همس السيرة النبوية سيرة النبي والرسل والصحابة والتابعيين | قصة نبي الله شعيب همس السيرة النبوية
|
13 - 4 - 2015, 10:20 PM
| | | | | عضويتي
» 4614 | جيت فيذا
» 11 - 4 - 2015 | آخر حضور
» 27 - 5 - 2015 (11:18 PM) |
فترةالاقامة »
3543يوم
|
المستوى » $1 [] |
النشاط اليومي » 0.00 | مواضيعي » 4 | الردود » 1 | عددمشاركاتي » 5 | نقاطي التقييم » 50 |
ابحث عن » مواضيعي ❤
ردودي | تلقيت إعجاب » 0 | الاعجابات المرسلة » 0 |
الاقامه » |
حاليآ في » | دولتي الحبيبه » | جنسي » | العمر »
سنة
| الحالة الاجتماعية » |
التقييم
» | مشروبى المفضل » | الشوكولاته المفضله » | قناتك المفضلة » | ناديك المفضل » | سبارتي المفضله » | | | | |
قصة نبي الله شعيب
قصّة رسول الله شعيب عليه الصلاة والسلام شعيب عليه السلام هو رسول الله لأهل مدين وكان يُعرف بخطيب الأنبياء (روي مُرسلا الى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح مرفوعا) وذلك لقوّة حجّته وحسن مُراجعته لقومه ودحضه لشبهات قومه. وأهل مدْين كانوا عربا يسكنون في أرض "مَعان" في الأردن قريبا من قُرى لوط عليه السلام ,وأورد أهل التأريخ والأنساب أنّهم كانوا من أبناء مدْين ابن ابراهيم من زوجة ثالثة تزوّجها عليه السلام في اخر عمره , وقيل أنّ مدْين من نّسل هود عليه السلام , وأيّهما كان فإنّ العبرة فيما بيّنه الله عز وجل لعباده في كتابه عن هذا الرّسول الأمين وقومه المُعاندين وحال دعوته مع قومه, وإنّما تُذكر الأنساب في هذا المقام لمعرفة مجرى تقلّب التّاريخ ومعرفة علاقة النّسل بين الرّسل والأنبياء كما ذكرنا في قصّة ابراهيم ولوطا عليها السلام. ونذكر أنّ شعيبا عليه السّلام ليس هو صاحب موسى عليه السلام الذي تزوّج ابنته لان بينهم مئات السنين. دعوة شعيب عليه السلام قومه قال الله عز وجل في بيان بعثة رسوله شعيب عليه السلام إلى قومه : "وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ" ارسل عليه السلام الى قوم مدْين الذين جاهروا بالكفر وعبدوا غير الله جل وعلا. وكانوا يعبدون الأيكة وهي نوع من أنواع الشجر, يتقرّبون اليها بأنواع من العبادات كالدّعاء والتبّرك بها وغير ذلك قال عز وجل مخبرا عن ذلك :" كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ" فلمّا وصفهم الله عز وجل في الآية بعبادة الأيكة ناسب ألاّ يذكر الأخوّة هنا لأنّه عليه السلام كان ينكر عليهم إشراكهم بالله عز وجل وعبادة الأيكة من دون الله الواحد القهّار ,بينما لمّا نسبهم الله عز وجل إلى قبيلة مدين ذكر نبيّه شعيبا بالأخوّة لهم لأنّ المَقامَ مَقام ذكرُ أخوّة النّسب والقبيلة فقال جلّ وعلا : " وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا". فدعاهم عليه السلام إلى عبادة الله وحده وترك ما هم عليه من الشرك والكفر بربّ الأرباب فقال لهم عليه السلام : "يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ" فبيّن الله عز وجل أن شعيبا عليه السلام أرسل ببيّنة من ربّه أي دلالة وحجّة واضحة تدل على صحة أرسل به كما أوتي غيره من الرّسل, لكن لم يبيّن جلّ وعلا عيْن تلك البيّنة تفصيلا. مخالفات قوم شعيب وقد اشتهر قوم شعيْب , مع كفرهم بربّهم جلّ وعلا, أنّهم كانوا يطفّفون في الميزان والمِكيال كما قال عز وجل عن أولئك الصنف من الناس : " وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ" وذكرالله جل وعلا انهم كانوا "يبخسون النّاس أشياءهم" أي كانوا يحتالون في التزيّد في