جموع غفيرة ، وكأنما كسيت الأرض في تلك البقعة بالبياض ،
وكلهمـ يسألون واحدا ، يقصدون واحدا .
فهذا داعٍ يدعو ، وبجابنه آخر يثني ويهلل ،
وهناك على مقربة باكٍ يرجو لذنوبه مغفرة ،
وسائلٌ يلح في الطلب يبغي لحاجته قضاءً.
والملك يجيب ولا تعجزه كثرة ، ولا تغيب عنه مسألة ،
ويعطي ولا يخشي فقرا ، يعفو وهو القادر .
بل يمن عليهم بفضله فيعتق رقابا كانت ستساق إلى النار .
ويفاخر بعباده وفيهم من فيهم ملائكته !
فيا صاحب الحاجة ، ارفع يديك ، فربنا ملك صمد .
ويا ظ²خا الهمـ مساحة الضيق تنفرج ،
ومسافة الفرج تقْرب إن سلكت الطريق الصحيح .
ودائرة الهمـ تصغر وتتلاشى إذ اتبعت التعليمات ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
فَليَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة:186] ،
وقال : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) [غافر:60] .
°•°هذه الأجســــاد التي إجتمعت على صعيد عرفات ،
ظ²ما آن لقلوبها ظ²ن تتآلف وتتحد ، وتتراص صفوفها.
دققوا جيدا في مناظرهم ، فالمغربي بجواره تركي ،
والإفريقي مجاورا للخليجي ولا حدود بينهما ،
فكلٌ مسلمون ذوو قربى ، أوجارٌ أوصاحب ،
إذاً ظ²زيلوا حدودا وهمية صنعها المستعمر ،
ووثقتها هيئة ماكرة ، وظ²قررناها نحن على جهل بفعالنا.
°•°وما يوم
عرفة إلا صورة مصغرة ليوم الحشر ،
ففي بقعة من الأرض تجتمع الخلائق ثم تنقسم إلى فريقين ولا ثالث :
(كَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لّتُنذِرَ أُمّ الْقُرَىَ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ
فَرِيقٌ فِي الْجَنّةِ وَفَرِيقٌ فِي السّعِيرِ )سورة الشورى (7)
ففي أي الفريقين أنت ؟
هذه كلماتٍ جاءت عِجِلة ، إذ تنقل وسائل الإعلام يوم عرفــــة .
منقووول