ماذا تفعل إن كان تعليمك متوسط وسط عالم كله إليكتروني ؟ ماذا تفعل إن كانت قدرتك على التعامل مع التكنولوجيا محدودة وغير واسعة ، فعالم اليوم أصبح كله محوسب ، الجميع يعملون عن طريق الأزرار ، الكابلات الضوئية التي توصل شارات الانترنت والهواتف النقالة التي أصبحت في أيدي الجميع .
أختفى من عالمنا مفهوم التواصل المباشر ، الحديث المباشر ، الخطابة والخطاب ، السؤال والجواب ، الجميع منهمك في مجموعة من الأزرار واللوحات ، لا يتفاعل إلا مع شاشة هاتفه النقال أو حاسبه المحمول ، أي عالم هذا وما هي فرصتنا في العمل نحن معشر كارهي التكنولوجيا .
قد تعتقدوا أني راجعي أو جاهل ، ولكني مثلكم جميعًا أحمل هاتفًا نقالًا وأمتلك حاسب محمول ، لكن حلمي منذ البداية أن أعمل بيدي ، أن أبدع باستخدام عقلي ومهاراتي ، ماذا أفعل في عالم أصبح كله رقمي .
تعتقد عائلتي أنني لن أعمل ، ولن أتزوج ، فالفتيات اليوم يبحثن عن الموظف صاحب الوظيفة الثابتة ، السيارة الفاخرة ، ومنزل الأحلام ، لكني أعتقد أن يومًا ما سأجد من تشاركني أحلامي ، وتساعدني من أجل تحقيقها .
بدأت مشواري بالمصادفة حين كنت أطالع فيلمًا سينمائيًا على شاشة حاسبي ، توقف الفيلم ليظهر إعلان لرجل يرتدي يجلس أمام جهاز غريب ، وأمامه قطعة طين تدور ، ولكن بمهارة عالية وبلمسات بسيطة من يده تمكن من تحويل قطعة الطين إلى عمل فني ممتاز .
فأغلقت الفيلم الذي كنت أشاهده ، وبدأت أفكر هل يشعر هذا الشخص بالسعادة لما يفعله ، أنه يحول الطين إلى عمل فني ، ما هو شعوره حيال ذلك ، هل يستمتع بما يقوم به ، أسئلة كثيرة طرقت أبواب عقلي هذا اليوم فقررت أن أتحرك ، أبحث لأجيب عن هذه الأسئلة .
بحثت عن الإعلان نفسه من جديد ، حصلت على أرقام المبيعات ، هاتفتهم وطلبت أن أزورهم في مقر العمل ، لم أستطع النوم هذا اليوم ، مع أول شعاع ضوء بدأت أرتدي ملابسي ، وانطلقت إلى مقر عملهم .
هناك استقبلني شاب في مثل عمري تقريبًا ، كان سعيدًا للغاية ، وعلى الرغم من أن المكان كان مزدحم بالعملاء إلا أنه اهتم بي و أجاب عن كل أسئلتي ، استمر حديثنا لمدة ساعة أو أكثر ، لم أكن مهتمًا بنوعية العمل ، على قدر اهتمامي بشعورهم هم ناحية العمل ، اكتسبت من هذا الحوار طاقة إيجابية كبيرة جعلتني أفكر ، أفكر فيما يمكن أن أقوم به ، ما الذي يلهمني ، وما الذي يمكن أن أبرع به .
بدأت أفكر جيدًا في كل الأشياء التي تعلمتها وكل الأشياء التي جربتها ، كان في يدي حينها قطعه سلك نحاسية ، بدأت أفكر وأنا ممسك بها ، لم أصل إلى أي شيء ، ولكني حين نظرت إلى يدي ، أصبت بالفكرة ، العمل الذي سأقوم به .
حين نظرت إلى يدي وجدت أني أثناء انشغالي بالتفكير شكلت هذه القطعة الصغيرة على هيئة خاتم ، يبدو بسيطًا لكنه جميلًا في نفس الوقت ، لم أتسرع وبدأت أطالع الكثير من المقاطع المصورة التي تشرح هذه الأعمال ، كانت الأعمال التي يقدموها جيدة ، لكن كان لي دائمًا تصورًا مختلفًا بدأت أرسم وأرسم وأرسم .
في نفس الوقت رسمت أكثر من سبعون تصميمًا لقلادات وخواتم وأساور مختلفة ومتنوعة ، في اليوم التالي ذهبت إلى السوق ، اشتريت الأدوات التي قيل عنها في المقاطع المصورة ، أيضا اشتريت المواد الخام ، والمواد التي ستساعدني في العمل .
اعتكفت في غرفتي يومين على التوالي ، لم أكد أنتهي من عملي حتى طرق باب الغرفة ، ودخلت شقيقتي الصغرى إلى الغرفة ، كانت حينها طالبة في الجامعة ، نظرت إلى التصميمات التي نفذتها وانبهرت بها .
كنت أشك أنها تبالغ فقط أو حتى تمازحني ، لكنها أكدت أنها بالفعل تصميمات ممتازة وأنها ستأخذ منها البعض لترتديه ، قلت لها خذي ما شئت ، خرجت شقيقتي وأكملت عملي ، في اليوم التالي استيقظت على صوت هاتفي الذي لم يهدأ منذ أكثر من نصف ساعة ، كانت شقيقتي تتصل أكثر من أربعون مرة ، كنت أعتقد أن هناك مشكلة لكنها طلبت مني أن أفتح حاسبي في الحال وأرى ما أرسلته إلي .
بالفعل فتحت حاسبي ووجدتها أرسلت إلي صفحة باسمي وبجواره كلمة إكسسوارات ومجوهرات تعجبت ، ولكني اندهشت حين وجدت أن متابعي الصفحة وصل عددهم إلى حوالي 20 ألف مشترك .
وصلت شقيقتي من الجامعة وطلبت مني أن اهدأ ، أخبرتني أن هناك أكثر من شركة هاتفتها من أجل أن تحصل على تصميماتي حصريًا ، وشعرت بالصاعقة ، ماذا يحدث ، كل هذا في غضون أقل من أسبوع واحد .
مر أكثر من ثلاثة أعوام على ما حدث ، والآن أصبحت واحدًا من أشهر مصممي المجوهرات بالمملكة ، وذاعت شهرتي عالميًا ، وحاليًا أنا متزوج من أحد المتدربات لدي ، والتي تشاركني الحلم والتنفيذ ، وشقيقتي الصغرى الآن هي مديرة أعمالي ، وتتولى كل الاتفاقات الخاصة بالعمل ، لا يهم نوع العمل الذي تقوم به ، المهم أنك تحبه وتبدع فيه ، وتأكد أن يومًا ما هذا العمل سيحقق النجاح الذي يبهرك ويبهر كل من حولك | | | |