حصلت الأجهزة الأمنية المصرية على مجموعة من الوثائق الخاصة بتحركات "قسم الأخوات" التابعة للتنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، تكشف دور الجماعة في عملية الحشد والتعبئة خلال المرحلة الراهنة.
وأوضحت المصادر، أن الوثائق تطرقت لعملية توظيف "قسم الأخوات" في عدد من الخطوات التي تنتهجها جماعة الإخوان في إطار صراعها مع النظام السياسي المصري، ومحاولتها لإسقاط مؤسسات الدولة والتوصل لما يسمى بـ" مشروع التمكين"، تحقيق سيناريو "استاذية العالم"، الذي طرحه حسن البنا في كتابه "الرسائل"، الذي يعد الدستور الفكري والتنظيمي للجماعة وقياداتها.
ويعتبر "قسم الأخوات" الرابط القوي في الحفاظ على قوام تنظيم الإخوان داخليا، في ظل الانهيار والانشقاق الذي يضرب الجماعة منذ سقوط حكم المرشد في 30 يوينو(حزيران) 2013 .
لعب "قسم الأخوات"، دوراً حيوياً في إعادة بناء التنظيم مرة أخرى، مثلما حدث في مرحلة الستينات من القرن الماضي، التي يطلق عليها "المحنة الثانية"، وعرفت بتشكيل تنظيم "سيد قطب"، بمشاركة زينب الغزالي.
بعض "أخوات" الجماعة تقمصن دور زينب الغزالي، وحاولن إعادة هيكلة التنظيم مرة أخرى، هروبا من حالة الانهيار التي لحقت بمختلف اللجان والأقسام الداخلية للتنظيم.
فعكس اللجان التنظيمية الأخرى، تمكن "قسم الأخوات"، من عملية الهيكلة، وعقد الاجتماعات الدورية، ولقاءات "الأسر التربوية" الخاصة بهن، نظرا لسهولة التقائهن في المنازل والشقق السكنية الخاصة، بحكم ارتباط أغلبهن بعلاقة مصاهرة ونسب، تجعل من ارتباطهن وتشابكهن قوياً وفاعلاً في خدمة التنظيم الأم.
كان "قسم الأخوات" اللاعب الرئيسي في "التقارير المفبركة"، التي تصدرها منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية، لتشويه سمعة الدولة المصرية، عن طريق سلمى أشرف عبد الغفار التي تعمل بالمنظمة، مديراً لملف مصر.
وتتعاون عناصر القسم بشكل مباشر مع منظمة "هيومان رايتس ووتش" الأمريكية، عن طريق إمدادها بتقارير مختلف عن أوضاع سجناء الإخوان، ويقمن بنقل الرسائل المسربة من داخل السجون، للمساس بمصداقية الدولة المصرية وصورتها.
انتج قسم "الأخوات" فيلما وثائقياً يسجل شهادات أهالي سجناء الإخوان في "برج العرب"، تحت عنوان "المغربون من سجن برج العرب"، حتى يتم استخدامه في تدويل قضايا الإخوان أمام منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحاكم الدولية، بهدف تشويه صورة النظام المصري أمام الرأي العام الدولي.
الفيلم الوثائقي من إنتاج شركة Alex Revolution، وهي شركة إخوانية عاملة في مجال الميديا، تقوم بصناعة أفلام وثائقية واستقصائية بغرض تشويه الدولة المصرية.
ومنذ سقوط حكم الإخوان أنشأ "قسم الأخوات"، عدد كبير من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، بمسميات مختلفة عن "أحوال سجناء الإخوان" داخل السجون، إضافة إلى صفحات بلغات أجنبية متخصصة في الاختفاء القسري الوهمي، لتعبئة الرأي العام الدولي الخارجي.
هذه التفاصيل تكشف الدور الخفي الذي يتم فيه توظيف قسم "الأخوات" داخل الجماعة، بداية من توصيل الرسائل والأموال، وتجهيز الاجتماعات واللقاءات السرية، و التواصل مع العناصر الخارجية لعدم الشك فيهن.
ووفقاً لمصادرنا، ففي ظل انهيار التنظيم من الداخل وتعطيل عمل الكثير من اللجان الداخلية نتيجة القبض على العناصر الفاعلة داخله، قام قسم "الأخوات" بعقد عدة لقاءات شاركت فيها قيادات "الأخوات" في الجامعات لوضع استراتيجية محددة في إدارة الأزمة الراهنة، وركزن فيها على إبراز دور "الأخوات" وزيادة نشاطهن ودورهن من أجل الحفاظ على التنظيم.
إعادة الهيكلة
عقب أزمة الإخوان وصدامهم مع نظام عبد الناصر، ومراحل توغل فكر جاهلية وتكفير المجتمع، على يد تنظيم سيد قطب وزينب الغزالي وأتباعهم، وتكوين البذرة الأولى لـ"التيار القطبي"، انهار النظام الداخلي للجماعة، وفي مقدمته قسم "الأخوات"، الذي لم يعد له وجود حقيقي تقريباً.
وخلال مرحلة استعادة الجماعة لوضعها، في ظل الاتفاقيات المبرمة بينها وبين نظام الرئيس السادات، وتوافق المصالح الذي كان بمثابة البداية الحقيقية للتكوين الثاني، ومرحلة ترتيب البيت من الداخل، لم يكن لـ"قسم الأخوات"، في هذه المرحلة دور فاعل وحقيقي، بالشكل المعروف، فقد اقتصر علي الدور التربوي والدعوي فقط، ولم ترغب الجماعة في تسليط الضوء عليه، خشية الملاحقات الأمنية.
