د. فايز ابو حميدان
تفاجئ باحث من شركة فايزر العالمية لتصنيع الأدوية في نيويورك عندما رفض بعض المرضى التوقف عن أخذ عقار لعلاج تصلب الشرايين ورفع ضغط الدم ، واصرارهم على الاستمرار في تناول ذلك العقار حتى بعد فترة تجربته على الإنسان ، الأمر الذي دفع الباحث للتقصي أكثر حول السبب المخفي وراء هذا الإصرار، وبعد الرجوع لهؤلاء المرضى وسؤالهم عن تجربتهم لهذا العقار توصل بعدها إلى استنتاجات تتمثل في ان فوائد هذا العقار لعلاج أمراض القلب متواضعة ولكن لمادة "Sildenafil" تأثير إيجابي وهام في علاج الضعف الجنسي لدى الرجال ، السبب الذي دفع الشركة إلى إنتاج عقار الفياغرا والذي أصبح صديق حميم لكثير من الرجال ومصدر دخل هام لهذه الشركة ، ولا شك بأن فوائده كثيرة لحياتنا اليومية بل هناك دراسة جديدة بيّنت أن عقار الفياغرا يلعب دوراً إيجابياً في تخفيض ضغط الدم في الرئة مما يمنع تجمع المياه فيها ، فعدم وجود أعراض جانبية لهذا العقار جعل شركة فايزر من أكثر الشركات المعروفة في العالم وأصبحت أسهم هذه الشركة هدف للمستثمرين في السوق المالي . وفي مثال آخر أيضاً عن عقار الأسبرين فعلى الرغم من ان استخدامه كان يقتصر على أوجاع الرأس وخفض درجة حرارة الجسم سابقــاً ، إلا انه سرعان ما تم التعرف على كثير من فوائده فعلى سبيل المثال لا الحصر يساعد هذا العقار في علاج الجلطات الدموية وفي عملية تميّع الدم .
ولا ننسى أدوية الحساسية المختلفة والتي ينتج عن تناولها آثار جانبية كثيرة كالتعب والنعاس ، فقد أصبحت الآن من الأدوية المستخدمة لعلاج اضطرابات النوم والضغط النفسي. كما أن استخدام عقار "Lopermid" والذي هو جزء من علاج الأوجاع والموجود في مادة المورفين قد أصبح من أهم عقاقير الجهاز الهضمي .
وبلا شك ان للكثير من العقاقير المطروحة في الأسواق فوائد كثيرة غير متعارف عليها ، وهناك قوائم لأبحاث علمية بدأت بدراسات جدية لأدوية مطروحة في السوق لمعرفة بعض أسرارها غير المعروفة ومجالات استخدام جديدة لها. فشركة باير الألمانية أنشأت عام 2007 فرع متخصص للبحث عن الفوائد غير المعروفة لأدويتها المطروحة في السوق واسمه "Common Mechanism Research" ، ويضم 30 عالماً يقومون إلى جانب البحث العلمي بجمع معلومات عن جميع الأدوية المطروحة في الأسوق ومضاعفاتها والموزعة في مختلف انحاء العالم ، كما ويقومون بزيارة المعارض الطبية والمحاضرات التعليمية بشكل دائم للوقوف على كل ما هو جديد في مجال صناعة الأدوية. ومن المعروف بأن الصدفة تلعب دوراً هاماً في اكتشاف بعض الفوائد الإضافية لأدوية معروفة ، ولحسن الحظ ان البحث العلمي الحالي تنبه إلى هذه المسألة مؤخراً ، ويتم البحث حالياً بشكل مباشر ومقصود عن الفوائد المخفية للعقاقير ، وهنا يساعد التقدم في التكنولوجيا بشكل فعال في عملية البحث كونه يربط المعلومات ببعضها ويطلعنا على خبايا لا نعرفها ، ولن نغفل عن مدى أهمية ردود وملاحظات المرضى المشمولين في الأبحاث العلمية حول العقاقير التي تخضع للدراسة فهذه الملاحظات تساعد في الوصول إلى النتائج بشكل أسرع .