تعتبر الرومانسية ملح الحياة الزوجية وهي تعطيها شحنات قوية حتى تستمروتبقى بنفس الدفئ والوتيرة، حيث يساعد تبادل المشاعر العاطفية والرومانسية بين الزوجين على ترطيب منغصات الحياة الزوجية وتقبل كل طرف منهما للآخر ويبعث فيها جو من المشاركة المتبادلة لهمومالحياة وضغوطاتها التي تخفف الرومانسية منها. والرومانسية دعوة إلى الزوجين لترك كل الهموم والمنغصات خلفهما والعيش في حالة روحانيةسامية تتخطي كل العقبات المادية المحسوسة، والتسامي نحو قيم عليا كالحب والوفاءوالإخلاص والتضحية والإيثار.
إن شعلة الرومانسية بين الزوجين تبدأ أوارها في مرحلة الخطوبة حيث تكون فيأوج انفعالاتها وشعلتها، وتمتزج بتلهف كل فرد نحو الآخر، والصفاء الذهني لهوالروحي، بحيث يعتبر كل منهما الآخر هو بحق النصف الآخر الذي لا يستطيع العيشبدونه أو الاستغناء عنه، حيث تمتزج الأحاسيس والمشاعر ويكون التبادل العاطفي والانفعالي في أوجه. إلا أن هذه الشعلة ما تلبث أن تخبو شيئاً فشيئاً مع زيادة ضغوط الحياة، وفي ظلوجود الأطفال الذين يشكلون حاجزاً بين الزوجين، حيث الأم منهمكة بتلبية حاجاتهم،والأب منهمك بعمله لكي يوفر لهم سبل الحياة الكريمة،فتبدأ أهدافالزوجين بالتحول تبعاً للتركيبة الأسرية الجديدة التي أصبح الأولاد قوامهاالأول، وبدأ كل منهما بالتراجع شيئاً فشيئاً عن الأهداف التي رسماها في مرحلة ما قبلالزواج أو بداياته، والتي تقوم على أن الطرف الآخر هو الهدف الأسمى بالنسبة له، وأن الطرف الآخرهو كل مقومات حياته، فأصبحت هذه المعادلة صعبة التحقيق في ظل وجود الأولاد الذين يشاركونهم في اقتسام مشاعرهم العاطفية، حيث تبدأ الأم بتحويل جزءمن عواطفها نحو أطفالها لحمايتهم والسهر على راحتهم والإغداق عليهم بنصيب زوجها من الحب والعواطف.
ويبدأ الزوجين نوعاً من المقارنة بين ما كانت عليه علاقتهما في السابق،وبين العلاقة الباردة الحالية، حيث أصبحت كلمات الحب لا تقال إلا في المناسبات بعد أنكانت خبزاً وشراباً يومياً، وقد توقعهما هذه المقارنة باتهام كل شخص للآخر بأن حبه لهقد قل، خاصة الزوجة التي تستمر بسؤال زوجها بين الحين والآخر: هل أنت تحبني؟ أو هل لا زلت تحبني كالسابق؟ أين كلامك الجميل؟ وقد يمتد الأمرإلى شكوك الزوجة بأن زوجها يحب امرأة أخرى غيرها.
إن جلسة من الصراحة بين الزوجين بين الوقت والآخر في جو من الصفاء، واسترجاعمسيرتهما العاطفية، كفيل بحل هذه الإشكالية، وإذا أعطى الزوجين لأنفسهما وقتاً منالحوار الهادئ فقد يتوصلان إلى أسباب ضعف هذه العلاقة الرومانسية وتجديدها بينالوقت والآخر، واغتنام الفرص المناسبة التي تمكنهما من هذه الجلسة الهادئة، والتماس كل طرف العذر للآخر في أن ضغوط الحياة قد سلبت منهما هذهالمشاعر الجميلة، علماً أنه ليس هناك ما يبرر برود هذه العلاقة مع أن تناقصها أمرطبيعي، وقد تكون موجودة إلا أن التعبير عنها يختلف من شكل إلى آخر في ظل الوضع الأسري الجديد. فيستطيع الزوجين بقليل من التصرفات اللافتة للآخر أن يعيدا توازن هذه العلاقةوبأسلوب جديد، ينسجم مع المرحلة العمرية التي هما فيها ومع وجود الأولاد كطرف في هذهالعلاقة، علماً أن الأطفال يكتسبون العلاقة الإيجابية فيما بينهم، من خلال تقليدهموتشربهم لعلاقة والديهم الحسنة.