وفي بداية مرحلة التسعينيات لعب "قسم الأخوات" دوراً على استحياء، بعد أن أشرف عليه لفترة الشيخ محمد عبدالله الخطيب، بمساعدة مجموعة من زوجات قيادات الإخوان وبناتهن، مثل وفاء مشهور، بنت المرشد الأسبق مصطفى مشهور، ومكارم الديري، زوجة القيادي الإخواني إبراهيم شرف، وكان لزينب الغزالي الهيمنة الروحية على هذا القسم إلى وفاتها المنية عام 2005.
ثم بدأت المرحلة الأخطر في تاريخ "قسم الأخوات"، عقب تنامي نفوذ خيرت الشاطر، واختياره ليكون المسؤول الأول عن الأخوات، ووضع الهيكلة التنظيمية بشكل يخدم طموحات المرحلة الجديدة التي طرحتها قيادات التيار القطبي.
لجنة "التربية والأسر"
وخلال ذلك ضم القسم عدة لجان أساسية أهمها "لجنة التربية" ومستوياتها المتعددة، والمنوط بها التأهيل والتصعيد التنظيمي للأخوات، بحيث يكون لكل مستوى تنظيمي عدد من الأسر، وتضم كل أسرة عدد من الأخوات، يتراوحن من خمس إلى سبع فتيات، ولكل أسرة "أخت" مسؤولة عنها، ويخصص لهن لقاء أسبوعي تتم فيه دراسة بعض المناهج الدينية الثقافية، مثل كتاب "دور المرأة المسلمة" لجمعة أمين، و"في رياض الجنة"، لجاسم عبد الرحمن ، الذي يمثل المنهج الثقافي، مع أهمية السرية والخصوصية داخل كل أسرة، حيث تسيطر فكرة تكريس الطبقية علي تنظيم الأخوات، فالانتقال للمستويات الأعلى ، يتم لمن ضمن ولاءها، وطاعتها للقادة، والتزامها بالقواعد المنصوص عليها.
وشملت "لجنة التربية"، على عدة مستويات مثل محب، ومؤيد، ومنتسب، وهي التدرج الهرمي المتبع داخل التنظيم لقياس مدى إيمان أفرادها بمبادئ السمع والطاعة.
لجنة "الدعوة الفردية"
يحتوي قسم "الأخوات" على لجنة لا تقل أهمية في دورها وتأثيرها عن "لجنة التربية" ، وهي لجنة "الدعوة الفردية"، والتي يعتبرها قادة الجماعة الدينامو والمحرك الأساسي لعمل الأخوات، وانتشارهن بين الفتيات، حيث يرتكز دور هذه اللجنة في تأهيل ومتابعة الأخوات، وتدريبهن على استقطاب غيرهن، واعداد الكوادر التنظيمية.
وشملت لجنة الدعوة الفردية قطاعين مهمين: الأول خاص بـ"الزهراوات"، وهو قطاع مختص باستقطاب من هم في المراحل العمرية المبكرة، مثل تلميذات المرحلتين الابتدائية والإعدادية، بينما الثاني هو قطاع "الفتيات"، ويركز جهده على طالبات المرحلتين الثانوية والجامعية، لتطبيع بعضهن بفكر الجماعة، وضمهن إلى صفوفها.
لجان الجامعات
بجانب الكيان التنظيمي لـ"الأخوات" في المناطق يوجد كيان آخر موازٍ، ولا يقل أهمية في حياة الأخوات، ودورهن داخل الجماعة، وهو قسم "الطالبات"، ومعني بالعمل داخل الجامعات لاستقطاب الفتيات داخل الكليات المتنوعة.
المشاركة السياسية
لاحظ قادة الإخوان أن نشاط الأخوات في الجامعات، يؤثر بشكل إيجابي وقوي على أدائهن في العمل داخل المناطق، ومن ثم ظهر تيار داخل الجماعة ينادي بمنح المرأة دور أكبر، داخل العمل التنظيمي والطلابي، وأن مسألة تهميشهن ليست في مصلحة الجماعة ومكتسباتها على المستوى السياسي، فتم الدفع بعدد منهن، للانتخابات البرلمانية، أواخر نظام مبارك.
وكانت البداية بجيهان الحلفاوي في انتخابات مجلس الشعب عام 2000، عن دائرة الرمل بالإسكندرية، ثم مكارم الديري في انتخابات 2005 عن مدينة نصر.
سقوط الإخوان
عقب سقوط حكم الإخوان، شهد قسم "الأخوات" تحولاً حيث دعت" الأخوات" لحمل السلاح والمشاركة في المواجهات المسلحة ضد قوات الجيش الشرطة، ومن هنا ظهرت الحركة النسائية الإخوانية التي تكونت عقب فض اعتصام رابعة تحت مسمى "الأنصاريات"، وأعلنت الجهاد وحمل السلاح لمواجهة قوات الجيش والشرطة، ثأراً لإسقاط حكم الإخوان.
وقد تبنت الجبهة في بيانها الأول، مفردات جاهلية المجتمع وتكفيره، وأنها لن تترك السلاح حتى يعود الإخوان للحكم.