النبى الشهيد
فى الشهرين الماضيين سمعنا عبارة والصلاة والسلام على نبينا المجاهد
الشهيد فى كل خطب المتحدث العسكرى لكتائب القسام أبو عبيدة وهى عبارة يجب الوقوف عنها للتالى:
أولا كون خاتم النبيين(ص) مجاهد أمر لا شك فيه كما قال سبحانه :
" جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم"
فالنبى(ص) شارك فى كثير من الحروب المتعددة التى حدثت للمسلمين فى عصره
ثانيا كون
النبى (ص) شهيد هذا هو الأمر المشكل فهو طبقا للقرآن شهيد بمعنى أنه شاهد يشهد على المسلمين فى عصره فقط أنهم آمنوا به كما قال سبحانه :
"وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"
وقال أيضا:
"فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا"
ومن ثم إذا قصد هذا المعنى وهو الشهادة بالحق على المسلمين وهى الشفاعة فى القيامة فهو معنى صادق كما قال سبحانه :
"ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم لا يعلمون"
وأما المعنى الثانى وهو كون الرسول (ص)قتيل فهو معنى يتعارض مع كتاب الله لأنه طبقا للقرآن ميت وليس قتيل كما قال سبحانه:
" إنك ميت وإنهم ميتون"
الغريب أن هناك روايات فى كتب السنة والشيعة تقول بأنه تم قتله عن طريق السم
روايات السنة تعتبره قتيلا إما على يد اليهودية التى سمته قبل موته بثلاث أو أربع سنوات وهو أمر غير مقبول علميا فلا يوجد سم يبقى أثره أربع سنوات ويكون الموت بسببه
ومنها :
" وفي صحيح مسلم عن أنس: أن امرأة يهودية أتت رسول الله (ص) بشاة مسمومة فأكل منها فجيء بها إلى رسول الله (ص) فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك، قال: ما كان الله ليسلطك على ذاك، قالوا: ألا نقتلها؟ قال: لا، قال: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله (ص) .
وإما تعتبره سم على يد يهود خيبر كما فى الروايات التالية:
عن أبي هريرة أنه حين فتحت خيبر ، أهديت له ( ص ) شاة فيها سم ، فقال ( ص ) : اجمعوا من كان ههنا من اليهود ، فجمعوا ، فقال لهم : إني سائلكم عن شيء . . إلى أن قال : أجعلتم في هذه الشاة سماً ؟قالوا : نعم .قال : فما حملكم على ذلك ؟! . قالوا : أردنا إن كنت كاذباً أن نستريح منك ، وإن كنت نبياً لم يضرك"المغازي للذهبي ص362 وسنن الدارمي ج1 ص33 .
عن عائشة قالت: كان النبي (ص) يقول في مرضه الذي مات فيه يا عائشة: ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم. ذكره البخاري تعليقا.
وهناك روايات لا تحدد من قتل النبى(ص) ولكنه تعترف بقتله فقد روى أحمد بن حنبل والطبراني والصنعاني عن عبد الله بن مسعود قال: ”لأن أحلف تسعا أن رسول الله (ص) قُتل قتلاً أحبُّ إليَّ من أن أحلف واحدةً أنه لم يُقتل وذلك بأن الله جعله نبياً واتخذه شهيداً“. (مسند أحمد ج1 ص408 والمعجم الكبير للطبراني ج10 ص109 ومصنف الصنعاني ج5 ص268 وغيرهم كثير).
وأما روايات الشيعة فبعضها كروايات السنة تعتبر اليهودية من قتلته مثل الروايات التالية :
جاء في التفسير المنسوب للإمام العسكري ص177:
"إنه لما رجع النبي ( ص ) من خيبر جاءته امرأة من اليهود ـ قد أظهرت الإيمان ـ بذراع مسمومة ، وأخبرته أنها كانت قد نذرت ذلك"
وورد فى كتب أخرى:
"أن امرأة عبد الله بن مشكم أتت النبي ( ص ) بشاة مسمومة ، ومع النبي ( ص ) بشر بن البراء بن عازب . . فتناول النبي ( ص) الذراع فلاكها ، ولفظها ، وقال : إنها لتخبرني أنها مسمومة ..أما بشر فابتلعها فمات . . ثم سأل النبي ( ص ) اليهودية فأقرت..." البحار ج17 ص408 وراجع ص406 عن الخرائج والجرائح . وراجع : الخرائج والجرائح ج1 ص27 والخصائص الكبرى ج2 ص63 ـ 65 .
