّ سذاجتها
بـ صدقها، بـ براءتها، بـ فرحها غير المصطنع وَ الذي يولدُ من أصغرِ الأشياء، لعبة/ حلوى/ دمية
أريدُ أنْ أفرَحَ بقطعةِ شوكلا
أريدُ أنْ أضحكَ بصدق عند سماعي النّكات
أريدُ أنْ أبكي بصوتٍ عالٍ حينَ أغضب
أريدُ أنْ أسردَ حزني وَ مخاوفي على والديّ دونَ اكتراث
لا أريدُ أنْ أخبّئ أسرارًا كبيرة
لا أريدُ أنْ أبكي ليلاً بعيدًا عن الجميع
لا أريدُ أنْ أصطَنِعَ البسمةََ في كلّ مناسبة
لا أريدُ أنْ أرتّبَ كلماتي وَ أحرسَها
لا أريدُ أنْ أتبرَّجَ كي أخبّئ حزنَ ملامحي
لا أريدُ أنْ أفكَّ طلاسمَ هذا المجتمع
لا أريدُ أن أقصَّ أجنحةَ أحلامي بسبب واقعٍ بئيس
أريدُ أنْ أستعيدَ طفولتي
أريدُ أنْ أستعيدَ
طفولتي بكلّ تفاصيلها
سئمتُ من عالمِ الكبار، وَ من وجعِ الكبار
أن تكونَ وحيدًا
أنْ تكون وحيدًا يعني أن تسقطَ دمعُتك دونَ أن يمسحَها أحد
أنْ تترنّحَ ويسندَك الجدارُ بدل أن تصلبَكَ يد،
أنْ تتحدّث بقصص يومِك الصّغيرةِ ولا تسمعَ سوى صدى صوتِك
أنْ يحملَ قلبُكَ خبرًا مفرحًا، لكنّه لايجدُ من يفرحُ معه
أنْ تقفَ في طرفِ فمك كلماتٌ تبتلعُها المسافةُ قبل أن تخرج
أنْ تتأمّلَ هاتفَك ليلةً كاملةً ثمّ تنامَ قبل أن يرنّ!
أنْ تطلبَ كوبَ قهوةٍ واحدًا
وجبةَ عشاءٍ واحدة
وقطعةَ كعكعةِ واحدة
أنْ يتغيّرَ صوتُك لأنّك لم تتحدّثْ ليومٍ كامل، أن تصبحَ كئيبًا حدّ أن لا يقترب منك أحد.
أنْ يكون أقربُ أصدقائك ألبومَ صورٍ، و تلفاز
الوحدةُ قاسيةٌ ولئيمة
حينَ يستسلمُ لها المرءُ لا تعطفُ عليه بل تتسيّدُ حياتَه أكثر
لكنّها ضعيفةٌ أمام الإرادة، إن نفض القلبُ غبارَها عنه، وابتسم للحياة فستتضاءلُ دون جهدٍ منه.
ستتصاغرُ حتى تبقى في مساحتِها الصّغيرةِ الاختياريّة
ستتقزّم حدّ أن تدوسَها دون أن تسمعَ نداءَها
الحياةُ تحبُّ أن نلتفتَ إليها فقط، لتبدأ