جدد حيااااة القلب بالقرآن.....
القرآن هو الناموس الالهي الذي تكفل للناس بإصلاح الدين والدنيا ، وضمن لهم سعادة الآخرة والاولى ، فكل آية من آياته منبع فياض بالهداية ومعدن من معادن الارشاد والرحمة ، فالذي تروقه السعادة الخالدة والنجاح في مسالك الدين والدنيا ، عليه أن يتعاهد كتاب الله العزيز آناء الليل وأطراف النهار ، ويجعل آياته الكريمة قيد ذاكرته ، ومزاج تفكيره ، ليسير على ضوء الذكر الحكيم إلى نجاح غير منصرم وتجارة لن تبور .
أن القراءة في المصحف سبب لحفظ البصر من العمى والرمد ، أو يراد منها أن القراءة في المصحف سبب لتمتع القارئ بمغازي القرآن الجليلة ونكاته الدقيقة ، لان الانسان عند النظر إلى ما يروقه من المرئيات تبتهج نفسه ، ويجد انتعاشا في بصره وبصيرته .
وكذلك قارئ القرآن إذا سرح بصره في ألفاظه ، وأطلق فكره في معانيه وتعمق في معارفه الراقية وتعاليمه الثمينة يجد في نفسه لذة الوقوف عليها ، ومتعة الطموح إليها ، ويشاهد هشة من روحه وتطلعا من قلبه .
وقد أرشدتنا الاحاديث الشريفة إلى فضل القراءة في البيوت . ومن أسرار ذلك إذاعة أمر الاسلام ، وانتشار قراءة القرآن ، فإن الرجل إذا قرأه في بيته قرأته المرأة ، وقرأه الطفل ، وذاع أمره وانتشر .
أما إذا جعل لقراءة القرآن أماكن مخصوصة فإن القراءة لا تتهيأ لكل أحد ، وفي كل وقت ، وهذا من أعظم الاسباب في نشر الاسلام . ولعل من أسراره أيضا إقامة الشعار الالهي ، إذا ارتفعت الاصوات بالقراءة في البيوت بكرة وعشيا ، فيعظم أمر الاسلام في نفوس السامعين لما يعروهم من الدهشة عند ارتفاع أصوات القراء في مختلف نواحي البلد .
ومن آثار القراءة في البيوت ما ورد في الاحاديث : " إن البيت الذى يقرأ فيه القرآن ويذكر الله تعالى فيه تكثر بركته ، وتحضره الملائكة ، وتهجره الشياطين ، ويضئ لاهل السماء كما يضئ الكوكب الدري لاهل الارض ، وان البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ، ولا يذكر الله تعالى فيه تقل بركته ، وتهجره الملائكة ، وتحضره الشياطين " ( 1 )
التدبر في القرآن ومعرفة تفسيره :
ورد الحث الشديد في الكتاب العزيز ، وفى السنة الصحيحة على التدبر في معاني القرآن والتفكر في مقاصده وأهدافه .
قال الله تعالى : " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها 47 : 24 " . وفى هذه الآية الكريمة توبيخ عظيم على ترك التدبر في القرآن .
وفي الحديث عن ابن عباس عن النبي - ص - أنه قال : " أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه " .
وعن ابي عبد الرحمن السلمي قال : " حدثنا من كان يقرئنا من الصحابة انهم كانوا يأخذون من رسول الله - ص - عشر آيات فلا يأخذون في العشر الاخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل " ( 2 ) .
وعن عثمان وابن مسعود وأبي : " ان رسول الله - ص - كان يقرئهم العشر فلا يجاوزونها إلى عشر اخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل فيعلمهم القرآن والعمل جميعا " ( 1 ) .
وعن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه ذكر جابر بن عبد الله ووصفه بالعلم ، فقال له رجل : جعلت فداك تصف جابرا بالعلم وأنت أنت ؟ فقال : إنه كان يعرف ( 2 ) تفسير قوله تعالى : " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد 28 : 85 " .
والاحاديث في فضل التدبر في القرآن كثيرة . ففي الجزء التاسع عشر من بحار الانوار طائفة كبيرة من هذه الاحاديث ، على أن ذلك لا يحتاج إلى تتبع أخبار وآثار ، فإن القرآن هو الكتاب الذي أنزله الله نظاما يقتدي الناس به في دنياهم ، ويستضيؤن بنوره في سلوكهم إلى اخراهم .
وهذه النتائج لا تحصل إلا بالتدبر فيه والتفكر في معانيه . وهذا أمر يحكم به العقل . وكل ما ورد من الاحاديث أو من الآيات في فضل التدبر فهي ترشد إليه .
ففي الكافي بإسناده عن الزهري . قال : سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول : " آيات القرآن خزائن فكلما فتحت خزينة ينبغي لك أن تنظر ما فيها " ( 3 ) .