وبعض منها تعتبر أن قتلته هم أبو بكر وعمر وعائشة وحفصة فقد سموه طبقا لرواية شيعية وهى :
"....كما استخلف الانبياء من قبلي أوصياءهم، واني صاير إلى أمر ربى، وآخذ فيه بأمره، فليكن الامر منك تحت سويداء قلبك إلى أن يأذن الله بالقيام به، فضمنت له ذلك، وقد اطلع الله نبيه على ما يكون منها فيه ومن صاحبتها حفصة وأبويهما فلم تلبث أن أخبرت حفصة وأخبرت كل واحدة منهما أباها فاجتمعا وأرسلا إلى جماعة الطلقاء والمنافقين فخبراهم بالأمر، فأقبل بعضهم على بعض وقالوا إن محمدا يريد أن يجعل هذا الامر في أهل بيته كسنة كسرى وقيصر إلى آخر الدهر، ولا والله مالكم في الحياة من حظ إن أفضى هذا الامر إلى علي بن أبي طالب وإن محمدا عاملكم على ظاهركم، وإن عليا يعاملكم على ما يجد في نفسه منكم، فأحسنوا النظر لأنفسكم في ذلك، وقدموا رأيكم فيه. ودار الكلام فيما بينهم وأعادوا الخطاب وأجالوا الرأي فاتفقوا على أن ينفروا بالنبي (ص) ناقته على عقبة هرشى وقد كانوا عملوا مثل ذلك في غزوة تبوك فصرف الله الشر عن نبيه (ص)فاجتمعوا في أمر رسول الله (ص) من القتل والاغتيال وإسقاء السم على غير وجه" بحار الأنوار للمجلسى
وجاء فى تفسير العياشى :
عن عبد الصمد بن بشير عن الإمام الصادق أنه قال: ”تدرون مات النبي (ص) أو قُتل؟ إن الله يقول: أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ، فُسَمَّ قبل الموت! إنّهما سقتاه! فقلنا: إنهما وأبويهما شرّ من خلق الله“! (تفسير العياشي ج1 ص200).
وروى علي بن إبراهيم القمّي في تفسيره :
"أن رسول الله (ص) قال لحفصة في مجريات قصّة التحريم: ”كفى فقد حرّمت ماريّة على نفسي ولا أطأها بعد هذا أبدا، وأنا أفضي إليك سرّا فإنْ أنتِ أخبرتِ به فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين! فقالت: نعم ما هو؟ فقال: إن أبا بكر يلي الخلافة بعدي (غصبا) ثم من بعده أبوك، فقَالَتْ: مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا؟ قَالَ: نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ. فأخبرت حفصة عائشة من يومها ذلك، وأخبرت عائشة أبا بكر، فجاء أبو بكر إلى عمر فقال له: إن عائشة أخبرتني عن حفصة بشيء ولا أثق بقولها، فاسأل أنت حفصة. فجاء عمر إلى حفصة فقال لها: ما هذا الذي أخبرت عنك عائشة؟ فأنكرت ذلك وقالت: ما قلت لها من ذلك شيئا! فقال لها عمر: إنْ كان هذا حقاً فأخبرينا حتى نتقدّم فيه (نُجهز على النبي سريعا)! فقالت: نعم! قد قال رسول الله ذلك! فاجتمعوا أربعةً على أن يسمّوا رسول الله“! (تفسير القمي ج2 ص376)"
وروايات القتل عند الفرق كلها كاذبة تعارض قوله سبحانه :
" إنك ميت وإنهم ميتون"
كما تعارض عصمة الله نبيه(ص) من أذى الناس حيث قال :
" والله يعصمك من الناس
وهذه العصمة من أذى الناس تعنى ان النبى(ص) لا يمكن سمه ولا جرحه ولا قتله ولا اصابته فى جسده بأى أذى
وأما نقد الروايات فنلاحظ فيها التالى :
أولا التعارض فيمن هم القتلة فمرة اليهودية وقد تناقضوا فى اسمها فمرة زينب بنت الحارث ومرة زوجة سلام بن مشكم ومرة عبدة ومرة يهود خيبر الرجال ومرة تحالف كبير تزعمه أبو بكر وعمر وعائشة وحفصة ومرة تحالف صغير مكون من الأربعة
ثانيا مكان السم فمرة فى خيبر ومرة فى المدينة فى بيت اليهودية من قبل اليهودية ومرة فى بيت الرسول(ص) نفسه من قبل زوجتيه ومرة فى عقبة هرشى
ثالثا من ماتوا بالسم فمرة بشر بن البراء ومرة البراء بن معرور
رابعا الهدية المسمومة فى روايات شاة وفى روايات ذراع من شاة
خامسا أن الوحيد الذى أصابه السم النبى(ص) وأما من أكل معه من الصحابة فلم يصبهم شىء رغم أنهم أكلوا من نفس اللحم المسموم هذا فى رواية وفى رواية أخرى مات أحدهم وهو بشر
وهذه التعارضات بين الروايات تبين أنها كلها كاذبة وإن وردت فى أصح كتب الفرق لتعارضها مع كتاب الله أولا وتعارضها مع نفسها ثانيا
كما أن هناك فى الروايات أمور لا تصدق فالصحابى المسموم فى احدى الروايات وهو البراء بن معرور مات قبل هجرة النبى(ص) للمدينة بشهر فكيف تم ادخاله فى احدى الروايات ليموت بعد موته ألأول بسبع أو ثمانى سنوات