الحناء.. زينة وعطر وعلاج للأمراض
الحناء.. وتسمى في الشام بالقطب وفي اليمن الحنون وفي النوبة جنوب مصر تسمى الكوفريه. هي في الأساس أوراق شجرة معمرة متساقطة الأوراق ذات رائحة زكية، يصل ارتفاعها أحياناً حوالي سبعة أمتار. والحنة أداة زينة ارتبطت بالمرأة من قديم الأزل، وسحر تلك النقوش لم ينطفئ مع مرور الزمن بل إن الولع مازال بها حتى اليوم على الرغم من التطور المهووس في المستحضرات والمساحيق، ولعل سر نجاحها واستمرارها يكمن في لونها الأحمر القاني ورائحتها العطرة التي تفوح برائحة الطبيعة، كذلك لرسوماتها وتصميماتها الرائعة التي قد يستغرق البعض منها ساعات في تجهيزها ورسمها، ناهيك عن بقاء أثرها على مختلف أجزاء الجسد لمدة طويلة. وفي أغلب البلدان لا تأتي هذه النقوش بمحض الصدفة أو الخيال بل يكون لها تقليد وثيق يرتبط بالعادات والتقاليد والمناسبة المنشودة.
وتؤكد المراجع التاريخية أن المصريين القدماء هم أول من استخدموا الحناء، حيث تم العثور عليها على أيدي الموميات المصريات التي يعود تاريخها إلى عام 5000 قبل الميلاد، إذ كان يسود اعتقاد أن وضع الحنة على الأيدي والأقدام يحفظها من الشر، أما في الهند ودول شرق آسيا المجاورة فاعتمدت نقوش الحناء بين أوساط النساء في حفلات الأعراس والمناسبات.
وتحرص نسبة كبيرة من السعوديات على تبليل الحنة بماء الورد وتخميرها في الهواء الطلق أو داخل الثلاجة في اليوم الذي يسبق ليلة المناسبة، لتكون جاهزة بحلول الليلة الكبرى فيقمن بوضع الحناء على الأيدي والأرجل وكذلك الشعر أحياناً لتلوينه وإكسابه لوناً وبريقاً ورائحة تذكر بالماضي الجميل.
والجدير بالذكر أن الحناء قد عادت بقوة وفرضت نفسها على محلات التجميل المشهورة والماركات العالمية، حتى ارتفعت أسهم “الحنانات” الشعبيات، إذ تتراوح سعر ليلة الحناء وهي الليلة التي تسبق الزواج إلى 2000 ريال أو أكثر حسب النقوش المطلوبة، فهناك النقشات الهندية والسودانية والمغربية، وأيضاً حسب عدد الفتيات على إختلاف أعمارهن اللاتي يرغبن في الحناء حيث أصبح من الشائع والمألوف أن تكون ليلة الحناء ليلة جماعية تقام لها طقوس الأفراح والضرب على الدفوف، وترتبط الحناء لدى المسلمين بجانب ديني بحت، فاستعمالها سنة، والنبي صلى الله عليه وسلم نصح باستعمالها، فمن أحاديثه الصحيحة أنه ما شكى إليه أحد وجعاً في رأسه إلا قال له “احتجم” وما شكى إليه أحد وجعاً في رجليه إلا قال له “اختضب بالحناء”.
ويقول ابن سيناء في كتابه “القانون” في الطب أن الحناء تنفع لأوجاع العصب ودهنه يلين الأعصاب. ومن فوائد الحناء أنها تخفف حرارة الرأس وتنقي فروة الشعر من الميكروبات والطفيليات ومن الإفرازات الزائدة من الدهون، وتفيد في علاج القشرة والتهاب فروة الرأس وتقلل من إفرازات العرق وتغذي الشعر وتكسبه حيوية وقوة، وتعتبر أفضل وسيلة لصبغ الشعر بطريقة طبيعية لاحتوائها على مادة ملونة طبيعية تخترق الشعر وتصبغه، أما بالنسبة للأيدي والأقدام فالحناء تقضي على الطفيليات التي تسبب الحساسية، كما تمنع المواد القابضة في الحناء تشقق الجلد وتمده بالصلابة والحيوية، كما أن معجون أوراق الحناء يستخدم في علاج الجروح والتئامها ومحلل نافع للحروق. كما أن مضغ أوراق الحناء يفيد في علاج قروح الفم وترطبه وتطهره، ولا تقتصر فوائد الحناء على الأوراق بل إن لحاء شجرة الحناء يفيد بعد غليه في علاج الكثير من أمراض الجهاز الهضمي والقضاء على البيكتيريا والديدان، ويستخلص من أزهار الحناء عطر التمرحنة وهو عطر عربي شهير