الكيّل والنّقصان منه فيخدعون المُشتري إذا كانوا باعوه ويخدعون البائع إذا اشتروا منه. وكانوا أيضا يقطعون على النّاس السّبيل ويتوعّدونهم ويُخيفون من سلكها بسلب متاعه فيتربّصون للمارّة فيبخسوا أموالهم وأمتعتهم ولا يُخلّون سبيلهم حتى يأخذوا منهم نسبة من أموالهم (وقيل كانوا يأخذون العُشر) وهذا ما يُسمّى بالمُكوس (كالجمارك). ومع كونهم يقطعون السّبيل الحسّي الدنيوي على النّاس كانوا يقطعون الطرّيق المعنوي الدّيني ,فأخذوا بالصّد النّاس عن الهداية بشتّى الطّرق , قال عز وجل : " وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا" يعني تبغون لسبيل الله عز وجل عوجا وتحاولون وصف دعوة رسول الله شعيب عليه السلام المستقيمة بأنّها باطل وضلال حتّى تُنفروا النّاس منها. فدعاهم عليه السلام ان ينتهوا على ما هم من الشرك وقبيح الفعل من تطفيف المكيال والصد عن السّبيلين الدنيوي والدّيني , فسلك شعيب عليه السلام شتّى الطّرق في هداية قومه كما فعل إخوانه من الرّسل فجمع بين الترغيب والتّرهيب وبيان فضل الله عز وجل عليهم فيما هم فيه النّعم ورغد العيش فقال : " وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ" فذكّرهم عليه السلام بنعمة الله عليهم أن كثّركم بعد قله فلم وأمدّكم بالنّسل والصحّة ودفع عنكم الأمراض والأوباء المُقلّلة لكم وحفظكم من بأس الأعداء ولم يسلّطهم عليكم فيجتاح دياركم ويقتّل أبناءكم ويستحيي نساءكم بل أنعم سبحانه وتعالى عليكم بأن جمع شملكم وأسبغ عليكم نعمهُ ظاهرة وباطنة وكثّر من نسلكم. الترهيب والتّحذير من نقمة الله الواحد القهار ثم رهّبهم عليه السلام من نقمة الله عز وجل لهم إن استمروا على عنادهم وكفرهم تكذيب رسولهم وذكّرهم بالأمم السابقة ما فعل الله بهم , شتّت شمهم وأتبعهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين فقال لهم عليه السلام " إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ" فحذرهم عليه السلام أن يسلب الله ذلك الخير الذي امتن به عليهم من الصحة وكثرة الأموال والبنين فيحيط بهم العذاب ولا يبقي منهم أحدا , وقال لهم : " وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ" أي كما أنّه سبحانه وتعالى تفرّد بخلقكم وخلق الذين من قبلكم فأفردوه بالعبادة وذروا ما أنتم عليه من عبادة الأيكة, فلا سبيل لكم إلى النّجاة إلاّ باللّجوء إلى التوّاب الرّحيم فإنه يحب التوّابين والمنيبين إليه وإن أسرفوا على أنفسهم بالكفر والشرك فمن رحمته بكم أن بعث إليكم رسولا منكم ليخرجكم من الظلمات إلى النّور ويهديكم إلى أقوم سبيل والفوز بالنّعيم المقيم ورضى رب العالمين. ثمّ بيّن لهم أن ما رزقهم الله عز وجل من الحلال وإن قلّ فإنّه يكفيكم ففيه البركة والنّماء , فلا تطمعوا في غيره من المال الحرام ببخس النّاس وخداعهم في المكيال والميزان , فإنّ الحرام ممحوق البركة وزائل المنفعة ثم قال لهم عليه السلام : " بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ" وهذا القول يفسّره قوله تعالى :" قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ" فالطيّب يحفظه الربّ الطيّب والخبيث زائل ولو كثر وبَهَر أعين النّاظرين فإن الرّازق لكليها هو الله سبحانه وتعالى وقد بيّن مآل كل منهما , فالحلال إلى الكثرة والنّماء والخبيث إلى الإضمحلال والهباء , وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال : " إنّ الربا وإن كثر عاقبته إلى قُل" (مسند أحمد – صحيح). ثمّ ختم