-
,
لا أريد أن أتوغل كثيرا في ماهية العملية التربوية ، فكلكم تعرفون أنها لبنة أساسية لبناء الأسس التعليمية
في كل مرحلة من مراحل التعليم، يأتي على رأسها المعلم، فالطالب، فالمفتش التربوي أو المشرف التربوي،
والإدارة التعليمية بشؤونها ومختصيها وخبرائها… ولسنا بصدد ذكر الصفات والمهام والطرائق ومعدلات الأداء
وإحصائيات الكم التي لا تتوقف ولا تقف عند جانب معين تعمل من خلاله منظومة لا يتسرب لها الخلل ولا الملل والروتين .
ما هو دور المفتش التربوي في العملية التعليمية؟
دور المفتش التربوي الرقي بالعملية التعليمية، لا الحصر والتعداد ،إن دور المفتش التربوي يرقى فوق كل الأدوار
التي تهدف في ذاتها إلى تحسين العملية التعليمية وتزويدها بالخبرات ذات الدلالة التي تعطي مكملا غذائيا
فكريا ونفسيا وعلميا، يرسو على بر آمن ينطلق منه لأعلى المستويات ويحقق الأهداف المنوطة التي نعمل جميعا
على أفضليتها وأحقيتها بالجدارة المرموقة.
والحالة هذه فإنني أضع تساؤلات قد تدور في خلد الجميع ممن مارسوا وامتهنوا وظيفة المفتش التربوي:
س- هل دور المفتش التربوي التعداد والحصر ؟
س-هل توقف دور المفتش التربوي عند حصر من غاب ومن حضر ومن انقطع ومن داوم، وعدد الفئات والطلاب
والمعلمين والمقاعد الشاغرة، والمنقطعين عن العمل والمتوقفين مع سبق الإصرار والترصد؟
س- هل يلزم المفتش التربوي بضرورة حصر العجز ودائرة المعلمين ممن هم في طور الإعداد، وممن هم في
منظومة الإنجاز، وممن تركوا جانبا حتى وقت لاحق ..
إن المفتش التربوي أفرغ من دوره الحقيقي ليكون على تواصل فعال مع معلميه ليسألهم عن آخر أخبارهم،
وأسمائهم الرباعية وعدد حصصهم وفصولهم وعدد طلابهم، وكمية ما استنفدوه من المنهج !
المفتش التربوي ركن أساسي من أركان العملية التعليمية
إن المفتش التربوي– في نظري الشخصي- أكبر من كل ذلك… أتذكر أن وظيفة المفتش كانت عميقة بمعنى عمق
العلم(كان المفتش يتتبع المنهج، مدركا مسمياته، حافظا لأركانه، مفسرا لكل الأسئلة الصادرة والواردة داخل الدروس،
باحثا في كيفية تحسين المنهج ووضع الآليات والتصورات النموذجية، بل توسعت دائرة المفتش لأن يقترح الآلية
الصحيحة لمفردات المنهج.
دور المفتش التربوي الحقيقي هو تحسين أداء المعلم، وتوجيهه التوجيه الأمثل لأفكار ومصادر ومراجع، بل كان
هو المطور والمدرب الحقيقي لأداء وطرائق المعلمين الذين ساروا على نهج ووتيرة واحدة لتطوير العملية التربوية .
الاختلافات الزمنية المؤثرة على دور المفتش التربوي في العملية التربوية
كان المفتش التربوي يقوّم تعديلات الأسئلة والإضافة عليها ويدخل إلى الفصل الدراسي كأنه منظومة ناطقة
تحلل الدرس وتفسر للجميع المفردات، ولا يخرج من الفصل إلا وقد تزود الجميع بالجديد والمفيد من طرق الأداء
وشرح أمثل للدرس وعروض متميزة؛ كان اليوم الذي يزورنا فيه المفتش التربوي متميزا بكل معنى التميز حتى
أننا نشعر بالتجدد وحب الاكتشاف والتنافس، والأبعد من ذلك كنا نعود إلى بيوتنا ممتنين لاكتسابنا معلومات
ومفردات جديدة، بالإضافة إلى الدافعية التي تشعرنا لأول وهلة بأهميتنا في الدائرة التعليمية .
اليوم ما أرى إلا تعدادا ميدانيا لمن يقطنون ساحة التعليم !
الروح التربوية لوظيفة المفتش التربوي
فعذرا منكم أساتذتي الأفاضل- ما أنا إلا منكم – أعيش ما تعيشونه وأشعر بما تشعرون به على الرغم من الرصيد
الكبير من المعلومات والقراءات والبحث الدائم؛ إلا أن ما أود إيصاله للسادة الأفاضل هو” أن تعود روح العملية
التربوية التفتيشية لما كانت عليه (تربوية علمية تعتمد على الخبرة المنهجية وأساليب وطرائق الأداء”… فجعل
المفتش التربوي مجرد حلقة وصل حصرية للأعداد والكميات ماهو إلا تفريغ ذهني وتعطيل الحافز النفسي والروحي
لدى المفتش، حتى صار همه أن يحصر عدد المعلمين ليصبها صبا في قوائم النماذج التعدادية .
لماذا لا يكون دورنا الحقيقي مكتبة علمية تربوية تؤسس لتطوير المعلم وترتقي به .
أما الجانب الإداري فله المتخصصون لذلك المتتبعون لسير الأداء والعجز، وعدد الموظفين، والعقود والجداول
والإحصائيات التي هي في حقيقة الأمر من اختصاص متابعين مؤهلين لذلك. ما أرمي إليه ألا نغض الطرف عن
الدور الحقيقي الذي تميز به المفتش التربوي وهو رسالة العطاء المتحققة في أدائه المتميز داخل مدرسته،
من خلال وظيفته السامية .
وما هذا إلا من خواطري التي وددت تقديمها كمقترح تسمو به العملية التربوية وتعود لتسقي الغرس والزرع؛
فينمو مخضرا يانعا يؤتى أكله كل حين.
~