في واقعة تثبت العديد من التجاوزات التي تحمل شبهة فساد إداري ومالي، حصلت "سبق" على بلاغات وشكاوى تقدم بها إلى "نزاهة" موظفون يعملون أخصائيين ومشرفين على معمل تركيب الأسنان الصناعية التجميلية بأحد المنشآت الطبية الحكومية التي لا تتبع لوزارة الصحة؛ حيث تتضمن الشكوى تجاوزات قام بها رئيس قسم الأسنان الذي يعملون تحت إدارته لصالح الشركة التي يديرها، فيما تحمل السطور القادمة تفاصيل الوقائع.
بيع أدوات حكومية
وتفصيلاً، وبحسب ما أفاد الموظفون في نصّ الشكاوى التي تقدموا بها إلى جهات عُليا، ومن بينها "نزاهة"، فإن رئيس قسم الأسنان يقوم ببيع المواد التي تُستخدم في زراعة الأسنان "في الخفاء" -تحتفظ "سبق" بنسخ من الفواتير المدفوعة- لصالح الشركة التي يديرها؛ حيث إن مرضى ومراجعين قاموا بشراء المواد منها.
تحويلاً أو نقداً
وكان رئيس قسم الأسنان قد اشترط على المراجعين أن تكون المواد من الشركة التي يديرها، وإلا لن يتم إجراء الزراعة لهم، علماً بأن تلك المواد يتم توفيرها مجاناً للمواطنين دون تحميلهم أي تكاليف أو جزء منها، إضافةً إلى أن زراعة الأسنان وكل أدواتها تتوفر مجاناً في كل المنشآت الحكومية، سواءً التي تتبع وزارة الصحة أو الجهات الحكومية الأخرى، بينما لا تتوفر في المستشفى ذاته، وعندما يشعر رئيس القسم برغبة المراجع في الزراعة يقدّم للمراجع عرضاً بإمكانية الزراعة، مشترطاً شراء المواد الطبية، وأن تكون من الشركة ذاتها، وذلك من خلال تحويل المبالغ إلى حساب بنكي خاص، أو البعض يقوم بدفع المبلغ نقداً.
تهديد ومساومة
كما جاء ضمن الشكوى، أن رئيس القسم ذاته أراد أن يسوّق لجهاز يُستخدم في معمل تركيبات الأسنان من الشركة التي يديرها، رغم عدم جودته، وبيعه للمستشفى بمبلغ يتجاوز ثلاثة أضعاف سعره الحقيقي؛ بحجة التدريب؛ إلا أنه تم رفض الجهاز من قبل المشرفين على المعمل، وهو ما دعاه إلى الضغط عليهم ومساومتهم في الحصول على حقوقهم الوظيفية في تحوير الوظائف بعد أن أكملوا الدراسة وصنّفوا من هيئة التخصصات الطبية كأطباء بدلاً من أخصائيين؛ إلا أن هذا لم يعدلهم عن موقفهم بعدم قبول الجهاز؛ لعدم كفاءته، وقدّموا مصلحة الوطن على مصلحتهم الوظيفية.
طبيبة الوساطة
كما تشير الشكوى المقدمة إلى "نزاهة" إلى أن مدير القسم الذي رفض توظيف وتحوير الوظائف للأخصائيين الذين رفضوا الجهاز الذي يرغب في تسويقه، قام بتوظيف طبيبة، وعندما استفسر الموظفون عنها أفادهم بأن لديها وساطة؛ لكون عمّها مدير أحد الأقسام ومدير لجنة طبية، وهذا ما دفعه إلى توظيفها، فيما رفض توظيفهم؛ بحجة أن التوظيف غير متاح سابقاً.
اختفاء الذهب
ويؤكد الموظفون أنه توجد 120 قطعة ذهب تم دفع قيمتها، وخرجت من المعمل بقصد استخدامها في علاج حالة أحد كبار المسؤولين، ولكن لم تُستخدم آنذاك؛ بينما لم يقُم رئيس القسم بإعادتها إلى المعمل بعد ذلك وقام بإخفائها، وبسؤال الموظفين له عن مصيرها أجابهم بأنه لا علاقة لهم بهذا الأمر، وأنه لا يعنيهم.
صلاحية الفصل!
ولم تقتصر الشكوى على ما تم ذكره أعلاه؛ بل استمرّ رئيس القسم في التربص والتهديد بالفصل للموظفين الذين يعملون تحت إدارته منذ توليه رئاسة القسم، وغالباً ما يقوم بإعداد محاضر غياب رغم حضورهم للعمل والتزامهم بالدوام، وعند حدوث أي نقاش أو أي أمر لا يتوانى في التهديد بالفصل، مدّعياً أنه يملك الصلاحية المطلقة في الفصل من مدير المستشفى والجهات العليا، وكان لذلك تأثير نفسي على الأخصائيين؛ نتيجة التهديد المستمر، وعدم الشعور بالاستقرار الوظيفي.
خدمات غائبة
ويشير بعض الموظفين إلى أن أغلب الخدمات تم إيقافها وانعدمت؛ وذلك بسبب عدم توافر المواد ونقصها، وتخاذل رئيس القسم في توفيرها، والتأخر في إحضارها؛ حتى يتسنى للأطباء تقديم الرعاية والخدمة للمراجعين، كما أن بعض المواطنين تقدموا بشكاوى لانعدام أقل الخدمات الممكن تقديمها ومنها المواد، وهذا ما دفع بعض الأطباء إلى الرفع بشكوى، ومطالبة بتوفير ما يلزم من مواد لرعاية المواطنين.
سوق سوداء
واتضح من خلال بحث "سبق" في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أن المراجعين تم حذفهم من قوائم الانتظار؛ وذلك لكثرة الضغط وتأخّر المواعيد، كما أن الحجز أو الحصول على موعد يتم غالباً من خلال سوق سوداء تروّج وتسوّق للمواعيد مقابل مبلغ مالي يقارب 100 ريال؛ حيث ذكر أحد المغردين وهو دكتور متخصص من خلال بعض التغريدات أن على من هم على قائمة الانتظار التأكد هل هم باقون أم تم حذفهم، داعياً إلى محاسبة من يستغل نفوذه في حجز وبيع المواعيد أو المواد الطبية كالزّراعة.