بقوله: "وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ" فإنّي لا أحفظ عليكم أعمالكم وأحصيها عليكم إنّما الحفيظ عليكم هو الله تعالى فاتّقوه ولا تخالفوا أمره وأحسنوا أعماكم فإنّها محصّية عليكم ومُجازون بها في يوم ترجعون فيه إلى الله عز وجل , وما أنا إلاّ رسول أبلّغكم رسالات ربّي. استهزاء وسخرية قومه له فما كان من قومه إلاّ أن قالوا له متهكّمين مستسخرين "يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ" لمّا كانت الصلاة أخصّ أعمال رسول الله شعيب المتميّز بها عن قومه ,المُخالفة لمُعتادهم , جعلوها المُشيرة عليه بأن ينهاهم على ما هم عليه من الضّلال فكأنّهم يقولون بسخريّة واستنقاص لرسول الله : أصلاتك هذه التي تُصلّيها تحملك على أن تنهانا بأن نترك عبادة ما كان يعبد آباؤنا الأقدمون وننصرف إلى عبادة إلهك الذي تُصلّي له أو أن لا نتصرّف في أموالنا كيف نشاء من التّطفيف في الكيل والميزان ونخضع لأمرك فلا نتصّرف بها إلا على الوجه الذي ترضاه أنت؟ .. " إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ" أي: إنّك لأنت المتفرّد من بيننا بالحلم والوقار وحسن الخلق والعقل الرشيد الأمر السديد . وهذا إستئناف تهكّم آخر منهم لنبيّهم الأمين, وهم يقصدون عكس هذه الأوصاف وذلك لنفسوهم الخبيثة وبواطنهم الفاسدة, ولكنّ شعيبا عليه السلام كان حليما صبورا على قومه رحيما بهم يعلم أنّهم على جهل وسفه فعسى الله أن يكشف عنهم غمام الشبهات ودخان الشّهوات فيبصروا الجادّة فتخبت قلوبهم لربّهم العلي الكبير ويعرفوا لرسولهم قدره ويتّبعوه وينصروه , فلم يقنط عليه السلام ولم يملّ من محاجّتهم ودعوتهم إلى الهدى وهذا هو منهج الرّسل والدّعاة في دعوة الخلق إلى الله عز وجل. رسول الله عليه السلام يردّ علي شبهات قومه فلم يلتفت عليه السلام إلى حظ نفسه مما رموه من الاستهزاء والسّخرية ولكن استمر في بيان ما هو عليه من الهدى والاستقامة ودحض حججهم وأبطل ادّعاءاتهم فقال عليه السلام : "يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" وهذا تلطّف معهم في العبارة ,يقول لهم عليه السلام : أرأيتم إن كذّبتموني بصحّة ما جئتكم به فمن ينجّيكم من بأس الله إن جاءكم فإنّي على يقين وطمأنينة في صحة ما جئت به وقد رزقني الله عز وجل منه رزقا حسنا وهي النّبوة والرّسالة والرّزق الحلال الذي لا أعلم فيه أدنى شبهة من حرام فلا آمركم إلاّ بخير لما فيه من المصالح لكم وما أنهاكم إلا عن شر لما يترتّب عليه من المفاسد , ولست أنا ممن يأمركم الأمر ولا يأتيه وينهاكم عن المنكر ويأتيه بل أنا أول مُبْتدرلفعل الأمر وترك النّهي. وهذا فيه برهان ساطع على صحّة ما جاء به وأن شأنه ليس كشأن الجبابرة الذين ينهون أقوامهم عن أفعال وهم يأتونها لأن مثل ذلك يُنبئ بعدم النّصح فيما يأمرون به وينهون عنه, وذلك أنّ الناصح لقومه المُريد لهم الخير يختار لنفسه ما يأمر به وينهى عنه غيره ,وقد ذمّ الله أهل الكتاب لمّا تلبّسوا بعكس هذه الأوصاف فقال جل وعلا : " أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" . وفي هذا المقام لفتة قيّمة وهي : أنّه لما قالوا له " أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ" ظنّوا برسول الله عليه السلام أنّه ما قصد إلاّ مُخالفتهم وتخطئتهم واستبعدوا أن يكون له قصد صالح فيما يدعو إليه فبيّن لهم قائلا : " وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ" أي أنه ما يريد مجرّد المخالفة كشأن