عندما قرأت هذين البيتين الرائعين تخيلت مئات ملايين الأيتام في العالم، فضاق صدري وشعرت بعقدة الذنب التي يجب أن يشعر بها كل إنسان يملك من الأخلاق والإنسانيه ولو بالحد الأدنى. ثم فكرت أن أخفف عن نفسي ولا أحمل هموم أيتام العالم وأكتفي بهموم أيتام عالمنا العربي والإسلامي عسى ذلك أن يخفف عني هول الكارثه، ولما قرأت البيت الثاني زادت همومي أضعافا لأن في بلاد العرب والإسلام نسبة أيتامها لعدد سكانها - ولو أني لا أملك إحصائيه دقيقه - فاقت غيرها من معظم دول العالم للأسف الشديد. قد يسأل سائل ولماذا هذه النظرة التشاؤميه وكيف خرجت بهذه النتيجه؟؟ وما مدى صحتها ؟؟ وهل اعتمدت في حديثك على إحصائيات موثوق بها؟؟ وطبعا لهم الحق بذلك وهناك أسئله كثيره قد تخطر على بال الساده القراء ولا ألومهم وردي على أسئلتهم سيكون ردا غير مباشر وسيستنتجونه من سياق الحديث والكلام.
ما سبق من حديث وكلام كان عباره عن مقدمه موجزه تمهيدا للدخول في صلب الموضوع وللمساعده على فهمه واستيعابه. عندما نمعن النظر وندقق جيدا في كلمات البيتين السابقين، نجد أن نظرة الشاعر كانت أكبر بكثير مما نتصور ونشعر ، فالشاعر لفت انتباهنا وأيقظنا من سباتنا وأخرجنا من دائرة معرفتنا الضيقه بأن كلمة اليتيم لا تعني فقط من فقد أحد أبويه أو كليهما وهذا ما اعتدنا على معرفته من بيتنا ومجتمعنا، وبالطبع نظرة الشاعر كانت أكبر مما تعلمناه في بيوتنا ومجتمعاتنا خاصة عندما نقرأ الآية الكريمه " وأما اليتيم فلا تقهر " كنا نظن ولا زلنا أن اليتيم هو يتيم الأب أو الأم أو كليهما فقط، فتعريف اليتيم هو فعلا من تطبق عليه صفة اليتم السابقه، ولكن وللحقيقه أن اليتم يأتي عن طريق أسباب أخرى عديده ،فالشاعر هنا أبرز لنا أن اليتيم الحقيقي هو من تجد له أما وأبا كانا مشغولين عنه وأهملاه بطرق عديده ولم يجد أو كما هو من المفترض أما وأبا بجانبه يرضعانه لبن العاطفه والحب والحنان فتركاه وحيدا تتلقفه أيادي الخادمات والمربيات وأفراد المجتمع ، فنشأ لا يعرف من هو أباه ولا من هي أمه، لا بل قد يعتبر أن أمه هي تلك الخادمه أو المربيه التي عاش في أحضانها واكتسب منها ضياعه وتشريده الفكري والعائلي وهذا النوع من الأطفال هم " أيتام الأب المنشغل والأم المنشغله والأنانيه ". وهم أيتاما بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى للأسف الشديد. وهناك أنواع عديده من الأيتام لم يخطر ببالنا شيء عن طريقة يتمهم لأن وكما سبق وقلت أن البيت والمجتمع وحتى المدرسه عرفونا فقط بأن اليتيم هو من فقد أباه أو أمه أو كليهما، هذه كانت حدود معرفتنا بتعريف اليتيم. ولو أردنا أن نتكلم بإسهاب عن أنواع اليتم والتيتم لأخذ منا الوقت الكثير وقد يصاب القاريء بالملل ونكون بذلك قد فقدنا الحكمه والقصد من موضوعنا هذا، لذا سأحاول إيجاز ما تبقى من موضوعنا بابراز أنواع اليتم والتيتم بشكل مختصر ومفيد ونرجو الله أن يكون لنا خير معين على ذلك.
هناك تعريف لكلمة اليتيم من نوع آخر ...فالطفل الذي حكم على أبيه بالسجن المؤبد أو لسنوات فهو يتيم الأب ، وكذلك بالنسبه للأم فهو يتيم الأم. والطفل الذي هاجر أبوه وقطع صلته بزوجه وأبنائه فهو يتيم الأب أيضا... والطفل الذي انشغل أبوه بالهوى وتزوج بأخرى وطلق أمه فهو يتيم الأب أيضا، وكذلك الأم إذا تزوجت بشخص آخر وتركته فريسة بين يدي زوجة أبيه فهو يتيم الأم أيضا لأنه ضاع بين الشتيتين (الأم والأب) ...وهناك أصنافا عديده أخرى من الأيتام نتيجة إهمال الأبوين فالطفل الذي فقد أباه بسبب إدمان الأب على المخدرات والمشروبات الكحوليه فهو يتيم ذلك الأب الذي أحب نفسه وترك طفله للشارع تتلقفه الأيادي الخبيثه لا يلبث أن يلحق بوالده ويصبح طفل مخدرات وسجائر وكحول وجريمه، الآ ننصف هذا الطفل ونقول عنه أنه من أطفال التيتم ؟؟؟ هناك العديد من أمراض المجتمعات جعلت من ألوف الأطفال أيتاما فلا حول ولا قوة إلا بالله. تصوروا كيف أن الشاعر صنف اليتيم ليس فقط بفقد الأب أو الأم أو كليهما، ولكن نقلنا إلى معان أخرى عديده تحت سقف كلمتي " كانا مشغولا ". لهذا السبب مسؤوليتنا ضخمه فكم من آلاف الأيتام حولنا لم نشعر بيتمهم ولم نعرهم أي اهتمام، دعونا نسارع بالعمل الفردي والجماعي على إنقاذ كل فئات الأيتام، وجميعنا الفرد والبيت والمدرسه وفي مقدمتهم الدوله مسؤولين عن إصلاح هذا الخلل في تركيبتنا الإجتماعيه وحتى لا يكتب التاريخ عنا أننا أمة شعارها الكلام والنفاق و...؟!؟
آخر تعديل حنين الأشواق يوم
11 - 7 - 2021 في 08:02 PM.