المغالطات
المغالطة يقصد بها :
أن تعرف الحق وتحيد عنه لهوى في نفسك وبألفاظ أخرى:
قيام الشخص بعمل غلطة عند الإجابة على سؤال شخص أخر أو عند إقامة الحجة عليه
ومن أمثلة
المغالطات التي ارتكبها الكفار وذكرها الله في كتابه :
مغالطة تغيير المعنى :
نجد أمثلتها متنوعة منها أن إبراهيم(ص) للملك في عصره قال :
ربى يحيى ويميت
فاستهبل الملك وهو يعرف أن الإحياء يكون من العدم أو من الموت والموت هو خروج النفس من الجسد بطريقة عادية فغير معنى الإحياء إلى العفو عن القتلة أو الخونة وغير معنى الاماتة من الموت العادى إلى القتل ومن ثم قال :
أنا أحيى وأميت
وفى هذا قال سبحانه :
"ألم تر إلى الذى حاج إبراهيم فى ربه أن أتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربى الذى يحيى ويميت قال أنا أحيى وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذى كفر والله لا يهدى القوم الظالمين"
ونجد فرعون يصنع نفس الأمر فهو يعرف أن الله ليس بجسم ومن ثم لن يراه هو أو غيره ومع هذا أصر على أن يطلب من موسى(ص) الله المجسد سبحانه وتعالى عن ذلك حيث قال :
وما رب العالمين
وكانت إجابات موسى(ص) كلها عن أعمال الله وهى الخلق
وكان السبب في طلب إله متجسد هو إظهار موسى(ص) أمام الناس بمظهر العاجز عن الإجابة
وفى هذا قال سبحانه :
"قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين قال إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون "
مغالطة التعميم ويقصد بها :
أن ما ارتكبه فرد من غلط في رأى المتكلم يجعل كل عائلته أو أسرته أو شعبه متهم بأنه مثل الفرد الغلطان
نجد ذلك في اتهام قوم لوط (ص) لكل عائلة لوط(ص) بأنهم متهمون بالطهارة من ممارسة الكفر مع أن واحدة من العائلة وهى زوجة لوط(ص) من الكفار أنفسهم وفى هذا قال سبحانه :
" اخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون"
ونجد أن قوم فرعون من أجل طفل واحد كانوا يخافون من ظهوره في بنى إسرائيل كما قال سبحانه :
" "
طالبوا بقتل كل أبناء وهم أطفال بنى إسرائيل وقتلوا الأطفال بالفعل عدا الطفل الذى هدم ملكهم وهم الذين ربوه في بيت كبيرهم وفى هذا قال سبحانه :
"قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم "
مغالطة تكذيب الحواس :
المغالطة هي أن الكفار علموا بحواسهم ما يجعلهم يصدقون الرسول أيا كان ومع هذا كذبوا ما علمته حواسهم ومن أمثلة ذلك في كتاب الله :
أن إبراهيم(ص) طلب من قومه سؤال الأصنام المتكسرة عمن كسرهم فلما فكروا عرفوا أن الإله لا يمكن أن يكون غير ناطق أي غير متكلم ومن ثم فهم على غلط فادح هو أنهم يطيعون كلام ينسب إلى من لا يتكلم فكيف أطاعوه ؟
ومع هذا بعد رجوعهم للحق تمسكوا بالإثم وهو أنه يعرف أن الأصنام لا تنطق وفى هذا قال سبحانه :
"قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون"
القوم هنا كذبوا حاسة السمع التي لا تسمع كلام من الأصنام
ونجد نفس الأمر تكرر في معجزات الرسل السابقين(ص) قبل خاتم النبيين(ص) فكل قوم رأوا الآيات المعجزات بأعينهم وتيقنوا أنها من عند الله ولكنهم استكبروا على تصديقها والمثال الواضح هو قوم فرعون عندما رأوا الثعبان يبتلع العصى والحبال ومع هذا لم يؤمن منهم سوى السحرة وفى هذا قال سبحانه :
"فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين"
مغالطة ربط العمل بشخص والمقصود :
أن القوم ربطوا بين وجود شخص ما وبين ما طلب فعله منهم وعندما غاب الشخص رفضوا عمل ما طلب منهم فعله حتى يرجع
وهذه العملية يسمونها :
الشخصنة
وهى ما صنعته بنو إسرائيل عندما ربطت عبادتها لله بوجود موسى(ص) حاضر معهم وتخلت عن عبادة الله عندما غاب عنهم موسى(ص)
وفى هذا قال سبحانه :
"ولقد قال لهم هارون من قبل إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعونى وأطيعوا أمرى قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى"
مغالطة الكاذب يصدق نفسه :
المقصود بها أن المغالطين عندما ارتكبوا عمل ما نسوا شيء في دليل اثباتهم ومن ثم لا يجدون إلا الإلحاح على كونهم صادقين وعلى كون من يثبتون له العمل لا يريد التصديق
أولاد يعقوب (ص) نسوا عندما أتوا بقميص يوسف (ص) تقطيعه وأتوا به سليما عليه دم كاذب والمفترض أن الذئب لن يأكله وقميصه سليم ومن ثم ألحوا على الأب أنهم أنه لن يصدقهم حتى لو كانوا صادقين وكرروا لهم نفس الأمر لاجباره على تصديقهم مع تكذيب عقله وظلوا يقولون هذا سنوات
وفى هذا قال سبحانه :
"وجاءو أباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون"
ومن الحكايات المضحكة في التراث أن أشعب الطفيلى سخر منه بعض الشباب فاخترع أمرا ليبعدهم عنه فقال لهم :
إن في بيت فلان عرس وهناك وليمة فاذهبوا
فصدقه الشباب وانصرفوا عنه ولكنه بعد فترة قال لنفسه:
أليس من الممكن أن يكون في بيت فلان عرس؟ سأذهب إلى هناك وذهب إلى بيت فلان الذى وصفه لهم مصدقا كذبته ولم يجد شيء ووجد الشباب عنده فأوسعوه سخرية منه
مغالطة رفض الدليل لأنه أتى ممن هو أقل حظا من متع الدنيا:
المقصود أن الغنى يرفض الحق وهو الدليل لأن الفقير أو أرذل القوم هو من أتى به أو آمن به
ويمكن تسمية ذلك مغالطة الاستكبار
ونجد قوم نوح(ص) كرروها له أكثر من مرة له حيث قال سبحانه :
"قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمى بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربى لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين"
وقال سبحانه :
"فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادى الرأى وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين"
مغالطة العاجز :
المقصود أن الإنسان عندما يعجز عن إيجاد دليل على صدق قوله يلجأ إلى تهديد صاحب الدليل بما يؤلمه ويخيفه ظنا منه أن القوة وهى القدرة على إيلام وإيذاء الأخر هي الدليل على صدقه هو
نجد ذلك في تهديد قوم نوح(ص) له بالرجم كما قال سبحانه :
"قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين"
وفى تهديد أزر لابنه إبراهيم (ص) بالرجم في قوله سبحانه :
أراغب أنت عن آلهتى يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرنى مليا"
وفى تهديد فرعون لموسى(ص) بالسجن كما قال سبحانه :
"قال لئن اتخذت إلها غيرى لأجعلنك من المسجونين"