المنتقدين المتعمّدين للنّقد , ولكنّ عليه السلام لم يكن مقصده من كلّ ذلك إلاّ الإصلاح والهُدى. ثمّ أتبع قائلا : " إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" فهذه هي أصل دعوته عليه السلام ألا وهي الإصلاح ما استطاع وأوّلها تعبيد العباد لربّ العباد وإخلاص العبادة له سبحانه وتعالى فلا يُدعى إلا هو ولا يرجى سواه فهو الملاذ والواذ وهو المُستعان في كل حال , فلا يسألهم عليه السلام أجرا ولا مُلكا ولا جاها إنّما يسعى جاهدا لإصلاح ما أفسدوه في الأرض وتطهير فطرتهم ممّا شابها من الأدران والنّجاسة فيغسلها بماء الوحي فتجلو بإذن ربّها. ولمّا بيّن عليه السلام حقيقة ما يدعو إليه وكان في ذلك نوع من تزكية النّفس أعقبه بإرجاع الفضل إلى الله جل وعلا فقال : " وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" فلا حول ولا قوّة لي فيما أدعو إليه إلاّ بالله عز وجل فهو موفّقي إلى الإصلاح فإنّي عليه أتوكّل في سائر أموري وأثق في كفايته وإليه مرجعي في كلّ أمري , فكل ما آمركم به وأنهاكم عنه فمن عنده, ليس لي في ذلك حظ , وفيه كمال الإفتقار إلى الله عز وجل والاعتراف بالحاجة والفاقة إلى الإعانة منه والتوفيق والسّداد في جميع الأفعال وهكذا العبد السّائر إلى ربّه لا يستغني عن خالقه طرفة عين فيدعوه رغبا ورهبا بالثّبات على الحق والتوفيق إلى كل خير وانْ يُرجِعَ الفضل دائما لله عز وجل فليس بفعله وصل ولا بمجهوده حصل ولكن إلى لله يُرجع الفضل كلّه. تخويف قومه وتذكيرهم بأسلافهم الهالكين وأتبع قائلا عليه السلام : " وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ" أي : لا تحملنّكم مخالفتي والإصرار على بغض ما جئتكم به لمخالفة هواكم واستمراركم على مشاقّتي أن يصيبكم من العقوبات والعذاب مثل ما أصاب أشباهكم من قوم نوح أو عاد أو ثمود أو قوم لوط وما قوم لوط منكم ببعيد, فهذه ديارهم قريبة منكم وأمّا الزّمان فليس ببعيد وقد جاءكم من أخباركم وما حلّ بهم من نقمة الله عز وجل لمّا كذبوا رسولهم وعتو عن أمر ربّهم فانتقم الله منهم فأفك ديارهم وخسف بها وغشّاها ما غشّى فكانت عاقبة أمرهم خسرا. أتبع تخويفهم بترغيبهم إلى التوبة والإنابة ثمّ ختم المقال بألطف عبارة ودعوة إلى التوبة والإنابة قائلا : " وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ" فدعاهم عليه السلام إلى العزيز الغفّار والذي يغفر ويصفح ويعطي ويمنح , فأقلبوا عليه بقلوب منيبة تائبة , نادمين على سلف , مؤمنين بالله ربّا وبرسوله نبيّا مرسلا وبالإسلام دينا , مستسلمين لأمر الله عز وجل منيبين إليه في جميع أموركم فارّين إليه طالبين عفوه ورحمته, مجدّين إلى المسارعة في الأعمال الصالحة فإنّكم إذا رجعتم إليه بصدق وإخلاص فزتم بأعلى المقامات وحزتم أشرف المَرومات ,يبدّل سيئاتكم حسنات وخوفكم أمنا ويزدكم فيما أعطاكم ...فهو الفوز المبين .. حياة طيّبة في الدّنيا ورضوان من الله في الاخرة في جنّات النّعيم. ثم بيّن لهم عليه السلام أن من صفات الله عز وجل أنّه رحيم ودود فرحمته لا تنال إلاّ برضاه ولا سبيل لذلك إلاّ بسلوك سبُلها التي تدعو إليها الرّسل عليهم السلام , فهو سبحانه رحيم بالعباد إذا تابوا إليه وشديد المحبّة لمن تقرّب إليه بالتوبة والإنابة , وهو سبحانه ودود يُحَبّ ويُحِب , فيُحَبّ على إحسانه وتفضّله على عباده من جميع الوجوه ويُحِبّ أنبياءه ورسله وأتباعه لحبّهم له .. فكأنّ شعيبا عليه السلام يقول لهم : إن ما أنتم فيه من النّعم والإحسان