في الناس يوجد ذلك الأحمق الذي يعشق الموت .. يتعجل الرحيل والموت قادم لا محال ؟؟ .. والعمر سنوات تعد صفراَ وعدماَ في حوبة الحسابات الفلكية .. وفي المقدار هو أدنى من رمشه عين لا تحسب في الحسبان !! .. ورغم اللمحة نجد من يفقد الصبر ويلاحق القدر .. ولو فكر ذلك الإنسان ملياَ لأوقد الذهن بأسئلة الحكمة .. متى المولد ومتى الخوض في غمار الحياة ؟.. ثم متى السأم والضجر والانتحار؟!! .. والإنسان ملول بطبعه فهو يحسب المفقود أملاَ ؟.. فإذا نال المفقود تجرد إجحافا ليطالب بدلاَ .. وإذا نال البديل تجرد طمعاَ ليطالب مدداَ .. ثم إذا خابت البدائل توهم أن الموت يمثل سـنداَ !! .. وما الموت إلا محك لا يقبل جدلاَ .. فهو ساحة إرغام وخضوع فيه قد يكرم المرء أو قد يهان .. والحكمة ليست في سباق البدائل من مغريات الحياة .. إنما الحكمة في مستثمر عاقل يقطف الزاد من أشجار الحكم .. ذلك القنوع الذي يكتفي بالمقدور المتاح ولا يركض خلف مغريات السراب .. وشتان بين حكيم ذو فراسة ومهارة يدير للدنيا ظهـره وبين غشيم جاهل يسلم للدنيا أمـره .. عاقل لا يضحك مع الدنيا حين تضحك .. وجاهل يلاحق الدنيا رقصاَ حين ترقص .. وهي الدنيا التي لا أمان لهـا .. فقد تغدر أحياناَ وتقلب للطامعين فيها ظهر المجن .. وعندها نجد ذلك الأحمق يطلب الموت انتحاراَ فراراَ من الدنيا .. والموت لا يعني النجاة والخلاص والراحة إلا بشروط الابتلاء والامتحان .. فهو ذلك المحك الذي لا يكتفي بالسكوت إنما حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة .. والويل بعد الموت عند لحظة الفرز والإعلان .. لحظة فيها تتكشف أوراق الامتحان .. فإما سعيد يسعد برحمة الإله ثم بنعمة الأعمال .. وإما شقي يشقى بلوعة الأوزار والعصيان .. ثم تلك الكبيرة الجسيمة لقاتل النفس الذي يرفض الخضوع بالإذعان لمشيئة الرحمن .. فهو ذلك الخاسر الكبير الذي يخرج من الدنيا مغضوباَ عليه .. ويقبل على الآخرة شارداَ مسخوطاَ عليه !! .. وذلك هو الخسران المبين .. جاهل يفر من ويلات الابتلاء والامتحان ليسقط في حفر الخلود في النار .. وحين يقتل نفسه يظن أنه يفارق الشقاء فإذا هو وجهاَ لوجه مع الشقاء المخلد في أعماق الجحيم !! .. فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار .. ولا يكون ذلك خيار العقلاء من الناس .. فالعاقل لا يهرب من المتاح المقدور ليقع في المستحيل المأهول !! .. ولو أدرك مقدار الويلات في جحيم الآخرة لتقبل ويلات الحياة فرحاَ ورقصاَ .. والخشية من عواقب الآخرة هي ضالة الحكماء . |
|
|
|