من قال أن المسافات تُختصرُ بالكلمات
حادثتهُ
بعد مدةٍ من الهرب،
و إلحاح السؤال،
قلبي يحترق.
من قال
أن هذا العصر
يقرب البعيد ؟
من أخطأ القول
بأن المكالمات،
الرسائل القصيرة
و السؤال البعيد ..
يغفر بُعد المسافة ؟
**
ثمة علاقة سطحية
بين الشوقِ و الجنون،
يعرفها المحبّون،
لا ، بل ..
ما بينهما
أكثر من علاقة ..
فحين يجوع أحدهما،
يبادره الآخر،
بالخوف وليمة،
و قلب حبيبين
اتفقا،
على السكون.
***
وحينَ رأيتكِ ..
لمْ تتوقف الأرض عن الدوارن !
لمْ يعترف حظّي بالأوراق،
بالعرّافات ..
بهجرةِ وطن،
و نزوحِ مواطنين ..
فقدتُ صوتي،
و قدرة النظرِ إلى غيركِ ..
قلبي،
و كل ما فكرتُ به يوماً
دون أن أعرفكِ،
قبل أن تسبقني عينيّ إليك،
و قبل أن تعرف كل كلماتي
حضوركِ،
صمتكِ ..
وشاحكِ القديم ..
حين رأيتكِ،
نسيتُ الوطن،
الحنين ..
صليتُ ألا تبكي،
ولا تعرفي الحزن ..
طلبتُ من الله :
أن أحمل أحزان قبيلتكِ،
خوفكِ الشقيّ،
و كل خرائط الموتِ إليكِ.
لم تتغير خرائطي،
لم أغير اتجاهاتي ..
حتى اني
خشيتُ عليكِ
مني،
من قلبي
من رجالٍ يشبهونني،
أو أقل،
من رجالٍ أفضل مني ..
و حينَ رأيتكِ ..
علمت :
لمَ يلبسنَ النساء الغيرة،
لمَ تهاجر الطيور إلى الدفء،
لمَ تنقلبُ مدينة،
و وطن
و مواطنين ..
بالثورة ..
لمَ لم يعد في الأرضِ
مكانٌ يكفي للفرحِ
دونكِ.
حينَ رأيتكِ :
صعدَ شيءٌ مني ..
إلى السماءِ
رهيناً؛
ألا تحزني أبداً .
**
حنيني إليكَ ..
وطن لا يعرف
الكذب،
لا يرضى بالسجن ..
لا يهتف للمرض.
قفز كل أسوار الحياة
فقط،
هرباً من المنفى.
**
ركبتُ اليوم طائرة
لها جناحان،
بجوارِ نافذةٍ صغيرة،
جلست ..
أبحثُ عنكِ
عن بيتكِ،
لمَ تبدو الأشياء صغيرة ؟
بقرب جناحِ الطائرة،
كنت،
تنظر إليّ الحمامات،
إلى أين ستأخذني المسافات؟
في وجوه المسافرين،
بحثت
عن وجهكِ
ضحتكِ الخجلى،
عينيكِ ..
هبط الجميع بسعادة،
كُنتُ قد
عاهدتُ نفسي،
ألا أصعد طائرة ،
لا تحملني إليكِ.
**
قلبي شظيّةُ حزن،
يرتعش في البرد ..
يخافُ الشتاء،
يكره الصيف ..
خوفي مدينةٌ مظلمة،
تُصلّي للنورِ ..
ترجو الصباح.
و أنا بعيدٌ عن
وسادةِ أبي،
صدر أمي ..
و شجار أخوتي،
مشاكلنا الكثيرة،
و دعواتٍ طاهرة
ملأى بالصبر،
والصلاحِ .. لنا.
تعرفني الرجولة ..
رجلاً ساقته أحلامه
لبلادٍ لا تعرفُ الوطن،
تُقدِم الحُب على مائدةِ الإفطار
خالٍ من السُكّر ..
خفيفٌ جداً،
مشطوفَ الخوف
بعيداً عن الغرف،
لا يعرفُ الأسرار ..
يتشاجر حولهُ رجلانِ،
تنتصفهما امرأة ..
غربتي: هي فكرة
الهربِ منكِ،
من ضعفي،
قلبي ..
آه، قلبي
يعجز ألا يشتاق إليكِ،
كصباحِ أمي،
و قهوة أبي المُرّةِ مع التمر
كشقيقتي الصغرى،
تنافسني كرة القدم،
في غرفةِ الضيوف ..
تتوعدني بالعقاب.
**
لمَ لمْ تفهم،
حاجتي ألا أسمع صوتك،
ألا تسمع قلبي ..
ألا يقلقكَ تردد صوتي ؟
كيفَ لكَ أن تسأل ؟
و أنتَ كُل ما أحتاجُ إليه
ليعود للعيدِ لونه القديم،
و للسهر طعمه اللذيذ ..
لضحكةٍ ساخرة
على وعدٍ يتسلقُ
سُلم وعودٍ لم تنجز بعد.
يخنقني صوتكَ الخارج
من سماعةِ الهاتف،
تتبُعك خطواتي ..
و اهتمامكَ الخائف
ونبرةُ التخفيف التي
تعلو كلما مررتُ
بمشاكلي،
لتشد ساعديّ ..
كي أقف من جديد.
من قال أن المسافات
تُختصرُ بالكلمات ؟