من الله جل وعلا يقتضي أن تنجذب قلوبكم إليه ودّا بإخلاص وإنابة ويترتّب على ذلك أن تكون لي في قلوبكم محبّة , لأنّ محبّة الرّسل تبعا لمحبّة الله عز وجل فمن محبّة الله عز وجل حبّ أولياءه الصالحين وحبّ ما هم عليه من الهدي والخلق واتّباعهم في ذلك. وانظر إلى دقيق خطاب شعيبا عليه السلام وتفنّنه في الدعوة مع قومه إذ أضاف الرّب إلى ضمير قومه مرّة فقال : "وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ" وإلى ضمير نفسه أخرى فقال : " إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ" لتذكيرهم بأنّه سبحانه وتعالى ربّهم الذي خلقهم وللتشرف بانتسابه إلى خالقه سبحانه وتعالى. إستخفاف قومه به وتهديدهُ برجمه عليه السلام وبعد هذا التلطّف والودّ منه عليه السلام لقومه ردّوا عليه ... ويا ليتهم ما ردّوا قالوا : " يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ" وتأمّل رحمك إلى جورهم وقولهم على رسولهم زورا وبهتانا مع كونه مِقْوالا فصيحا قوي الحجّة والبيان رموْه بالهذيان وضعف البيان وأنّهم لا يفهون مُراده... وليس الأمر كذلك بل شأنهم كما أخبر ربّ العالمين عن المشركين بقوله : " وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُون". وقالوا له: " وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا" أي ما أنت فينا من الرؤساء ولا من الكبار ولكنّك دوننا في المقام وليس لك منزلة عندنا تجعلنا نأخذ برأيك ونتابعك على ما أنت عليه "وَلَوْ لَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ" أي: وما يمنعنا من رجمك إلا مكانة قبيلتك عندنا وإكرامهم لنا وعزّتهم علينا "وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ" فأنت محقّر عندنا هيّن على نفوسنا فلا يُعجزنا رجمك ولا يشتد على نفوسنا إن فعلنا ذلك. فنبّههم أنّه لا يملك لهم نفعا ولا ضرا وأنّه لا ينتصر لنفسه إنّما ينتصر للحق وما هو عليه السلام إلا رسول قد خلت من قلبه الرّسل فتحسّر على ردّهم القبيح واستهانتهم بالله عز وجل فلم يقدروه حق قدره بل اتخذوه وراءهم ظهريّا , فقال عليه السلام : " يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" أي: تراعوني لأجل قبيلتي وعشيرتي ولا تراعوني بأنّي رسول من الله فلا تخافون من بطشه وعقابه فصار رهطي أعزّ وأكرم عليكم من الله عز وجل؟! فنبذتم أمر الله وراء ظهوركم متهاونين به تسخرون غير مبالين ولا تخافون من نقمته وغضبه فيحلّ بكم عذاب غير مردود. ثم قال عليه السلام :" إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" فهو سبحانه لا يخفى عليه من أعمالكم شيء وسيجازيكم عليها يوم ترجعون إليه. خطاب شعيب عليه السلام وفيه : التّغليظ بالوعيد لمخالفيه وتثبيت المؤمنين الذين اتّبعوه ولمّا علم من قومه المعاندة وردّ النّصيحة توعدّهم وهددهم وغلّظ عليهم بالوعيد قائلا : "وَ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ " أي : ان كنتم صادقين في دعواكم فاستمرّوا عليها وعلى ما أنتم عليه من الشّقاق والصدّ عن سبيل الله تعالى وأمّا أنا فسوف أمضي في دعوتي لقومي ولا يضرّني مخالفتكم لي وتهكّمكم وازدراؤكم لنبيّكم , فسوف تعلمون لمن تكون له عاقبة الدّار فيُلحق في هذه الدّنيا بعقاب من عند الله عز وجل ثمّ هو يوم القيامة من المقبوحين المذمومين المدحورين فارتقبوا ما يحلّ بكم من نقمة الله عز وجل وعذابه فإنّه لا عاصم يومئذ من أمر الله إلاّ من رحم , وأمّا انا فارتقب نصر الله عز وجل