الصلاح في القرآن
.
ذكر أهل التفسير أن
الصلاح في
القرآن على عشرة أوجه :
أحدها : الإيمان . ومنه قوله تعالى في الرعد : " جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ " ، وفي النور : " وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ " ، وفي النمل : " وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ " ، وفي المؤمن : " وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ “ .
والثاني : علو المنزلة . المنزلة الرضية ، ومنه قوله تعالى في البقرة : " وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ " ، وفي يوسف : " وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ " ، أراد : تصلح منازلكم عند أبيكم .
والثالث : الرفق . ومنه قوله تعالى في الأعراف: " وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ " يعني: وارفق بهم ، وفي القصص : " وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ " يعني: من الرافقين بك.
والرابع : تسوية الخلق . ومنه قوله تعالى في الأعراف : "فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ " ، أي : سوي الخلق .
والخامس : ضد الفساد. ومنه قوله تعالى في هود: " وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ " ، ومنه قوله تعالى في البقرة : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ " ، والدليل على صحة هذا التأويل أنه قرنه بالفساد، وقال: "أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ”.
والسادس : الطاعة: ومنه قوله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ". يعني: أطاعوا الله عز وجل فيما أمرهم وفرض عليهم ، وفي الأعراف: " وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا " يعني: بعد طاعة الله فيها.
والسابع : أداء الأمانة . ومنه قوله تعالى في الكهف : " وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا " ، أي : كانا ذوي أمانة .
والثامن : بر الوالدين . ومنه قوله تعالى في بني إسرائيل : "رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ " ، أي : بارين بالآباء .
والتاسع : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . ومنه قوله تعالى في هود : " وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ " ، أي : أهلها جميعاً يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وليس في مجموعة فقط ومعين من الحكومه على أهلها وليسوا لهم مثل مالدينا؟ .
والعاشر : النبوة . ومنه قوله تعالى في يوسف : " أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ " ، أي : بالأنبياء.
وقد ألحق بعضهم وجها حادي عشر فقالوا :
الصلاح : منها أداء الزكاة ومنه قوله تعالى في المنافقين : " فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ " .