عندما رحل القسّ، حلّ بي الهدوء، كنت مجهدا،
فألقيت بجسدي فوق سريري واعتقد إنّني قد غفوت،
لأنّني عندما استيقظت كانت هناك نجوم فوق وجهي،
وكانت ضوضاء الرّيف تتصاعد من الخارج لتصل إليّ،
وروائح الليل والأرض والملح كانت تنعش راسي،
كان السلّام الرّائع لذلك الصّيف الهادئ يتخللني،
في تلك اللحظة على حدود الليل انطلقت بعض الصّفارات إيذانا بالرّحيل
إلى عالم لم يعد يهمّني الآن في شيء،
للمرّة الأولى منذ وقت طويل تذكرت أمّي،
وبدا لي إنّني قد فهمت لماذا اتّخذت لنفسها”صديقا”
في نهاية حياتها،
لماذا كانت تريد أن تبدأ من جديد، فهناك،
ومع اقتراب الموت،
كانت أمّي مستعدّة أن تبدأ الحياة
وليس لأحد قط الحق في أن يبكي عليها،
وأنا أيضا أحسست إنّني مستعد أن أبدا الحياة من جديد،
وكانت تلك الغضبة الكبرى قد خلصتني من الشّر وأفرغتني من الأمل،
وفي ذلك الليل الذّي يفيض بالنجوم،
أحسست للمرّة الأولى بعذوبة ورقة اللاّمبالاة،
وأحسست إنّني كنت سعيدا في يوم من الأيّام،
ولازلت حتى الآن،
أتمنى أن ينتهي كلّ شيء،
وأتمنى أن أكون هناك اقلّ وحدة من هنا،
ولم يبق سوى أن أتمنى أن يكون هناك الكثير من المتفرّجين يوم الإعدام ،
وأن يستقبلوني بصرخات الحقد والغضب