ووعده بأن يظهرني عليكم وينجّني من عملكم ومن مع من المؤمنين. وخاطب شعيب عليه السّلام قومه جميعا, المؤمنين منهم والكافرين قائلا: "وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ " فأوصى عليه السّلام أتباعه المؤمنين بالصبر على ما هم عليه من الإيمان وتحمّل الأذى من قومهم وثبّت قلوبهم بوعد الله عز وجل له بأن يحكم بينهم فيُهْلك المخالفين ويُنجّي المؤمنين ويمكّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ويبدلهم بعد خوفهم أمنا , ثم ذيّل عليه السلام بالثّناء على الله عز وجل بأن حكمه عدل محض لا يحتم الظلم , فهو خير الحاكمين وأوفى الواعدين. شعيب عليه السّلام ينافح عن أتباعه المؤمنين وكعادة من لزمته الحجّة فأفحمته وقلة حيلته في المناقشة والمحاورة لجأ قوم شعيب إلى الشدّة والقوّة والسّلطان وخافوا أن تظهر دعوة شعيب بينهم فيكثروا أتباعه فعدلوا إلى التهديد بإخراج شعيب عليه السّلام ومن معه من المؤمنين من بين ظهورهم إن لم يتركوا ما هم عليه ويعودوا إلى ملّة الآباء والأجداد من الإشراك بالله تعالى وعبادة الأوثان والإفساد في الأرض وأكّدوا هذا التّهديد والوعيد بلام القسم والنّون فقال الله عز وجل مخبرا عنهم: "قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا" وأنظر رحمك الله إلى خُبثهم وإصرارهم على الشرك بربّ العباد إذ أقسموا أن يُعيدوا قومهم إلى ملّة الكفر ثم توعّدوا من رّفض ذلك بالإقصاء من القرية, فانتصب شعيب عليه السّلام للمُحاجّة عن قومه فقال: "أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ" يَعني عليه السّلام بذلك : انّنا لن نخرج من هذه القريةِ أبدا حتّى يأذن الله لنا فإذا رأيتم أحدا منّا قد عاد إلى ملّتكم فاعلموا أنّه ما فعل ذلك اختيارا بل مضطرّا مُكرها وذلك لأنّ الإيمان إذا خالطته بَشاشة القلوب وضربت جذوره في أرض القلب نبتت شجرةُ المحبّة فلا يَرتدّ صاحبه أبدا فكيف لنا أن نّتبع ملّتكم ونحن كارهين لها فارّين منها ؟ ثم قال عليه السّلام : "قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ" أي: كيف بمَنْ تبيّن له الحق من الباطل ومَنَّ الله عليه بهدايته إلى الحقّ واجتباه أن ألحقه بركب أنصار رسوله وحبيبه شعيبا عليه السّلام وذاق حلاوة الإيمان أن يعود إلى الكفر والطّغيان. ونحن نُشهدكم إن رأيتمونا عدنا إلى ملّتكم بعد أن منّ الله علينا ونجّانا من شرّها نشهدكم أننا كاذبون مفترون على الله الكذب إذ كيف نجعل لله أندادا ونحن نعلم انّه هو سبحانهُ المنفرد بالخلق والمُلك والتّدبير ولم يكن له شريك في الملك. ثمّ بيّن عليه السّلام أنّ عودتهم إلى ملّة قومهم من المُحالات لما في قلوبهم من تعظيم الله عز وجل والإعتراف له بالعبودية وأنّ ما يدعون من دونه هو الباطل وأنّ الله هو العلي الكبير. فآيسهم عليه الصلاة السّلام من أن يستجيبوا لُمرادهم من وجوه عدّة , الأولى أنّهم كارهون لملّتهم مبغضون لها أشدّ البغض والثانية أنه أشهدهم إن اتّبعهم ومن معه فإنّهم من الكاذبين والثّالثة اعترافهم بفضل الله عز وجل عليهم إذ أنقذهم من ملّتهم فأظهروا لهم قوّة إيمانهم وحبّهم لربّهم. ولعلمه عليه السلام ومن معهُ أنّ ثبات القلوب على الحق إنّما مرجعه إلى الله عز وجل وأنّهم هم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد , ففوّض عليه السّلام الأمر إلى ربّه واستثنى قائلا : " وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا " فلا يُسأل عما يفعل جلّ وعلا فإنّ فِعاله