بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله الطاهرين أما بعد، إنّ معجم لسان العرب هو أحد أشهر المعاجم اللغوية القديمة التي وصلتنا، ويعتبر هذا المعجم من أشمل وأوسع تلك المعاجم، فقد جمع فيه صاحبه ما تفرق في بطون المعاجم اللغوية الأخرى، فكان هذا المعجم موسوعة لغوية بحق، ولهذا فهو المرجع الأساسي للكثير من الباحثين والمحققين. وصاحب معجم لسان العرب: هو الإمام العلامة أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرَّم ابن منظور الإفريقي المصري، وقد ترجم له: الحافظ ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة، والسيوطي في بغية الوعاة، وقد أجمع المترجمون له والمؤرخون على أنه ولد في سنة 630هـ، وتوفي في سنة 711هـ. وإسمه ونسبه الكامل: هو محمد بن مكرَّم بن علي بن أحمد الأنصاري محمد بن جلال الدين مكرم بن نجيب الدين أبي الحسن علي بن أبي القاسم بن حقبة بن محمد بن منظور، إلى هنا اشتهر نسبه عند من ترجم له، ولكن يضاف إلى هذا النسب جده الكبير (رويفع بن ثابت الأنصاري). ويكنى ابن منظور بـ (أبي الفضل)، ويلقب بـ (جمال الدين)، وقد ذكر الزركلي صاحب كتاب الأعلام أن ابن منظور قد ولد في مصر، أو في طرابلس الغرب كما يقول بعضهم. يذكر المترجمون لابن منظور أن من شيوخه: ابن المقبر، ومرتضى بن حاتم، وعبد الرحمن بن طفيل، ويوسف بن المخيلي، كما أنه من تلاميذه: الذهبي والسبكي. وقد كان الإمام ابن منظور – رحمه الله – عالماً متقناً في علوم اللغة العربية وفنونها وآدابها، وله الكثير من الآثار والمصنفات، ومن أهمها: (معجم لسان العرب)، وله أيضاً إختصارات كثيرة لكتب الأدب المُطَوَّلَة، كما يشير إلى هذا الحافظ ابن حجر. وقد إعتمد ابن منظور في تصنيف معجم لسان العرب بشكل أساسي على النقل من المعاجم الأخرى، فهو يعترف في مقدمة المعجم بأنه لم يجتهد فيه اجتهاداً شخصياً، وأن ما أورده فيه هو عبارة عن نُقُول من المعاجم الأخرى، حيث يقول في مقدمة اللسان: « لا أدَّعي فيه دعوى، فأقول: شافهت أو سمعت، أو فعلت أو صنعت، أو شددت الرحال أو رحلت، أو نقلت عن العرب العرباء أو حملت، فكل هذه الدعاوي لم يترك فيها الأزهري وابن سيّده لقائل مقالاً، ولم يخلّيا لأحد فيها مجالاً، فإنهما عيّنا في كتابيهما عمن رويا، وبرهنا عمّا حويا، ونشرا في خطبهما ما طويا. ولعمري لقد جمعا فأوعيا، وأتيا بالمقاصد ووفيا. » ويقول أيضاً: « وليس في هذا الكتاب فضيلة أمُتُّ بها، ولا وسيلة أتمسك بسببها، سوى أني جمعت فيه ما تفرق في تلك الكتب من العلوم، وبسطت القول فيه... »
والمصادر والأصول التي اعتمد عليها ابن منظور في معجم اللسان هي خمسة، وهي على النحو التالي: تهذيب اللغة، لأبي منصور الأزهري.
المُحكم، لابن سيده الأندلسي.
الصحاح، لأبي نصر الجوهري.
حاشية الصحاح، لأبي محمد بن بَرّي. النهاية، لأبي السعادات ابن الأثير الجزري.
ويضيف المترجمون لإبن منظور إلى هذه المصادر مصدراً آخر لم يذكره ابن منظور، وهو: جمهرة اللغة، لأبي بكر بن دريد. وبهذا القدر كفاية، والحمد لله رب العالمين. ..
௪