لا تخرج إلاّ عن علم وحكمة وعدل فقد أحاط علمه كلّ شيء, وهذا من كمال إيمانهم وتأدّبهم مع ربّهم جل وعلا ثمّ قال عليه السّلام: "عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا" أي: عليه اعتمادنا في الثّبات على الحق والصبر على أذيّتكم لنا ومن توكّل على الله كفاه ويسّر أمور دينه ودنياه ومن كل شرّ نجّاه. دعاء شعيب عليه السّلام ربّه له ولقومه بالنّصر ثمّ توجّه شعيب عليه الصلاة والسّلام إلى ربّه بالدّعاء قائلا : " رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ" فدعا ربّه عليه السّلام بفتح من عنده فيه ينصر المؤمنين ويمحق الكافرين ويُظهر الحق ويُزهق الباطل, وختم دعاءه بالثّناء على ناصره ومولاه : "وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ" قال الشيخ عبد الرّحمن السعدي في التّفسير : "وفتحه تعالى لعباده نوعان: فتح العلم، بتبيين الحق من الباطل، والهدى من الضلال، ومن هو من المستقيمين على الصراط، ممن هو منحرف عنه. والنوع الثاني: فتحه بالجزاء وإيقاع العقوبة على الظالمين، والنجاة والإكرام للصالحين، فسألوا اللّه أن يفتح بينهم وبين قومهم بالحق والعدل، وأن يريهم من آياته وعبره ما يكون فاصلا بين الفريقين." هلاك المخالفين ونجاة المؤمنين ومع هذا صمموا على ما هم عليه من الكفر والعناد صدّ العباد عن سبيل الله المنزّه عن الأنداد , قال الله عز وجل عنهم: "وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ " فكأنّهم يبذلون النّصحية لقومهم بأن ما هم عليه هو الضّلال والخسران, وهذا من انتكاس عقولهم وتسويل الشيطان لهم إذ جعلوا توحيد الله العلي الكبير واتّباع الرّسل من الخسران والشّقاء ولم يعلموا أنّ الخسران الأعظم أن يلقى العبد ربّه وقد اتّخذ من دونه إلها يدعوه ويحبّه من دونه, أي خسران يوم يرون أنّ ما جاءت به الرّسل هو الحقّ فحينا يقولون "لو أن لنا كرّة فنكون من المؤمنين"... هيهات هيهات لما يشتهون. ولمّا اشتد الأذى والعناد وعظم البلاء جاء النّصر من ربّ السّماء فاستبشر المؤمنون وحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا يعملون , فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ...قال الله عز وجل مخبرا عمّا أصاب قوم شعيب ما أصاب : "فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ " وقال جل وعلا :" فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ" وقال عز وجل: "وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ" فذكر سبحانه تعالى في الأعراف أنه رجفة ، وذكر في هود أنه صيحة ، وذكر في الشعراء أنه عذاب يوم الظلة , والجمع بين هذه الآيات أن يُقال ما قاله ابن كثير رحمه الله في تفسيره قال : "وقد اجتمع عليهم ذلك كله أصابهم عذاب يوم الظلة وهي سحابة أظلتهم فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم ، ثم جاءتهم صيحة من السماء ، ورجفة من الأرض شديدة من أسفل منهم ، فزهقت الأرواح ، وفاضت النفوس ، وخمدت الأجسام" قال الشيخ عبد الرّحمن السّعدي رحمه الله تعالى : "ثم قال تعالى ناعيا حالهم "الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا" أي: كأنهم ما أقاموا في ديارهم، وكأنهم ما تمتعوا في عرصاتها، ولا تفيئوا في ظلالها، ولا غنوا في مسارح أنهارها، ولا أكلوا من ثمار أشجارها، حين فاجأهم العذاب، فنقلهم من مورد اللهو واللعب واللذات، إلى مستقر الحزن والشقاء والعقاب والدركات ولهذا قال: "الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ" أي: الخسار محصور فيهم، لأنهم خسروا دينهم وأنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين ... فحين هلكوا تولى عنهم نبيهم شعيب عليه الصلاة والسلام وَقَالَ معاتبا وموبخا ومخاطبا بعد موتهم: "يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي" أي: أوصلتها إليكم، وبينتها حتى بلغت منكم أقصى ما يمكن أن تصل إليه، وخالطت أفئدتكم وَنَصَحْتُ لَكُمْ فلم تقبلوا نصحي، ولا انقدتم لإرشادي، بل فسقتم وطغيتم. "فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ" أي: فكيف أحزن على قوم لا خير فيهم، أتاهم الخير فردوه ولم يقبلوه ولا يليق بهم إلا الشر، فهؤلاء غير حقيقين أن يحزن عليهم، بل يفرح بإهلاكهم ومحقهم. فعياذا بك اللهم من الخزي والفضيحة، وأي: شقاء وعقوبة أبلغ من أن يصلوا إلى حالة يتبرأ منهم أنصح الخلق لهم؟." استشهاد السلف الصالح بأقوال شعيب عليه السّلام أخرج الإمام أحمد في مسنده قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَزْرَةَ عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ الجَزَّارِ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَتْ أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تَنْهَى عَنْ الْوَاصِلَةِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَتْ أَشَيْءٌ تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَمْ سَمِعْتَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَقَدْ تَصَفَّحْتُ مَا بَيْنَ دَفَّتَيْ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ الَّذِي تَقُولُ قَالَ فَهَلْ وَجَدْتِ فِيهِ مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ إِلَّا مِنْ دَاءٍ قَالَتْ الْمَرْأَةُ فَلَعَلَّهُ فِي بَعْضِ نِسَائِكَ قَالَ لَهَا ادْخُلِي فَدَخَلَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ فَقَالَتْ مَا رَأَيْتُ بَأْسًا قَالَ مَا حَفِظْتُ إِذًا وَصِيَّةَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ) وقَالَ عُثْمَان بْن أَبِي شَيْبَة حَدَّثَنَا جَرِير عَنْ أَبِي سُلَيْمَان الضَّبِّيّ قَالَ : كَانَتْ تَجِيئنَا كُتُب عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز فِيهَا الْأَمْر وَالنَّهْي فَيَكْتُب فِي آخِرهَا وَمَا كُنْت مِنْ ذَلِكَ إِلَّا كَمَا قَالَ الْعَبْد الصَّالِح " وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاَللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت وَإِلَيْهِ أُنِيبُ". | | عزيزي الزائر أتمنى انك استفدت من الموضوع ولكن من
اجل منتديات شبكة همس الشوق يرجاء ذكر المصدرعند نقلك لموضوع ويمكنك التسجيل معنا والمشاركة معنا والنقاش في كافه المواضيع الجاده اذا رغبت في ذالك فانا لا ادعوك للتسجيل بل ادعوك للإبداع معنا . للتسجيل اضغظ هنا . |
13 - 4 - 2015, 10:39 PM
|
#2 |
19 - 4 - 2015, 11:29 AM
|
#3 |
19 - 4 - 2015, 02:09 PM
|
#4 |
19 - 4 - 2015, 11:29 PM
|
#5 | قصة نبي الله شعيب
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
الأعضاء الذين قاموا بتقييم هذا الموضوع : 0
| لم يقوم أحد بتقييم هذا الموضوع |
تعليمات المشاركة
| لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة لا تستطيع الرد على المواضيع لا تستطيع إرفاق ملفات لا تستطيع تعديل مشاركاتك كود HTML معطلة | | | الساعة الآن 03:35 PM
| | | | |